“ما في دخان بلا نار”. هكذا علَّقت اوساط من اجواء الثامن من آذار على التسريبات الإعلامية في اليومين الماضيين حول تسوية معينة تقضي بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية وتسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة، مع استعداد حزب القوات اللبنانية لتأمين النصاب، فسمير جعجع، وفق تلك الاوساط، سبق ومهد لموقف من هذا النوع، من خلال تَكراره ان إقدام القوات على تعطيل النصاب سيقتصر على عدد محدد من الجلسات.
وعن بيان النفي الذي صدر عن القوات أمس، اشارت الاوساط المذكورة الى ان ماضي الاخيرة حافل بالتقلبات السياسية في هذا الاطار، متوقفة عند الامثلة التالية:
اولاً: عام 1989، ردَّ جعجع على سؤال عن موقف القوات من الطائف بسؤاله الشهير: “وهل تُسأل القوات عن موقفها؟”، موحياً بذلك أن الموقف البديهي هو الرفض، قبل ان يتبيّن لاحقاً أنها قدَّمت كل التنازلات في السياسة، ثم العسكر، لتمرير الاتفاق.
ثانياً: عام 2013، وعلى رغم الحملة السياسية الكبيرة التي اشتركت فيها مع التيار الوطني الحر لإقرار اقتراح قانون اللقاء الارثوذكسي الذي كان يؤمّن للمسيحيين انتخاب اربعة وستين نائباً من اربعة وستين، في فرصة تاريخية نادرة، بادرت القوات في اللحظة الاخيرة الى التراجع والتنازل، ليطير الاقتراح وتطير معه المناصفة التامة في التمثيل النيابي.
ثالثاً: عامي 2014 و2015، كرّر جعجع مراراً أنه لن يقبل بالعماد ميشال عون رئيساً، وأنه يرفض التسوية، مكرراً اتهامَه بأنه مرشح حزب الله و8 آذار، ليعود لاحقاً إلى تبني الترشيح والمزايدة أن لولا موقف القوات لما أمكن للجنرال ان يصل الى بعبدا.
لكن، في مقابل هذه القراءة، قراءة مغايرة لأوساط سياسية من أجواء فريق 14 آذار السابق، مفادها أن الموقف هذه المرة غير كل المرات. “فالموس وصلت للذقن”، ولاسيما على الصعيد الاقتصادي والمالي والمعيشي، ولم يعد بالإمكان تحت أي اعتبار ان تَسير القوات بمرشح متحالف مع حزب الله، يضاف الى ذلك الاعتبارات الاقليمية المعروفة التي يستند اليها جعجع. وتقتبس تلك الاوساط ما ورد في بيان القوات امس، حيث جاء فيه حرفياً أنها أكّدت مرارًا وتكرارًا موقفها الرّافض بشكل نهائي لا رجوع عنه لأيّ مرشّح رئاسيّ لحزب الله، مشددة على ان موقفها هذا يسري تماما على مرشّح الممانعة السيد سليمان فرنجية، وفق نص البيان.
على كل حال، في انتظار بلورة المواقف بصورة اوضح، عنوانان في صدارة الاهتمام في الاسبوع الطالع:
الاول، الجلسة الجديدة التي تعقِدها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي غداً خارج اطار الميثاق والدستور، تحت اعين افرقاء كان من المفترض ان يتخذوا موقفاً مغايراً.
والثاني، تَمسُّك ميقاتي بضرب استقلالية القضاء من خلال كتابه الشهير الذي يطلب فيه من الضابطة العدلية عدم التجاوب مع تحقيقات القاضية غادة عون.
وامام هاتين المخالفتين المرعبتين لأبسط اسس دولة القانون، يقف بعض المعنيين متفرجين، وبعض اللبنانيين صامتين، منشغلين بالهموم اليومية، وآملين خيراً في عودة المصارف عن اضرابها ولو لأسبوع، في غياب الحلول الجذرية للأزمة الكبرى.
مرَّ الشمال خصوصًا ولبنان عمومًا بقطوعٍ أمني بعدما نجحت شعبة ُ المعلومات في قوى الأمن الداخلي في كشف ملابسات خطف ِوقتل وإخفاء الشيخ الرفاعي، وتوقيف جميع المشاركين في الجريمة.
مرَّ القطوع الأمني لكن ْماذا عن القطوعاتِ الحكومية والتربوية والادارية والمصرفية التي تتساوى حظوظ ُتمريرها مع حظوظ ِعدم تمريرها .
حكوميًا ، جلسة ثالثة لمجلس الوزراء غدًا في السرايا الحكومية ، الجلسة الثالثة في ظل الفراغ الرئاسية لكن خفتت حملةُ الإعتراض عليها، في ظل عدم القدرة على التأثير على انعقادها.
مصرفيًا ، تعاود المصارف فتح َابوابها غدًا ، ولم يُعرَف ما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذُها لتلبية الشروط التي وضعتها والتي لها علاقة بإجراءات ٍقضائية تتعلق بما تتخذه النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون ، وربما يكون فكُّ الإضراب لأسبوع على علاقة بتسهيل دفع الرواتب.
تربويًا ، المدارس الرسمية تستمر مقفلة بسبب استمرار إضراب الأساتذة ، وهذا الإقفال اقترب من أن يشكِّل تهديدًا للسنة الدراسية لطلاب المدارس الرسمية.
في زمنِ الزلزالِ الطبيعي وما أحدثَه من مآسٍ في سوريا وتركيا ، نجا لبنانُ من كارثةٍ حقيقيةٍ معَ اصرارِ البعضِ على وضعِه على فالقِ الفتنِ في المنطقة ، فقد هزَّت قضيةُ اختطافِ الشيخ أحمد الرفاعي البلد، فسارعَ البعضُ من تجارِ الدمِ الى النبشِ وتحريكِ الغرائزِ المذهبيةِ لتحويلِ الجريمةِ الى زلزالٍ وطني.
حفلاتٌ من الكذِبِ والافتراءاتِ على وسائلِ التواصلِ الاجتماعي وبعضِ الاعلام ، ورقصٌ على الدمِ من قبلِ حفنةٍ من المأجورينَ الذين يقبضون على القطعةِ ثمنَ بثِّ سمومِهم ، ولو على حسابِ مصلحةِ وطن ، هؤلاءِ الذين لا تحركُهم غَيرةٌ على شعبٍ تَضرِبُ به الهزاتُ المعيشيةُ والاقتصاديةُ ليلَ نهار. فحمى الله لبنان، ولعنَ الله موقدي الفتنِ ومحرِّكيها.
في بغدادَ اخيراً حرَّكَ الزلزالُ البرلماناتِ العربيةَ بعدَ طولِ سُبات ، فحَطَّت عدةُ طائراتٍ في مطارِ دمشقَ الدولي تحملُ رؤساءَ وأعضاءَ وفودٍ شاركوا في مؤتمرِ الاتحادِ البرلماني العربي في العاصمةِ العراقية، الرئيسُ بشار الاسد استقبلَ الوفودَ مؤكداً أنَّ الزيارةَ تعني الكثيرَ بالنسبةِ للشعبِ السوري لانها تعطي مؤشراً على وقوفِ اشقائِه العربِ الى جانبِه وذلك قبلَ أن يَضُمَّهُم مجلسُ الشعبِ السوريُ في جلسةٍ برلمانيةٍ عربيةٍ تضامناً معَ سوريا في وجهِ الحصارِ ومحنةِ الزلزال . المناسبةُ كانت فرصةً لنقلِ تحياتِ الشعوبِ العربيةِ الى سوريا التي صَمَدت في وجهِ عدوانٍ عالمي ، والكلماتُ أكدت على ضرورةِ رفعِ العقوباتِ عن دمشق وعودةِ الجميعِ الى البيتِ العربي السوري، فماذا بعدَ خطوةِ البرلماناتِ العربية، هل تليها خطواتٌ اضافية ، أم تُطَوِّقُها الحكوماتُ بأوامرَ أميركية؟
بأوامرَ أميركيةٍ عُقدت قمةُ العقبة في سبيلِ حصارِ المقاومةِ في فلسطينَ عامةً وفي الضفةِ خاصة ، الا انَ رسالةَ الردِّ كانت متزامنةً معَ اللقاءِ في الاردن ، فمن قلبِ نابلس خرجَ مقاومٌ واطلقَ رصاصاتِه من مسافةِ صفر على اثنينِ من المستوطنينَ احدُهما جنديٌ سابقٌ في البحريةِ لتثيرَ العمليةُ بحراً من الترحيبِ الفلسطيني ، وسيلاً من ردودِ الفعلِ الصهيونيةِ التي تتحسرُ على نعمةِ الامنِ المفقود.
استَخرجت شُعبةُ المعلومات حقيقةَ الشيخ أحمد الرفاعي من حُفرةٍ بعُمقِ ثلاثةِ امتارٍ ونِصفِ المتر.. ورَفعتْها عن سطحِ أرضٍ محروقةٍ بالشائعات وموصولةٍ بصواعقَ من الفتن ومَن حَفَرَ الحُفرةَ لإبنِ عمِّه.. وَقَعَ فيها، وأَوقعَ معَه أربعةً آخرين من آل الرفاعي.. قبلَ أن يَستمِرَّ الجُناة في تنظيمِ حمَلاتٍ ضِدَ جهاتٍ وهميةٍ خاطفة فبصَماتُ الجريمة لم تَدُمْ أسبوعاً واحداً، حتى كانت كلُ عناصرِها شِبهَ مُكتملةٍ لدى المعلومات التي كَمّتْ أفواهاً تَنطُقُ بحروبٍ أهليةٍ ومذهبية وجاءتِ التفاصيلُ هدّامةً للأقاويل.. لكنّها أيضاً تَضمّنت روايةَ تصدّعاتٍ عائلية قادت إلى تخطيطٍ وإشرافٍ وتنظيم دامَ اكثرَ من شهر ووقْعُ الصدمة انّ ابنَ عمِّ الشيخ قَتَلَ القتيل.. حَفَرَ له عميقاً.. وكادَ يمشي في جِنازتِه بعدما تَخفّى في دورِ الباحثينَ عن الحقيقة والمطالبينَ بالقصاصِ العادل وابنُ العمّ يحيى الرفاعي هو رئيسُ بلديةِ القرقف.. لكنّه منذُ شهر شَغَلَ مَنصِبَ الرأسِ المدبّر لعمليةِ الخطفِ والقتل والدفن، واستَخدمَ آلياتٍ تابعة للبلدية في عمليةِ الطمْر وبعدَ تفتيشِ منزلِه عُثِرَ على مستودعٍ يَحتوي على كميةٍ كبيرة من الأسلحةِ المتوسطة والقذائفِ والذخائر والصواعقِ والمتفجرات التي تمّتْ مصادرتُها أما بلدةُ القرقف العَكارية وأهاليها المنكوبونَ بالحُزن وصدمةِ الأيادي المتورطة.. فقد شَيّعوا شيخَهم في مأتمٍ مَهيب، مطالبين بإعدامِ الجاني في ساحةِ البلدة وخَتَمَ الجُرحَ الطائفي والأهلي مفتي الجُمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.. داعياً أجهزةَ الدولة الأمنيةَ والقضائية إلى الإسراعِ في إنهاءِ التحقيقات وإنزالِ القِصاصِ العادل بحقِ الذين ارتَكبوا هذه الجريمة النكراء شاكراً الأجهزةَ الأمنية التي سارعت إلى كشفِ الجُناة ودرءِ الفتنة ووضْعِ حدٍ للشائعاتِ المرافقة لهذا الحدثِ الجَلَل ولجريمةِ عكار مَن يُفتي بتحريمِ ِدمِ العلماء وكرامتِهم وعِماماتِهم لكنْ.. هناك مُفتون ومُفتِنون سياسيون وحزبيون في جرائمِ الاعتداءات على الجديد والتي كَشفَ فَرعُ المعلومات عن واحدةٍ منها بالأمس وإذا كانتِ الاجهزة قد حَدّدت إسمين فاعلين فقط.. فإنّ الجديد هي محطةٌ وُضِعت في عينِ الاستهداف المركّز منذُ دعمِها ثورة 17 تشرين وهذا الاستهدافُ كان بقيادةِ الثنائي الشيعي أمل-حزب الله، والمناصرين والهَتّافين والناشطين والعاطلينَ عن العمل والجديد التي أُنشِئت بجهازٍ ضِدَ زلزالِ الداعمينَ للفساد والمانعينَ مَسارَ الاصلاح والتغييرِ الحقيقي غيرِ المزيّف.. سوف تستمرُّ في رسالتِها من فوقِ الرصاص والمولوتوف وقطْعِ البثّ والعقوبات التي يَفرِضُها الثنائي على جُمهورِه الذي يَثِقُ بما تُقدِّمُه هذه المحطّة دونَ سِواها فهنا, مقاومةٌ ضِدَ إسرائيل أياً كان الحزبُ الذي يقاتلها وقبل عقيدته كانت عقائدنا .. وسنبقى طالما هناك عدوٌ يحتلُّ الارض ويُهدِّدُ لبنان أما في همومِ الناس وثوراتِها وحَراكِها وبحثِها عن نظامٍ جديد منزوعٍ من عَتادِ الفساد.. فهنا الجديد, ولن تَلوِيَ أذرُعَنا الاعلامية أيُ طلَقاتِ نارٍ وتهديدٍ وعنتريات تَتظلّلُ حزباً وحركة، وتَمتطي جوادَ الجيوشِ الإلكترونية والدفاعُ عن حقوقِ الناس في وطنٍ وأرض، وعلى هذه الشاشة، يمتدّ الى فِلَسطينَ المحتلة.. حيث الطلَقات من ابناءِ الارض تَبني جيلاً من ثورةٍ نابلسية واعدةٍ بالحرية ونابلس اليوم هي بَوْصَلةُ الرد.. على جرائمِ احتلالٍ قَتلَ منذُ بدايةِ العام أربعةً واربعينَ فِلسطينياً، ويَعِدُ بالمزيد من الغزواتِ والاقتحاماتِ والاغتيالات وهذه الجرائم يَحتويها العربُ باجتماعاتٍ مغلّفة أميركياً، وبينَها اليوم اجتماعُ العقَبة الذي يُشكّلُ عقَبةً امامّ الحلَ وفرْضِ الضغوطِ على العدو فقد عُقِدَ اجتماعٌ أمنيٌ وسياسي فِلسطيني اسرائيلي لبحثِ الأوضاع في الأراضي الفِلسطينية ومنْعِ تدهورِها.. بمشاركةِ مُمثلين عن الأردن ومِصر والولاياتِ المتحدة وأكد الجانبان الفِلسطيني والإسرائيلي التزامَهما بكلِّ الاتفاقات السابقة بينَهما، والعملَ على تحقيقِ السلامِ العادل والدائم.. وجدّدا التأكيد على ضرورةِ الالتزام بخفضِ التصعيد على الأرض ومنعِ مزيدٍ من العنف لكن أينَ تُصرف هذه القرارات، وإسرائيل لم تُنفّذْ ايَ قرارٍ دوليٍ وأُمميٍ سابقاً؟ هو اجتماعٌ من شأنِه أنْ يَعطِيَ غِطاءً عربياً لإسرائيل المستمرة في سياستِها العدوانية بالنار وتوسيعِ المستوطنات اما في توسيعِ المِروحة العربية نحوَ سوريا، فقد خَطا البرلمانيون العرب اليوم خُطوةً متقدمة.. معَ وصولِ وفدٍ من رؤساءِ البرلمانات العربية والوفودِ المشاركة في مؤتمرِ الاتحادِ البرلماني العربي الى العاصمة السورية برئاسةِ رئيسِ مجلسِ النواب العراقي محمد الحلبوسي.. تلا ذلكَ الاعلانُ عن ارفعِ زيارةٍ مِصرية الى دمشق غداً، بوصولِ وزيرِ الخارجية سامح شكري.