سعد الحريري
تصوير عباس سلمان

رسالة جمهور الحريري: “إلى من يهمه الأمر”!

/ غاصب المختار /

صحيح أن الرئيس سعد الحريري لم يتفوه بكلمة سياسية علناً، خلال مشاركته في إحياء ذكرى استشهاد والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وصحيح أنه لم يقارب الأوضاع اللبنانية إلا بكلمة مقتضبة “الله يعين لبنان”. لكن تحفّظه في الكلام أمام جمهوره الكبير، سواء عند الضريح أو في “بيت الوسط”، حمل الكثير من المعاني، الشعبية أكثر منها السياسية، فيما تولى الجمهور إيصال رسائل سياسية عديدة “إلى من يهمه الامر”، في الداخل والخارج، أولها وأهمها أن الحريري ما زال الزعيم السياسي الأقوى في الطائفة السنّية على مساحة الوطن بلا منازع، وليس مجرد شخصية سياسية سنّية بارزة.

أما ما قاله الحريري أمام ضيوفه من السياسيين في الغرفة المغلقة، ومنهم وليد جنبلاط وقبله سامي الجميل، وقبلهما وبعدهما آخرون، فسيظهر سريعاً، حيث أن لا أسرار سياسية في لبنان ولا مجالس مقفلة على عيون الإعلام والمتابعين.
ضمّن جمهور الحريري رسائله إشارات واضحة إلى كلٍّ من:

– السياسيون الحاليون، لا سيما الذين ركبوا “موجة الحريرية” مع الأب والابن، واستفادوا منها، وتسلموا مراكز مهمة نيابية ووزارية وإدارية واقتصادية ومالية من خلالها، واغتنوا منها، ثم طعنوا الحريري في ظهره، فأدار الجمهور ظهره لهم في الانتخابات النيابية وفي التعاطي اليومي.

– سفراء الدول العربية والأجنبية، الذين كانوا حتى الأمس يبحثون عن بديل للحريري يملأ الفراغ، فوجدوا في مناسبة 14 شباط 2023 أن لا بديل له، لا في الطائفة ولا على مستوى الوطن، وأن التعاطي مع غيره في الشؤون السياسية والعامة لا يوصل إلى نتيجة مجدية.

– المهتمون بالشأن العام، بأن رجل الانفتاح والحوار والاعتدال والوسطية الحقيقية هو سعد الحريري، وأن الحوار مع غيره من نواب وسياسيين تحت أي إسم، غير مجدٍ، لأنه لا يمثل الشريحة الكبرى للطائفة السنية وللمؤيدين من طوائف أخرى وهم كثر.

– وأخيراً إلى الجميع، بأن اعملوا على تسهيل وتيسير عودة الحريري إلى العمل السياسي لتستقيم الحياة السياسية أكثر باستعادة التوازن السياسي التقليدي، ولو اعترض عليه كثيرون، فهذه طبيعة لبنان، وقد ظهر أن اختلال التوازن الطائفي والسياسي في بلد هشّ وهجين كلبنان يؤدي إلى أزمات كبرى… إلى حين بناء الدولة المدنية العادلة.

على هذا، يتم قياس الأحجام السياسية في لبنان، فغياب كتلة تيار “المستقبل” عن البرلمان لم يعوضه وصول نواب سنّة ومسيحيين، مستقلين أو حزبيين أو تحت عباءات أخرى، ولو أن للبعض تأثيرهم الشعبي في محيطهم ومناطقهم، بدليل عدم قيام كتلة نيابية سنية وازنة ومؤثرة.
فهل وصلت هذه الرسائل؟ وكيف سيتم التعاطي معها؟