/ مرسال الترس /
بات اللبنانيون على قناعة تامة أن الكتل النيابية ومن ورائها الزعامات يدورون حول أنفسهم، لأن كلاً منهم متشبث بمواقفه من الاستحقاق الرئاسي، وغير مستعد للتراجع ولو خطوة واحدة إلى الوراء، من أجل دفع هذا الاستحقاق المحوري إلى الأمام.
كثير من الأفرقاء في لبنان، الذين بنوا أبراجاً وهمية مما سيأتيهم من الخارج، لمسوا لمس اليد، وبالوقائع، أن ذاك الخارج الذي تمثّل باجتماع باريس الخماسي، قد أصبح بعيداً عن مقاربة التعقيدات اللبنانية، رافضاً الذين يتقنون “النقّ والدّس” بحق إخوانهم في المواطنية. وبات شبه واضح أن المحور الاساسي من هذا الخارج الغارق في الحرب الاوكرانية حتى أذنيه، ويترقب لها تطورات مقلقة في الربيع المقبل، قد يفسح بالمجال للداخل اللبناني شهراً إضافياً، هو آذار، “الهدار في تسميات الشتاء اللبناني”، لحسم أموره، إن في الاستحقاق، الذي بات محورياً للخروج من المأزق، أو ما سيليه من تشكيل حكومة قادرة على تمرير الاصلاحات، وإلاّ فعليه أن ينتظر الأسوأ وطول الفراغ.
واستناداً إلى هذه المعطيات، مضافاً إليها أن أياً من أفرقاء الخارج المؤثرين لم يشأ الدخول في مؤشر الأسماء المتداولة، ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية. زائد أن قائد الجيش العماد جوزاف عون يحتاج إلى تعديل دستوري ليصبح مرشحاً منافساً في حقل السباق إلى قصر بعبدا. فيستنتج المراقبون أن أي تأخير في هذا السياق يصب حتماً لصالح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الذي يتكئ على داخل صلب، في حين أن العديد من المرشحين ينتظرون إشارات خارجية محددة.
في هذه الأثناء، استفاد فرنجية بشكل واسع من الحركة التي أرادها البعض في محيط بكركي، والتي تلمست أن الفريقين المسيحيين الأبرز، “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، يرغبان بـ”زحلقتها” على ترتيب يقول بإجراء استفتاء مباشر على أسماء محددة داخل أي اجتماع للنواب المسيحيين تحت قبتها، الأمر الذي لن يكون بالتأكيد لصالح الزعيم الزغرتاوي. ولذلك ذهبت في تعليق الاجتماع لما بعد عودة البطريرك بشارة الراعي من أحدث رحلة إلى الفاتيكان، لأنه لا يرغب في أن يكون إلى جانب فريق مسيحي ضد، آخر بل على مسافة واحدة من الجميع.
ولكل ذلك، عاد الحراك ناشطاً بين “الثنائي التاريخي”، منذ نحو أربعة عقود على الأقل، وهما رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، اللذين يبرز كل منهما كامل الحنكة السياسية وقوة الاقناع لديه، لـ”سربلة” الطرف الآخر بها، وجلبه إلى حلقته. علّ هذه الحركة تنجح في إخراج الاستحقاق الرئاسي من قمقمه الداخلي. ولا حاجة لتفسير موقف كل منهما في أي اتجاه يرغب في من يكون جالساً على الكرسي الأولى في القصر الجمهوري. فالمواقف الأخيرة أفرزت زؤان المرشحين من القمح الجيد، ولا حاجة لترداد المعزوفة أن بري يدعم ترشيح فرنجية وجنبلاط يردد ثلاثة أسماء بدل رئيس حركة “الاستقلال” النائب ميشال معوض.