مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم الخميس 9 شباط 2023

وفي اليوم الرابع على الزلزال، خفتت أصوات الأنين التي كانت ومع مرور كل ثانية يسكت صوت عن الإستغاثة ويزداد معها ركام المباني وحشة، وساعة بعد ساعة تتحول المدن والقرى المنكوبة إلى أكوام حطام بلا حياة، ففي حين أحصت تركيا حتى الآن 16170 قتيلا جراء الزلزال معلنة حال الطوارىء في المناطق المنكوبة، سجلت سوريا سقوط أكثر من ثلاثة آلاف قتيل، أما عدد المصابين فناهز السبعن ألفا في البلدين.

ورغم قساوة المشهد يبقى للعناية الإلهية تدخلها فقد نجحت فرق الانقاذ العاملة في الميدانين السوري والتركي وبينها فرق إنقاذ لبنانية في الساعات الماضية في إنقاذ عدد المحاصرين تحت الركام بينهم أطفال وشيوخ.

وفيما شكا المتضررون من تأخر وصول المساعدات وعمال الاغاثة، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن أول قافلة مساعدات الى مناطق شمال سوريا منذ وقوع الزلزال عبرت الحدود التركية السورية اليوم عند نقطة باب الهوى، بما يعني أنها أول قافلة مساعدات تصل الى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، وفيما بدا أن العالم تأخر في التحقق من هول الكارثة، أعلنت دول عدة بينها فرنسا وبريطانيا عن ضرورة تقديم الدعم للشعبين السوري والتركي.

لبنان الذي ما زال يتابع البحث عن مفقوديه في المناطق المنكوبة في تركيا ظل تحت وطأة الهزات الارتدادية للزلزال، وما زاد الطين بلة انتشار الاخبار المفبركة حول الزلازل والهزات، وفي ضوء ما جرى ضخه في الايام التي تلت الزلزال من أخبار مفبركة مضللة عبر وسائل التو اصل وبعض وسائل الاعلام تركت آثارا مرعبة في نفوس الناس المتعبين أصلا، حذر وزير الإعلام زياد المكاري من نشر مثل هذه الاخبار، مشيرا الى ان الاعلام أمام مسؤولية مجتمعية وطنية في مكافحة المعلومات المفبركة ووسائل التواصل الاجتماعي مدعوة الى التحقق والتأني قبل النشر، مسميا غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث والأزمات والمجلس الوطني للبحوث العلمية – المركز الوطني للجيوفيزياء كمصادر حصرية للمعلومات المتعلقة بالزلازل والهزات.

وفي السياق، نشرت الأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع خطة الإستجابة الوطنية للكوارث والأزمات من قبل رئاسة مجلس الوزراء لمواجهة خطر أي هزة أرضية محتملة والإجراءات المتخذة.

وفي زمن الامدادات الاغاثية، قررت روسيا منح لبنان إمدادات مجانية من القمح والوقود بناء على نداء الحكومة اللبنانية وفق السفير الروسي في بيروت ألكسندر روداكوف ويجري الآن العمل على تنسيق نقل هذه الإمدادات.

وفي عيد شفيع الطائفة المارونية القديس مارون، كادت السياسة المحلية أن تغيب لولا زيارة نائب وزير الخارجية الايراني علي باقري الذي حث المسؤولين اللبنانيين على تقرير مستقبل البلد، بعيدا من التدخلات الخارجية. فيما حملت عظة العيد للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي دعوة للرجوع إلى هويتنا المارونية التي ترفض التقوقع والمصالح الضيقة كما قال الراعي.

البداية من سوريا واليوم الرابع على الزلزال.

مشهد ما بعد الزلزال، يلخص اليوم بالآتي: في تركيا يتكشف المزيد من الضحايا مع رفع المزيد من الأنقاض، والعدد كبير.

في سوريا المزيد من الضحايا والوضع أكثر تعقيدا للأسباب التالية: نقص في معدات رفع الأنقاض، نزاع بين مناطق النظام ومناطق المعارضة في موضوع صلاحيات تلقي المساعدات، ومواقف دولية تحاول التمييز بين النظام، المفروضة عليه عقوبات، وبين مناطق المعارضة التي تحاول أكثر من جهة دولية إدخال المساعدات إليها. النظام يدين الحصار، والمعارضة تتهم النظام بأنه يحاول الإفادة من الزلزال لفك الحصار. إدخال الزلزال في النزاع السياسي يفاقم معاناة السوريين في أي منطقة وجدوا فيها، سواء في مناطق النظام أو في مناطق المعارضة.

في لبنان عناوين الأزمات ما زالت على حالها، البارز منها الاجتماع الخماسي الذي انعقد في العاصمة الفرنسية، وفيما لم يصدر بيان عن المجتمعين، علمت الـLBCI أن سفراء الدول التي شاركت في الأجتماع الخماسي سيجولون الأسبوع المقبل على المسؤولين اللبنانيين لإطلاعهم على ما جرى في الاجتماع.

مصرفيا، يبدو أن الكباش سيشتد بين الحكومة والقطاع المصرفي، ففي معلومات خاصة بالLBCI المصارف تتجه الى الاقفال التام منتصف الاسبوع المقبل، هذا الموقف تبلور في مشاورات أجرتها المصارف مساء الاربعاء، وقررت على اثرها الانتقال من الاقفال الجزئي المنظم الذي بدأته الاثنين الى الاقفال التام. وهذا يعني عمليا، وقف كل العمليات المصرفية التي كانت تجري في ظل الاقفال الجزئي، ومنها وقف عمل ماكينات السحب ATM. ماذا سيكون رد فعل الحكومة؟ المصادر لم تشأ التعليق على القرار المرتقب للمصارف، لكنها أكدت أن الموضوع قيد المتابعة، وذكرت بأن وفدا من المصارف كان زار رئيس الحكومة، والاتصالات لم تنقطع حتى الساعة.

يوم رابع على النكبة التي حلت بسوريا وتركيا وروعت لبنان والمنطقة. المشهد ما زال على وجعه كيف لا وعداد الضحايا لا يهدأ وآخر أرقامه تشير إلى تجاوز عدد الضحايا العشرين ألفا. الهزات الإرتدادية هي الأخرى لا تستريح وقد وصل عددها في تركيا وحدها إلى أكثر من ألف ومئة وحلت آثارها في لبنان وفلسطين خلال الساعات القليلة الماضية. لا شك ان المشهد السوري- التركي مأساوي إلى أبعد حدود المأساة ما يتطلب مد يد المساعدة من الأشقاء والأصدقاء. لكن الازدواجية المقيتة التي يتعامل بها العالم الغربي مع الكارثة واضحة حتى حدود الوقاحة وخصوصا بالنسبة لسوريا.

من هنا انطلقت دعوات متنامية لرفع العقوبات والحصار عنها اسست لها خروقات واسعة لمفاعيل قانون قيصر المشؤوم الذي وقف عاجزا عن تقييد حركة التضامن مع دمشق. واذا كانت واشنطن قد اعلنت ان كل المناطق السورية مؤهلة لتلقي المساعدات الأميركية بناء على تقييم الاحتياجات فمن غير المشكوك فيه ان الاعتبارات السياسية والمصلحية ستكون هي العنصر الحاكم والحاسم. أما أوروبا فاستفاقت على مؤتمر للمانحين في آذار فيما الوضع الكارثي الناجم عن الزالزل لا يحتمل أياما وربما ساعات.

بالنسبة لفرق الانقاذ اللبنانية، فإنها تواصل عمليات الإغاثة، ومن بينها فرق كشافة الرسالة الاسلامية التي حققت نجاحات مشهود لها في البحث والانقاذ واغاثة المنكوبين. المبادرات اللبنانية لقيت استحسانا وتقديرا في سوريا عبر عنهما الرئيس بشار الأسد خلال استقباله الوفد الوزاري اللبناني الذي زار دمشق. وقد ثمن الرئيس السوري هذه المبادرات واعتبرها مميزة وعميقة بحسب ما أبلغ الNBN أحد أعضاء الوفد اللبناني الوزير هكتور حجار.

احتفل لبنان اليوم بعيد مار مارون، لكن بلا رئيس ماروني لكل لبنان، بفعل تعطيل الاستحقاق الرئاسي اللبناني، لا الماروني فقط، كما شدد النائب جبران باسيل اليوم من البلمند. فمن المسؤول؟

المسؤول اولا، هو كل فريق أو شخصية سياسية مسيحية ترفض التواصل، ولو في الحد الأدنى، لمحاولة التفاهم على مرشح أو مرشحين يلقون قبولا من جميع اللبنانيين.

والمسؤول ثانيا، هو كل طرف لا يزال متمسكا حتى اللحظة بمرشح يتحدى من خلاله سائر مكونات الوطن، إما عن جهل، أو عن ترقب لإشارة خارجية معينة لم تأت بعد، فالرئيس لا ينتخب بالتحدي، والوطن لا يحكم الا بالوفاق.

والمسؤول ثالثا، هو الشريك في الوطن، الذي يخطئ التقدير هذه الايام على المستوى الميثاقي، فيعتقد ربما بإمكان فرض رئيس على اللبنانيين، لا يحظى بتأييد وازن من كتل مسيحية أساسية، أسوة بما جرى ويجري بالنسبة الى رئاسة المجلس والحكومة.

احتفل لبنان اليوم بعيد مار مارون، لكن في ظل أزمة اقتصادية ومالية خانقة، ستضيف الى مآسيها الخطوة التي لوحت بها المصارف بالإقفال الكامل الأسبوع المقبل، على وقع تقصير رسمي فاضح في اقرار القوانين اللازمة وتطبيقها، وفي اتخاذ الاجراءات الآيلة الى التوصل الى خطة نهوض واتفاق مع صندوق النقد. احتفل لبنان اليوم بعيد مار مارون، والارض التى نشأ عليها القديس بناتها وابناؤها تحت الركام، فيما المجتمع الدولي يميز في إنسانيته المزعومة بين انسان وانسان وشعب وشعب.

مأساة كبيرة تدمي الانسانية، فيما آمال النجاة ضئيلة، تدفنها الساعات المتلاحقة تحت الركام على امتداد مئات الكيلومترات التي دمرها الزلزال التركي السوري. انها اكبر كوارث المنطقة بحسب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وتداعياتها مؤلمة وطويلة الامد كما توقع وزير الصحة السوري حسن الغباش.

في آخر احصاءات عداد الضحايا نحو واحد وعشرين ألف حالة وفاة وعشرات آلاف المصابين، وملايين المشردين، فيما الشاردون عن ابسط ضوابط الانسانية يواصلون الحصار المطبق على سوريا، والذي قالت عنه الامم المتحدة اليوم انه اكبر المعوقات امام عمليات الانقاذ.. فسوريا متضررة بشكل لا يوصف بحسب منسق الامم المتحدة “مصطفى بن المليح”، وهي لا تحظى بما تستحقه من عناية من ناحية الدعم والمساعدات، والتغطية الإعلامية الدولية مقارنة بتركيا، كما قال، داعيا كل الجهات – وخاصة العرب الى المبادرة، لان الوقت لا يحتمل الانتظار.

لبنان الذي حمل الى سوريا كل عبارات التضامن وما امكن من دعم رسمي وشعبي، قدرته سوريا قيادة وشعبا، وقوافل المساعدات من الدول الشقيقة والصديقة متواصلة على الدوام، وان كان حجم الكارثة في سوريا كما تركيا يحتاج الى مبادرة اممية تتخطى كل الحسابات السياسية لانقاذ ما امكن من ارواح تنازع تحت الانقاض، او تلك المرمية في عراء البرد والصقيع الذي لا يطاق.

وبصبر لا يطاق يعيش اهالي اللبنانيين المفقودين في تركيا ساعاتهم الصعبة، وتواصل وزارة الخارجية والجهات الرسمية العمل لكشف اعدادهم ومصيرهم. اما مصير الملفات الداخلية فمكشوف للجميع مع حالة المراوحة ومكابرة البعض الرافض لكل سبل الحوار لفك اولى العقد – اي ملء الفراغ الرئاسي . فيما سبل الاقتصاد تسد بكل اتجاه بالدولار الذي لامس الخمسة والستين الف ليرة على مسمع ومرأى اجراءات المصرف المركزي وحاكمه.

بهدوء وبلا مظاهر احتفالية لافتة مر عيد مار مارون هذه السنة. فالقداس السنوي في كنيسة مار مارون غاب عنه رئيس الجمهورية، لأن الشغور هو من يحتل الكرسي الماروني الاول في الدولة منذ ثلاثة اشهر و 9 ايام. ومع غياب رأس الدولة غاب الحضور الرسمي والسياسي، باستثناء حضور رمزي للاحزاب.

شبه الغياب الرسمي عوضه حضور اهالي ضحايا شهداء المرفأ، الذين اتوا بكل طوائفهم ليصلوا، وليتمنوا ان يصلوا الى الحقيقة، وليعرفوا من قتل ابناءهم ومن فجر عاصمتهم ودك اسسها. لكن، هل يمكن الحقيقة ان تظهر في ظل منظومة متحكمة ارتكب اركانها جريمة العصر، وتقف قوى بارزة منها خلف فضيحة النيترات وكل فضائح الدولة ؟

رئاسيا، ترددات لقاء باريس الخماسي لا تزال مستمرة. وبخلاف ما اشيع من ان لقاء باريس لم يبحث في الاسماء، فان مصدرا ديبلوماسيا في العاصمة الفرنسية كشف لل “ام تي في” ان المجتمعين تداولوا باسمي المرشحين الابرزين لرئاسة الجمهورية واللذين لم يعلنا ترشحهما رسميا، الاول مدني والثاني عسكري. وقد اتفق المجتمعون على ان المرشح الاول لا يستوفي المواصفات المطلوبة للمرحلة الحالية، في حين ان الثاني يملك هذه المواصفات. طبعا، هذا لا يعني ان الامور حسمت نهائيا، لكن الاكيد ان الصورة تتبلور شيئا فشيئا، والنتيجة النهائية قد تكون مرهونة بانعقاد اجتماع لوزراء خارجية الدول الخمس. فهل يكون للبنان رئيس قبل بدايات الصيف المقبل؟

واحدٌ وعِشرونَ ألفَ قتيل.. والزلزال لا يزالُ نَهِماً، لا يرتوي, يَرفعُ آلافَ الأجساد كالأرقام.. ويحاربُ أرواحاً تقاوِمُه تحتَ الركام/ وبأربعةِ أيامٍ من العزلة تستمرُّ عملياتُ رفعِ الأنقاض، والتي يَخرُجُ من باطنِ أرضِها بِضعةُ أطفالٍ أحياء، كأنّهم وُلِدوا الآن وبعُمرِ اليومِ الواحد/ وفي المكانيْن المنكوبين، تُركيا وسوريا.. فإنّ الوقتَ والحزنَ والانهيارات والهزّاتِ المتتابعة لا تَسمحُ بمرورِ الجِنازات، ولا بتأمينِ بيوتٍ دافئة للمشرّدين الذين توزّعوا على جَنَباتِ الطرق وداخلَ خِيَمِ الإيواء/ فالزلزال لم يَترُكْ جنباً يتّكئُ على جنب، وأضرارُه تحتاجُ إلى عُمرانِ السنين.. لكنّ انتظارَ ارتداداتِه أصعبُ من حدوثِها، لاسيما معَ ارتفاعِ موجاتِ المنجّمين في علمِ الزلازال والعارفين بالصفائحِ الأرضية/ ولبنان الواقعُ على فيالقَ زلزالية يَشهدُ على تخبّطِ الصفائحِ التحليلية وكَثْرةِ قارئي كفِّ الأرض.. وهم منذُ وقوعِ الكارثة الطبيعية يتمايلونَ كالهزّاتِ في توقعّاتِهم ويُجرون على اللبنانيين اختباراتٍ في الأعصاب/ غيرَ أنّ صوتاً من المهدّئاتِ العِلمية بَرزَ في الساعاتِ الماضية، معَ تطميناتِ الخبيرِ الجيولوجي طوني نمر أنْ لا داعي إلى حزْمِ الحقائب، وأنّ الأرضَ تحتاجُ من أسبوعٍ إلى عَشَرَةِ أيام لتعودَ إلى المستوى نفسِه الذي كانت عليه/ ولم تَجزِمْ أيٌ من الخبراتِ العِلمية بتوقّعِ موعدِ حدوثِ الهزّات او ترقُّبِ دُنوِّها.. وكلُ التنبؤاتِ في هذا الشأن مصدرُها غيرُ مستندٍ الى وقائعَ جيولوجية// وعلى الصفائحِ السياسية وقشرةِ الأرضِ المارونية.. فإنّ أركانَ الطائفة احتفَوا اليوم بعيدِ شفيعِ الموارنة، وقدّموا ما استطاعوا من زهدٍ وقداسةٍ وتنسُّك/ لكنّ الزعماءَ الموارنة “ما اهتزّوا”، وهم على استعدادٍ لإطالةِ أمدِ الشغور في الموقعِ الماروني الأول سنواتٍ إضافية، ما لم ينتزعوا حقوقاً ومكاسبَ ومواقع// قد يَخجل القديس مارون برعيتِه السياسية.. وربما قالَ لهم على بُعدِ ألفٍ وخمسِمئةِ عام: إنكم خرّبتم أرضاً وكِياناً وأفسدتم ما صنعتْهُ يدايَ الطاهرتان/ فإنْ اتفقتم تقاسمتُم البلاد.. وإنْ اختلفتم دمّرتموها في حروبٍ ونزاعات، وأوقعتم وطنَكم من شغورٍ إلى شغور/ وبعقديْن اثنين كان الفراغُ يتسيّدُ الرئاسة.. من عامِ ألفين وسبعة ثم ألفين وأربعةَ عَشَر، وصولاً إلى الفراغِ الثالث اليوم/ فبأيِ احتفالٍ تَستقبلون عيد مار مارون؟ وكيفَ ستُنقِذُ بكركي تشتّتاً مارونياً سياسياً لم تَقْوَ على جمْعِه في مناسبةٍ واحدة.