مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم الاربعاء 8/2/2023

بدا لبنان ، غداة الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا واهتزت لتردداته ذعرا كل المناطق اللبنانية، كأنه منخرط بالكامل في التداعيات والمآسي الدراماتيكية التي تسبب بها خصوصا في ظل تكشف وجود لبنانيين بين الضحايا والجرحى والمفقودين في كلا البلدين فيما سجل انخراط الحكومة والمؤسسات اللبنانية المختلفة في مد تركيا وسوريا بما امكن للبنان تقديمه رغم إمكاناته المتواضعة في أوضاعه المعروفة…

وفي هذا الاطار وصل وفد وزاري الى دمشق كان شكله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين السوريين تتناول الشؤون الانسانية.
وفي لبنان بدت الازمات السياسية مطبوعة بجليد مماثل للطقس الثلجي الراهن في غياب اي اشارة من الاجتماع الخماسي في باريس ما خلا رسائل تعرب عن القلق من الوضع الاقتصادي الحالي واهمية ايجاد حل للفراغ الرئاسي وضرورة توصل جميع الافرقاء اللبنانيين الى انتخاب رئيس توافقي يحظى باتفاق الفرقاء. وقد شهد الداخل حركة لقاءات موسعة في مسار الاستحقاق الرئاسي لتتقاطع عند نقطة واحدة فقط ضرورة انجاز هذا الاستحقاق في اقرب فرصة من دون اي ترجمة فعلية.

لم تستفق سوريا وتركيا من هول النكبة التي حلت بهما نتيجة الزلزال المدمر الذي ضربهما قبل ثلاثة أيام.
وبين ساعة وساعة يزداد عداد الضحايا مسجلا رقما يقترب من إثني عشر الف قتيل وخمسين ألف جريح.
أعمال البحث والإنقاذ تتواصل في ظروف مناخية ولوجستية صعبة رغم أن الكثير من الأشقاء والأصدقاء قد مدوا يد المساعدة بقدر الإمكانات ومن بينهم لبنان.
أما بالنسبة للمساعدات الدولية فقد كان أداء الدول الغربية مخجلا وأقل بكثير من حجم الكارثة ولا سيما في سوريا.
وإذا كان الزلزال قد حقق خرقا ما لقانون قيصر الجائر فإن ملف المساعدات الدولية على تواضعها إتسم باستنسابية مقيتة فيما العقوبات الأميركية على دمشق تعيق أعمال الإغاثة بحسب ما أعلنت الحكومة السورية.
من هنا جاءت دعوة الصين الولايات المتحدة لرفع العقوبات أحادية الجانب.
ومن هنا أيضا جاء حض المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف على توفير الإحتياجات الضرورية للمتضررين.
إلا أن من المفارقات الإيجابية التي انبلجت من قلب المأساة رصد عودة عربية من البوابة الإنسانية إلى دمشق عكستها إتصالات زعماء كالرئيس المصري والملك الأردني والسلطان العماني بالرئيس بشار الأسد.
في الشق اللبناني من الكارثة الناجمة عن الزلزال إنجازات حققها الفريق الإنقاذي اللبناني سواء في سوريا أو في تركيا.
وفي خطوة داعمة إنطلقت حملة فرق الدفاع المدني وسيارات الإسعاف التابعة لكشافة الرسالة الإسلامية إلى سوريا.
على مستوى اليوميات الداخلية اللبنانية لا شيء بارزا سوى دعوةِ رئيس مجلس النواب نبيه بري هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع يعقد الإثنين المقبل وزيارة لافتة قام بها اللقاء الديمقراطي للمرشح الرئاسي ميشال معوض غداة إعلان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أن ترشيح معوض وصل إلى طريق مسدود.
وفي الاهتماعات اللبنانية أيضا وبعد اللغظ والخوف من حمولة الباخرة التي دخلت الى لبنان بالامس وانتشار معلومات عن وجود مواد نيترات الامونيوم على متنها أكدت وزارة الزراعة في بيان لها مرفق بنتائج الفحوصات التي اجريت على العينات وجاءت نتائج التحاليل المخبرية مطابقة لما هو مصرح عنه اي SULFATE الامونيوم وليس كما اشيع بانه نيترات الامونيوم.

ضحايا الزلزال تجاوز عددهم الاثني عشر الفا بين تركيا وسوريا ، والرقم مرشح للارتفاع لأن عمليات ازالة الانقاض مستمرة. والعمليات المذكورة قد تتأخر ، لأن فرق الانقاذ تعمل في ظروف مناخية سيئة جدا وفي جو من البرد القارص.

لبنانيا ، لم يتم حتى الان تحديد العدد النهائي للمفقودين لأن لا احصاء دقيقا لعدد اللبنانيين الموجودين في تركيا ، ولاسيما منهم الذين في رحلة سياحة او عمل . واليوم تم انقاذ باسل حبقوق وفاطمة زكريا ، فيما تحاول فرق الانقاذ انتشال الشاب الياس حداد .

في اي حال الساعات المقبلة حاسمة على صعيد انقاذ اللبنانيين العالقين تحت الانقاض ، وهم وفق الارقام المتوافرة اكثر من خمسة

سياسيا، الاستحقاق الرئاسي عالق ومعلق. فاجتماع باريس لم يؤد الى اي نتيجة عملية، حتى ان بيانا ختاميا لم يصدر عنه. وقد تردد ان ثمة اتجاها لاستكماله باجتماع ثان يكون هذه المرة على مستوى وزراء الخارجية.

على صعيد بكركي ، الاتصالات وصلت الى حائط مسدود، فالاجتماع الرباعي لاقطاب الموارنة سقط ، كذلك الاجتماع النيابي الموسع الذي يضم جميع النواب المسيحيين.

توازيا، الرئيس نبيه بري يعد العدة لعقد جلسة تشريعية يرجح ان تكون الخميس المقبل، وهو دعا مكتب المجلس الى اجتماع الاثنين المقبل. فهل يتمكن بري من تشريع عقد جلسات لمجلس النواب في غياب رئيس الجمهورية، تماما كما تمكن مع نجيب ميقاتي من تشريع عقد جلسات مجلس الوزراء؟

عند عداد الضحايا بدأ يستسلم العالم للمأساة التركية السورية..

كل الاعتبارات سقطت امام هول الكارثة التي تروي بعضها صور الدمار واشلاء الضحايا المنتشلين ومعاناة الناجين..

لكن الانسانية لم تنج بعد من هول الاجرام الاميركي الذي يضغط بقيصره على الركام فوق عائلات باكملها تحت منازلها في سوريا، مانعا فك الحصار لاتاحة وصول المساعدات ..

وامام هول المشهد تجرأ البعض وتخطى قيصر، فمشت قوافل المساعدات من اكثر من دولة عربية وعالمية، فيما أتبع الايرانيون والروس والعراقيون قوافلهم التي وصلت منذ اليوم الاول باخريات، وفرق انقاذ اضافية ومساعدات..

وبساعد انساني قطع اللبنانيون العوائق السياسية، فوصل وفد وزاري الى قصر المهاجرين في دمشق، حاملا كل تضامن لبناني ومبديا للرئيس السوري بشار الاسد كل مساعدة ممكنة، مجددين ما اعلنه وزير الاشغال علي حمية عن فتح المطار والمرافئ اللبنانية للمساعدات الدولية القادمة الى سوريا..

وبلغة الانسانية والواجبات الدينية والاخوية كان نداء الامام السيد علي الخامنئي وآية الله المرجع السيد علي السيستاني لدعم الشعبين المنكوبين في تركيا وسوريا ومساعدتهما وحكومتيهما في هذه المحنة، وهو ما رددته كتلة الوفاء للمقاومة التي اسفت للكيل بمكاييل المصالح السياسية -لا سيما تلك الاميركية – في هذه اللحظات الانسانية الصعبة..

ما تقوله الامم المتحدة ان اياما صعبة قادمة على السوريين والاتراك مع مرور الوقت الذي يضائل امكانية نجاة المفقودين، ولم تفقد فرق الاغاثة الامل، مسابقة الوقت ومتمكنة من انقاذ بعض الاطفال والعجز بأشبه بمعجزة بعد مضي ايام تحت الركام..

مشهد يفرض نفسه على كل المنطقة والعالم، وسيترك تأثيره بلا ادنى شك على شتى الملفات، لا سيما لبنان المنتظر على قارعة الفراغ الرئاسي والضياع الاقتصادي اشارات من اجتماع من هنا او اتصال من هناك. الا ان ما وصل من اجتماع باريس الخماسي لم يرق الى مستوى آمال البعض، فكل الكرات ترمى في ملعب السياسيين اللبنانيين الذين لا يزال بعضهم عند مكابرته برفض الحوار …

في وقت غابت المعطيات الأكيدة حول نتائج الاجتماع الباريسي الخماسي حول لبنان، الحوار الرئاسي المحلي بين المتعذر والمتعثر.
فالحوار بين المسيحيين في بكركي متعذر، بسبب موقفين سلبيين:
الأول، من القوات اللبنانية، التي تحاول تفادي اي التزام في انتظار اتضاح المؤشرات الخارجية، لتبني على الشيء مقتضاه، ومن هنا تلويح رئيسها بتعطيل النصاب منعا لوصول سليمان فرنجية، لكن تحت سقف محدد، هو عدد معين من الجلسات، قبل التسليم بالنتيجة، إذا كانت الأكثرية الداعمة لرئيس المردة صلبة، وفق تعبير سمير جعجع بالذات.
أما الموقف السلبي الثاني، فمن فرنجية نفسه، الذي يخشى الصورة التي ستتظهر حتما عن اي لقاء مسيحي مصغر او موسع، ومفادها ان تأييده المسيحي محصور بأعضاء كتلته الرباعية المركبة، وبعدد قليل جدا من النواب المسيحيين من خارج اعضاء الكتل المسيحية الرئيسية، والذين لن يتجاوز عددها عدد اصابع اليدين.
أما الحوار على المستوى الوطني، فمتعثر. والدليل، وصول الحركة التي قادها وليد جنبلاط في الاسابيع الاخيرة الى حائط مسدود، أقله راهنا، بشهادة ما ادلى به وائل بو فاعور اليوم بعد زيارة وفد من اللقاء الديموقراطي للمرشح ميشال معوض، الذي جدد التحذير من انفراط عقد مؤيديه الرئاسيين، حيث تأكد من احتماله خلال اللقاء مع الوفد الجنبلاطي.
هذا على المستوى المحلي. لكن، كم تبدو الخلافات السياسية اللبنانية صغيرة، أمام مشهد المأساة التي تتكشف ضخامتها يوما بعد يوم في سوريا وتركيا، بفعل الزلزال الذي اودى حتى الآن بأكثر من اثنتي عشرة ضحية.
وكم تظهر المماحكات الداخلية سخيفة، أمام أصوات المستغيثين، ونداءات المجروحين، المنبعثة من تحت الركام، أملا بالحياة.
وكم هي بلا معنى كل نكاياتنا الداخلية، وحرتقاتنا التاريخية، امام قلق اهالينا اللبنانيين وقهرهم، عل الخبر اليقين يبلغ مسامعهم، عن بنات وابناء، عن آباء وأمهات، عن وإخوة وأخوات وأطفال وأصدقاء، طمروا في لحظات، تحت الركام. واليوم، اكثر من خمس واربعين دقيقة استمر لقاء الوفد الوزاري اللبناني مع الرئيس السوري بشار الاسد الذي اعرب للوفد اللبناني عن تقديره لخطوة لبنان الاساسية، معتبرا ان بداية التحولات السياسية في المنطقة ستكون من بوابة لبنان. وأكد الأسد ان هذه الخطوة ما بين الجارين والبلدين الشقيقين لها وقع مميز جدا بالبعدين الانساني والسياسي، آملا في ان تكون فاتحة لعودة العلاقات السياسية الطبيعية بين البلدين. الوقد اللبناني ركز من جهته على أهمية التضامن، مشددا على ان العلاقات بين الدول لا تقوم فقط على المصالح والعلاقات السياسية، بل العلاقات الانسانية الاساسية وكان تشديد من الجانبين على ضرورة التضامن بين البلدين في هذه المرحلة لتجاوز تداعيات الزلزال المدمر، على ان يعاود التواصل بعد انتهاء عمليات الاغاثة لايجاد سبل حل ملف النزوح السوري، لا سيما ان المجتمع الدولي الذي تخاذل في تقديم الدعم الانساني لسوريا لمساعدتها بعد الزلزال، لا يساعد لعودة النازحين السوريين.

ينتظر اللبنانيون منذ ثمان واربعين ساعة، صدور بيان رسمي عن الخارجية الفرنسية يلخص مداولات مؤتمر باريس الذي ضم الى فرنسا، الولايات المتحدة، السعودية، قطر ومصر .

البيان المنتظر لم يعلن عنه رسميا من قبل اي من الدول المشاركة، ما يعني ان التعويل عليه غير منطقي.

اما ما يمكن انتظاره من المؤتمر، فسيظهر عندما يلخص تفاصيله سفير او اكثر ، اعتبارا من مطلع الاسبوع المقبل، للمسؤولين اللبنانيين، ومن بينهم ،رئيس مجلس النواب نبيه بري ،ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ، ومفاده : حل الازمة داخلي وشروطه معروفة .
على هذا الاساس ،لبنان ليس على خارطة التوقيت الدولي حاليا .

فرادارات العالم مشغولة بملفات كثيرة ، طغا عليها منذ الاحد الزلزال الذي ضرب كلا من تركيا وسوريا، تاركا وراءه 9057 ضحية في تركيا و 2662 ضحية في سوريا حتى الساعة .

تركيا وعلى لسان رئيسها رجب طيب اردوغان اعترفت بوجود ثغر في الاستجابة للزلزال، علما ان المساعدات الدولية تتدفق نحوها .

اما سوريا، المتروكة حتى الساعة، فطلبت المساعدة من الاتحاد الاوروبي , فيما دعت الأمم المتحدة حكومة دمشق إلى “وضع السياسة جانبا” وتسهيل إيصال المساعدات الى المناطق المنكوبة غير الواقعة تحت سيطرتها، لان الوقت لا يحمل الانتظار والتفاوض.

هذا فيما شكر الرئيس الاسد الحكومة اللبنانية، امام الوفد الوزاري الذي التقاه ،على الاجراءات العملية التي اتخذتها لتسهيل وصول المساعدات الى بلاده ، مؤكدا اهمية التعاون في مختلف المجالات بين البلدين .

زلزال الاناضول، ادخل سوريا وتركيا ومعهما الانسانية في سباق مع الوقت والاحوال الجوية، فيما ساعات الامل لمن علق تحت الانقاض، تكاد تنتهي.

هو السباق الآن على الدقيقة لسحب الارواح بقوة الانقاذ او سحبها الى السماء وبحسب التعريف العلمي فإن “الفترة الذهبية” ما بعد الزلزال بدأت تتقلص.. وفرص العثور على ناجين تخسر رهانها مع تقدم الساعات.

ولكن في اليوم نفسه ارتفع منسوب الأمل مع الطفل “كرم” الذي أخرج من تحت الأنقاض وراح يلاعب ويمازح رجال الإنقاذ..

وكأن أيامه تحت الركام كانت بالنسبة إليه كلعبة “الغميضة”، ضحكة الطفل كرم السوري ارتسمت على وجه والدة باسل حبقوق اللبناني الذي قام من بين الأموات.. ودعواتها لتكتمل فرحتها بنجاة رفيقيه محمد أحمد المحمد والياس الحداد وللناجين حكايات عن لحظات الرعب التي لم تنته بانتهاء الزلزال.. مع استمرار تسجيل الهزات الارتدادية في المناطق المنكوبة مرورا بلبنان، وصولا إلى فلسطين المحتلة حيث سجلت الضفة الغربية هزتين ارتداديتين في غضون أربع وعشرين ساعة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نزل أرض الزلزال..

ومن نقطته المركزية في كهرمان مرعش عاين حجم الكارثة الكبرى إلا أن حجم الكارثة في سوريا مضاعف بفعل التفكك الحربي والخضوع للحصار والعقوبات وزلزال عنتاب الذي قرب تركيا ثلاثة أمتار من الغرب، زلزل قانون قيصر وهزاته الارتدادية أعادت صفائح العلاقات اللبنانية السورية إلى موضعها فزار وفد وزاري خماسي العاصمة دمشق والتقى الرئيس السوري بشار الأسد الذي أكد أهمية التعاون بين البلدين، كل بحسب إمكاناته..

وقدم الشكر للإجراءات العملية التي قامت بها الحكومة اللبنانية من أجل تسهيل وصول المساعدات إلى سوريا. المنحى الإنساني للقاء الأول من نوعه بعد سنوات من القطيعة الرسمية بين البلدين.. جوبه بصوت النائب ابراهيم منيمنة المعارض، وعبر تويتر سأل: إن كانت الزيارة للإغاثة فما جدوى زيارة قصر المهاجرين؟

تغريدة خارج سربها.. في وقت بات كسر الحصار عن سوريا أكثر من محق ولرفع سيف العقوبات عنها ارتدادات على لبنان أقله في أزمة الطاقة التي يعانيها…

وإذا كانت زيارة الخماسي اللبناني هي لتقديم الدعم المعنوي في كارثة تركت تبعاتها على الإنسانية جمعاء.. فإن الاجتماع الخماسي الدولي على ملف لبنان الرئاسي انتهى من دون بيان، وضاعت قراراته بين الركام ولم يرسل عمال إغاثة سياسيين للحفر تحت ركام الخلافات السياسية المحلية وانتشال رئيس من بين الأنقاض وعلى ما تقدم.. فإن الزلزال وسع الفالق بين ميرنا الشالوحي وبنشعي وارتفعت نبرة المزايدة من التيار الوطني على تيار المردة فرأى باسيل في تغريدة سليمان فرنجية المحايدة هروبا من تسمية سوريا لغاية في خطب الود الرئاسي.