يدفع ارتفاع أسعار المحروقات بأصحاب سيارات الأجرة إلى البحث عن وسيلة نقل جديدة تكون أوفر في مصروف البنزين من السيارة. لم ينتظر سائقو التاكسي كثيراً حتى تحوّلوا باتجاه الـ”توك توك” الذي غزا العديد من المناطق الشمالية، وبالأخص محافظة عكار.
لا تجد في عكّار قرية أو بلدة إلا وصار لـ”التوك توك” موطئ دولاب فيها. ولئن كان وجود هذه العربة واسعاً في مناطق عكّار فإنّ ذلك لا يعني عدم وجودها في مناطق أخرى ولو بنسبة أقلّ، لا سيّما في طرابلس والبترون وغيرها. التحوّل نحو هذه العربة التي تسمّى في مصر بـ»تاكسي الغلابة» بدأ خلال السنتين الماضيتين مع بدء ارتفاع أسعار المحروقات، لكونها تحتاج إلى كمّية وقود أقلّ بكثير من السيارات العادية، ما دفع العديد من الشبان لشرائها والعمل عليها.
في البداية كانت أجرة التنقّل بالـ”توك توك”- أو «التكتك» بلهجة الناس شمالاً- أقلّ بكثير من أجرة التنقّل بالسيارة، فمثلاً كان المشوار بين قرية عكّارية وأخرى لا يتعدّى 10 آلاف ليرة قبل نحو سنة تقريباً، في حين كانت كلفة نفس المشوار بالسيارة 25 ألف ليرة، حينها كان سعر صفيحة البنزين بحدود 300 ألف ليرة لبنانية. استمرّت أسعار البنزين والمازوت بالارتفاع، فوصلت الأمور بين « التكتك» والتاكسي العادي إلى التساوي، حتّى أنّ بعض أصحاب «التكتك» يفرضون أحياناً أسعار نقل أكثر من السيارات بحسب تأكيد بعض المواطنين.
ولكن ما الذي يجعل الـ»توك توك» يعمل كوسيلة نقل شبه وحيدة لا سيّما في الأحياء الداخلية؟ يؤكد السائق علي الأسمر لـ”نداء الوطن” أنّ حركة النقل أصبحت تعتمد بشكل شبه تام على هذه العربات، فالسيارات والفانات لم يعد لديها عمل يذكر إلا على الطرقات العامة والطريق بين عكار وطرابلس».
أسعار عربات «التكتك» ليست سهلة هي الأخرى وقد يصل سعر العربة إلى ما يزيد عن 3 آلاف دولار أميركي، وصار لها معارض بيع في عكار، لكن ولأنّ مصروفها أقلّ يلجأ مواطنون عاديون لشرائها والتنقّل بها هم أيضاً.
أمّا جديد هذه الظاهرة فهو انتشارها على مفارق القرى والبلدات حيث يقودها شبانٌ صغار في السنّ بانتظار ايصال راكب من هنا وهناك. ينتقل عمر من بلدة ببنين إلى بلدة الجديدة في منطقة القيطع بالـ»توك توك»، وهو عسكري في الجيش، سألناه ما الذي يدفعك لتركب بهذه العربة طالما أنّ كلفتها لا تختلف عن السيارة العادية فأجاب: «في الحقيقة لم نعد نجد سيارة بسهولة، فكل «التكاسي» على مفرق ببنين «توك توك»، حتى أصحاب السيارات اشتروا من هذه العربات ويعملون عليها وإذا كنت تريد أن تصل إلى بيتك بسرعة ومن دون انتظار ركاب كثر «التوك توك» هو الحل».
ومع ظهور الـ»توك توك»، يعمد كثيرون إلى الإتصال بأصحابها للقيام بجولة بـ»تاكسي الغلابة» في الأحياء والتقاط الصور ونشرها على صفحات التواصل الإجتماعي. كذلك هناك من ينزعج من سيرها الفوضوي على الطرقات ما يتسبّب بحوادث كثيرة، خصوصاً وأنّ أغلب السائقين هم من صغار السنّ، علماً أنّ أي حادث محتمل سيشكّل كارثة لأنّ هذه العربات غير مرخّص لها.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أن أصحاب الـ»توك توك» قد دخلوا أخيراً على خط قطع الطرقات في المناطق بعرباتهم الصغيرة كلما ارتفعت أسعار المحروقات.
مايز عبيد – نداء الوطن