/ غاصب المختار /
“إذا فسد الملح فسد الطعام، فبماذا نملّح؟”… بهذه العبارة للسيد المسيح، لخّص مصدر قضائي بارز الوضع، بعد المواجهات التي جرت في وزارة العدل بين القضاة الكبار انفسهم، وبين وزير العدل هنري خوري وبعض نواب المعارضة، وبين اهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت.
يتابع المصدر القضائي: “ان هذا القول للمسيح ينطبق على القضاء، الذي اذا فسدت أحواله فسد كل شيء في البلد، فهو خشبة الخلاص الى جانب الجيش والقوى الامنية بعد تهاوي كل مؤسسات الدولة، وها هو الحصن الاخير يتهاوى”.
وبحسب المصدر القضائي “المتحفظ” على كشف الكثير من الامور، صوناً لما تبقى من هيبة القضاء والقضاة، فإن ما جرى من انقسام وخلافات ودعاوى واستدعاءات بين القضاة ليس مؤسفاً فقط، بل محزن وخطير، ولا بد من إيجاد حلول له بسرعة قصوى حتى لا يتفاقم أكثر ويذهب الى أمكنة أكثر خطورة.
وأكد المصدر القضائي ان “العلاج والحلول يجب ان تأتي من داخل الجسم القضائي نفسه وإبعاد كل الملفات القضائية عن التجاذبات السياسية الحاصلة، لا سيما ملف إنفجار المرفأ، طلباً للعدالة للضحايا وذويهم وللمخلى سبيلهم وما زالوا بتصرف التحقيق”.
وبحسب معلومات موقع “الجريدة”، حصلت نقاشات في أماكن أخرى، قضائية وسياسية وحقوقية، أفضت الى استنتاج، انه لا بد من وقف تسييس الملف ووقف ربطه بقوى سياسية داخلية، وجهات خارجية، تارة فرنسية وطوراً أميركية، والخطوة الاولى تبدأ بتنفيذ قانون استقلالية القضاء، وتغيير كل الطاقم القضائي الحالي بمن فيه المحقق العدلي طارق البيطار، واختيار طاقم جديد يُفترض حسب قانون استقلالية القضاء أن يتولى الجسم القضائي اختياره، وليس مجلس النواب ومجلس الوزراء، بناء لمواصفات ومعايير الكفاءة القانونية والخبرة والتجرد وعدم الارتهان، وذلك بعدما تشعبت كثيراً تعقيدات ملف المرفأ وملفات أخرى منها ملفات الفساد، ودخلت فيها الشعبوية مع السياسة مع المناكفات الشخصية مع الحسابات والمخاوف الشخصية نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية الحاصلة.
وبغض النظر عن صحة موقف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، أو المحقق العدلي طارق البيطار، أو رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، فإن ما وصل إليه وضع القضاء بات يفرض معالجات جذرية ليستقيم ميزان العدالة ويستقيم معه تدريجياً ميزان مؤسسات الدولة، بحيث أن ميزان العدل يُصحح الوضع الاداري في مرافق الدولة ويوقف الفساد بالملاحقات العادلة والمحاسبة من دون الالتفات إلى تأثيرات الإرتهان السياسي الناجم عن إخضاع بنية الجسم القضائي لسلطة السياسيين بالتعيينات القضائية، وقد عانى الجسم القضائي ما عاناه من خلافات السياسيين ورغباتهم في تعيين رؤساء المحاكم والمدعين العامين وغيرهم من محرّكي عجلة القضاء واستقامة ميزان العدل.