على طريقة سلوك الابطال في “الدراما العربية” أو “الرجال السوبر” في الأفلام الهوليوودية الاميركية، او الانقلابات، على تنوعها في العالم الثالث، شهد لبنان ما يشبه الانقلاب في ما خص قضية انفجار مرفأ بيروت، سواء في ما يتعلق بالمحقق العدلي أو الشخصيات التي أوقفت على ذمة التحقيق، أو الادعاءات ذات اليمين والشمال، والتي طاولت مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، الذي كان أمس نجم القرارات بكل الاتجاهات:
1- كف يد القاضي بيطار، والادعاء عليه امام الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
2- منعه من السفر بكتاب للمديرية العامة للامن العام.
3- اطلاق جميع الموقوفين على ذمة التحقيقات الجارية في انفجار المرفأ.
وليلاً، توجه أهالي الضحايا بعد اجتماع في مركز الجمعية الخاصة بهم إلى منزل مدعي عام التمييز عويدات احتجاجاً على قرارات إخلاء السبيل.
بصرف النظر عن قانونية ما يجري، لجهة الصدام القانوني بين المحقق العدلي والنيابة العامة التمييزية، فالثابت أنّ الموقف اتخذ أبعاداً جديدة، فرئاسة الحكومة طلبت وضع المدراء العامين، وبينهم مدير عام الجمارك بدري ضاهر بتصرف رئيس الحكومة، أما الموظفون من فئة أقل، فبتصرف الوزير المعني سواء أكان وزير المال او وزير الاشغال.
وأبدت مصادر سياسية لصحيفة “اللواء” تخوفها من انحدار الأوضاع نحو الأسوأ، بعد مصادمات السلطة القضائية التي أدّت إلى اعادة ملف التحقيق بجريمة تفجير مرفأ بيروت إلى الوراء، والى نكء جراح أهالي الضحايا من جديد، بعدما كانوا يأملون بتسريع خطى التحقيق بالملف إلى نهاياته في وقت قريب.
وقالت المصادر أنّ المنحى التصادمي الذي طغى على ملف التحقيق، أعطى انطباعًا وكأن هناك سيناريوهات ملتبسة، تؤشر بأن مسار القضية قد بلغ نهاياته بعد إطلاق سراح جميع الموقوفين على هذا النحو، ووضع العراقيل المتعمدة أمام استكمال باقي اجراءات التحقيق وتحديد المشتبه بهم بهذا التفجير الارهابي، الذي دمر جزءاً كبيراً من العاصمة بيروت وخلف مئات القتلى والجرحى، بالرغم من كل التطمينات العلنية، بأن الملف لن يقفل كما يظن البعض.
وأشارت المصادر إلى أنّه منذ بدايات التحقيق جرت عدة محاولات لتعطيله عمداً، من الجهات التي قيل إنّها وراء إدخال شحنة الامنيوم إلى مرفأ بيروت، وقد بلغت مداها بعد سلسلة من التهديدات ضد القاضي المعني بالتحقيق، قيام المسؤول بحزب الله وفيق صفا بزيارة قصر العدل ببيروت لهذه الغاية، ثم استتبعت هذه الواقعة بتظاهرات حزبية احتجاجية على ابواب قصر العدل، مالبثت ان تطورت الى إطلاق نار في منطقة الطيونة وعين الرمانة، اسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.
وشدّدت المصادر على أنّ تجميد عمل المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار من خلال دعاوى الخصومة التي رفعها العديد من المطلوبين للتحقيق، جمّد مرحليًّا مسار التحقيقات والملاحقات، بعدما فشلت كل محاولات ازاحة المحقق العدلي عن الملف بواسطة مجلس الوزراء او من خلال مجلس القضاء الاعلى، وكان بمثابة طي مرحلي ومقنّع للملف، تفاديا لمضاعفاته غير المحسوبة.
واعتبرت المصادر أنّ المحقق العدلي ارتكب خطأين جسيمين، أوّلها معاودة مهماته بالتحقيق بالملف، استناداً لمطالعة شخصية منه، وليس من خلال الأطر القانونية المعمول بها، بما يتجاوز صلاحياته، وثانيا ادعاءه على مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بالملف، وأيضًا خلافًا للقوانين التي تنظم عمل السلطة القضائية، وصلاحيات القضاة كل في موقعه، وكون القاضي عويدات، رئيس كل النيابات، في خطوة متهورة، أمّا بهدف إظهار نفسه وكأنه يختصر القضاء بشخصه، ولا سلطة قضائية فوق رأسه، أو لاستدراج ردات فعل سلبية تمهد لتجميد ملف التحقيق لمرحلة طويلة، وهو ما تحقق مبدئيًا.
وتساءلت المصادر عمّا إذا كانت الاجراءات القضائية المضادة التي قام بها مدعي عام التمييز ضدّ القاضي طارق البيطار، قد وضعت الأمور في نصابها، وساهمت في قطع الطريق على أي ردود فعل غير محسوبة من جانب الجهات الحزبية التي تعارض استكمال التحقيق بالملف من أي قاض كان، خشية انكشاف خفايا القضية، أن أنّ التصادم القضائي الحاصل، قد يؤدي إلى ردات فعل سياسية وشعبية، قد تكون لها تداعيات سلبية أكثر مما هو متوقع.