/فاطمة جمعة/
من المعروف أن لبنان يستورد البطاطا من مصر، لكنه بالمقابل، صدّر لها هذه المرة عدوى “الدولار”، الذي استحكم بعصب اقتصادها، فبدا أن المشهد اللبناني الكارثي ـ على مدى ثلاث سنوات ـ ينتقل إلى مصر في الآونة الأخيرة.
سجل سعر صرف الدولار في مصر اليوم الخميس، أكبر قفزة في تاريخ البلاد، فارتفعت أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري بقيمة 75 قرشا في ختام تعاملاته ونهاية التعاملات الأسبوعية، في البنوك المصرية.
تواجه البلاد شحاً غير مسبوق بالعملات الصعبة، وعلى الرغم من الودائع البالغة 13 مليار دولار، التي حصلت عليها القاهرة من الإمارات والسعودية وقطر، و3.3 مليار دولار أخرى المتأتية من مبيعات الأصول إلى الإمارات، ظلت العملة الأجنبية في حالة نقص شديد بالدولة التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على الاستيراد.
ووفقا لرئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، لا تزال هناك بضائع بقيمة 9.5 مليار دولار محتجزة في موانئ الدولة. من هنا ارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل القمح الذي تعد مصر أكبر مستورديه في العالم، كما زادت معدلات التضخم المالي.
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس في 22 كانون الاول الماضي، مما رفع سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى 16.25 في المئة، بشكل تجاوز توقعات المحللين وعكس القلق المتزايد بشأن التضخم وتراجع الجنيه، وفقا لمؤسسة الاستشارات كابيتال إيكونوميكس بلندن.
إلا أن اجراءات المركزي غير راضي عليها، بل وصف المصريون قراراته بالفاشلة، بالموازاة مع فشل باقي المؤسسات الحكومية في احتواء الازمة، حيث تستمر المجموعة الاقتصادية في الحكومة على نهجها القديم في معالجة الأزمات بالطريقة نفسها، وذلك باتخاذ قرارات مفاجئة وغير مدروسة، فيما طالب آخرون “بتنحيتها جانباً والمجيء بعقول اقتصادية إنتاجية يمكنها أن تقود دفة الاقتصاد المصري المتنوع والكبير إلى بر الأمان”.
من تداعيات الأزمة المصرية أيضاً، ارتفاع أسعار المحروقات، على غرار الوضع في لبنان. فقد كانت فاتورة دعم الوقود في الحساب الختامي لميزانية مصر 2021-2022 بلغت 59 مليار جنيه، بزيادة 212% عن السنة المالية 2020-2021 التي سجلت 18.9 مليار جنيه.
كما اعتمدت مصر سعر برميل النفط عند 80 دولاراً في ميزانية السنة المالية الحالية 2022-2023، من 75 دولاراً للبرميل قبل عام. وتستهلك مصر سنوياً نحو 12 مليون طن سولار، ونحو 6.7 مليون طن بنزين، بحسب أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن السنة المالية 2019-2020.
من جهتها، تتوقع الحكومة المصرية انتهاء أزمة الدولار في 30 حزيران 2023، على اعتبار أن لديها خطة مُحكَمة تعمل عليها أجهزة الدولة، لتوفير موارد بصورة غير تقليدية من النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة، وذلك من أجل تأمين الاحتياجات من النقد الأجنبي، لتمكين الاقتصاد المصري من التحرك بقدر من المرونة.
تتشابه مصر ولبنان أيضاً بعبء الديون المتراكمة، غير أن شعبي البلدين، لا يلبثون عن مجاراة الأزمة بالدعابات وروح السخرية، فكان إسقاط “أفيهات“ الازمة في لبنان، على الأزمة المصرية، حديث المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
(إيفيهات تعني باللكنة المصرية مشاهد مضحكة)