كتبت صحيفة “الرأي” الكويتية: بيار الضاهر إعلاميّ وسياسيّ محنَّك، براغماتي، مثقّف ومطّلع، مُسْتَشْرِفٌ للمستقبلِ الإعلامي وتقنياته وحبْكاته، مُواكِبٌ لكل ما هو جديد وحديث في عالم صناعة الحدَث الإعلامي بكل تقنياته وإتجاهاته، صاحِبُ رؤيةٍ إعلامية قلّ نظيرُها حاول كثيرون تقليدها. خاصَموه أم أحبوه، لا يمكن أن يكون بيار الضاهر رقماً عادياً في مجال الإعلام والسياسة وكلاهما يترافقان معه. وهو الذي خبِر أقسى أنواع المعارك السياسية والإعلامية حين وضعت السلطات الرسمية يدَها على إعلام لبنان.
الرجل الذي يتردّد إسمه اليوم كمرشحٍ رئاسي، سواء ممّن يحبونه أو ممن يعادونه، هو المرشح المفارقة في زمن ألاعيب السياسة، وهو حُكْماً واحد من المرشحين الأكفياء بشخصه ودوره وحضوره وخلفيته، آتياً من بيت عريق وصاحب خبرة متميزة، رافق لبنان في الحرب والسلم والإنهيار وتمكّن ان يعبر بمؤسسته إلى حيث بَرّ الأمان. لكن إسمه اليوم يصبح مرادفاً لمعركةٍ سياسية وهو الذي خاض معارك قضائية وسياسية ليس آخِرها معركته مع «القوات اللبنانية» التي خرجت منها مؤسّسته التلفزيونية. ويصبح كذلك مرادفاً لإبتزازٍ سياسي من حلفاء وخصوم بعدما صار في قلب الحدَث منذ أيام، وإن كان تردَّد اسمه قبل ذلك في صالونات سياسية متفرقة. فأي مرشح رئاسي هو: إعلامي وإداري ناجح، أم سياسي محنّك، أم كلاهما؟
ببراغماتيةٍ واضحة حمى الضاهر “المؤسسة اللبنانية للإرسال” والموظفين وجلّهم كانوا من مؤيدي «القوات اللبنانية» ونقَلهم إلى بر الأمان، وأصبح صديقاً لكبار سياسيي المرحلة الساخنة، فكانت المحطة التي يريد الجميع الظهورَ من خلالها، رؤساء جمهورية ورؤساء حكومة ومجلس نيابي ورؤساء أحزاب ونواب ووزراء، وسفراء وفنانين وأدباء وشعراء، تحوّلت المحطة وسيلتهم إلى الإطلالة الدائمة، فيما كان هو يصنع أحداثاً كما نواباً وسياسيين ويقدّم لهم شاشة عريضة وساعات بث تحوّلهم نجوماً.
حين تزوّج نجل بيار الضاهر جوي من داليا ابنة وليد جنبلاط، حُكي الكثير عن المصاهرة الدرزية – المارونية، وحين تزوّجت ابنة الضاهر من رئيس بلدية زغرتا – اهدن قيل كلامٌ عن مصاهرة زغرتاوية. ففي لبنان كل العلاقات العائلية تلعب دوراً في الحياة السياسية والعامة. ومع بدء الفراغ الرئاسي تردّد كلامٌ عن إحتمال طرح إسم الضاهر مرشّحاً توافقياً، وجاءت مصاهرته جنبلاط لتضع إسمه على لائحة الذين قد يدعمهم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وأتى اللقاء الأخير بين جنبلاط وباسيل في بيت الضاهر ليضع علامات إستفهام حول إحتمال ان يكون باسيل داعماً لمثل هذا الخيار. فبدأت التساؤلات حول مصير هذا الترشيح في حين تقف «القوات اللبنانية» موقفاً معارضاً في شكلٍ كلي، وأوساطها تحدثت سابقاً عن إبتزازٍ لتخييرها بين خياريْ فرنجية أو الضاهر.
يمكن ان يكون الضاهر الإسم الوحيد خارج التركيبات التقليدية بين سياسيين معروفين ومرشّحين بارزين. لكنه الإسم الذي يخلط بين السياسة والإعلام بين التقليد والحداثة وبين صناعة الحدث وتغطيته، يعرف الجميعَ ويعرفه الجميع، يعرف الخلفيات ويعرف ما وراء الكواليس، وهو غالباً ما يخرج من فضاء الإعلام إلى فضاء السياسة من دون تردّد. وليس سهلاً أن يَعْبر كل الأزمات بخطواتٍ واثقة وينجح حيث فشل الآخَرون.