بالاسهم النارية تم استقبالُ السنة ِ حديثة ِالعهد ساعاتُها الاولى ضوضاء ٌومفرقعات واحتفالات .. لكن أيامَها لا تنطبق بالضرورة على الشعاع الناري الذي لف الارض َوالسماء.
فمع تفتّح الشهور تبدأ اثقال ُالسنة ترمي بحمولِتها من الصراعات والحروب على مستوى العالم..والنكايات والتعطيل على الفرع اللبناني. ولم تؤسس سنة ُالالفين وعشرين لأيِ خطةٍ يتم استئنافُ مسارِها في العام الجديد , لا بل ان اللبنانيين يستكملون الطعنَ والحرب َوالاعتكاف َوالألفة َالمصطنعة في اجتماعاتٍ طبعت الشهرَ الاخير َمن السنة. وعمليا فإننا امام اثنين وعشرين زائدا واحدا على الصعيدين السياسي والاقتصادي وسنكرر بعضنَا واداءَنا ومعالجاتِنا للقضايا. اولى مراحل ِ استنئاف الاعتكاف ستكون مع جلسة انتخاب الرئيس في ساحة النجمة وحيالها اكد نائب القوات ملحم رياشي على وجود خطة “ب” رئاسية قد يَجري الإعلانُ عنها أواخر شهر كانون الثاني و”يجري العملُ عليها مع النائب ميشال معوض وباقي القوى الحليفة وقال رياشي للجديد عن انتخاب الرئيس إننا ” مطولين ومشكلتُنا هي مع ” الما حدا ” وايضا مع ” الي مش عارفين شو بدهن يصوتوا ” وهؤلاء من حلفائنا. اما نائب التيار الان عون فحدد الالويات : انتخاب ُرئيس جمهورية وعدم الانتظام وحكومة جديدة وبدء مسار التعافي لافتا الى اننا ذاهبون الى استحقاقات كبيرة اهمُها حاكمية ُمصرف ِلبنان واعتبر عون ان الحل قبل الشخص في كل هذه الاستحقاقات. لكن النائب الاشتراكي فيصل الصايغ وجد ان لا نتيجة واضحة مع التيار ولسنا في وارد تفاهماتٍ ثنائية وتركِ حلفائِنا معتبراً ان النائب جبران باسيل يناور في طرح الاسماء لحرقها وتصديقاً لرؤية الاشتراكي فإن مناورات ِ جبران وصلت الى بن سلمان واجرت معه محاكاةً رئاسيةً عن بُعد فعلى زمن الطوق السياسي لرئيس التيار خارجيا ومحليا مدّ جبران حبل َنجاة وارسل برقياتِ اعجاب لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وقال على صفحات اساس ميديا إنه ينظر بالكثير من التقدير والإعجاب الى سرعة ولي العهد وكسر الحواجز والقدرة والتطور والعمران والثقافة والمرأة وحرية الاديان اسس رئيس التيار لورقة تفاهم من جانب واحد مع المملكة والتي لم تدل برأيها بعد في الملف الرئاسي بانتظار اجتماع منتصف ِالشهر في باريس. ورسائل ُجبران كولي للعهد الى ولي العهد بقيت حبرا على ورق في وقت كانت اخر الابواب السعودية قد فُتحت فقط لرئيس تيارالمردة سليمان فرنجية ومن منافذ اتفاق الطائف ومؤتمر الاونيسكو الشهير./ واليوم فإن اسلحة باسيل الثقيلة هي ترسانة التعطيل .. من قرارات مجلس الوزراء السابقة والمراسيم الى اي اجتماع حكومي قد يدعو اليه الرئيس نجيب ميقاتي وصولا الى ضرب الاوراق البيضاء في جلسات انتخاب الرئيس./وكل هذا المسار يفترض ان حزب َالله هو مربض ُخيلِه والامتحان الاول للحزب سيكون في مدى تركِه الحصانَ مسرعا في الميدان .. فإذا أذن حزب ُ الله لجبران باسيل المضيَ في تعطيله سيرتد ذلك على الرئيس نجيب ميقاتي الذي سيكبل ولن يتمكن من عقد جلسة لمجلس الوزراء بغياب وزراء الحزب .. اما اذا اراد التحرر من اسر جبران فإنه سيهسل انعقاد َ الجلسة لتسيير الشؤون الحياتية للمواطنيين. وفي الحالتين .. فإن ابتزاز باسيل لحزب الله قد بدأ يثمر ُنتائجَ تباعد .. وتفاهم ما مخايل اصبح بتوصيف جبران ” واقف ع اجر وحدة ” وهي العبارة المستقاة من نهج بلاغة الحزب ضد اسرائيل هي علاقة بالرصاص السياسي الطائش .. كما الرصاص الذي لا يعرف ما اذا كان طائشا ليلة رأس السنة واصابت المطار ومدارجة وطائرتين للميديل ايست وقال رئيس مجلس ادارة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت للجديد ان هذا الامر يستلزم معالجة جذرية وليطبقوا القانون على مطلقي النار لانهم يفعلون فعلتهم .. ثم نشاهدهم احرارا من دون توقيف.
بتوقيت الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، انتقل العالم العربي من سنة 2022 إلى 2023، ومن على شاشة الـ LBCI التي نقلت مباشرة الحدث الكبير الذي يحدث للمرة الأولى في المملكة.
هو ليس مجرد حدث بل أمثولة أو درس أعطته المملكة إلى العالم العربي وإلى العالم أن بالإمكان صناعة الإطمئنان والإستقرار ليس بالسياسة فقط بل بالفن أيضًا، فإذا كانت السياسة ” فن الممكن ” فإن بالإمكان اعتبار أن الفن هو ” سياسة الممكن ” …
نجحت المملكة وكسبت الرهان بحناجِر ثلاثة عشر نجمًا ونجمة بينهم ثمانية لبنانيين، وهذا إنجاز يُحسَب للملكة وللبنان في آن.
فإذا كانت المملكة تفتح قلبها للنجوم، فإن لبنان نجح في تحويل هؤلاء النجوم إلى سفراء، ليس لبلدهم فحسب بل للفن اللبناني والحضارة اللبنانية والعراقة اللبنانية.
إنه الوجه الحلو للبنان، وجه الأغنية اللبنانية، والرياضة اللبنانية، والفن اللبناني، وهذا المثلث وصل إلى العالمية: من فرقة الميَّاس إلى كرة السلة، وأخيرًا وليس آخرًا حفل ” التريو” في الرياض، هذا ما يجب أن نتذكره من السنة الراحلة 2022 ، وليس فقط الفراغ الرئاسي والتعثر في انتخاب رئيس جديد للجمهورية وكباش الصلاحيات في الحكومة والغضب على انعقاد مجلس الوزراء والقفزات الهائلة في سعر الصرف بين الدولار الأميركي والليرة اللبنانية وشلل الإدارات الرسمية والتلويح بأن ينسحب ذلك على القطاع التربوي الرسمي.
يريد اللبنانيون أن يحفظوا من سنتهم الراحلة ليلَها الأخير لا أيامها على مدار السنة والتي كانت بمثابة ليلٍ متمادٍ لا بصيص نورٍ فيه.
ودَّعَ العالمُ ألفينِ واثنينِ وعشرينَ كلٌّ على طريقتِه ، الا أنَ العامَ الثقيلَ على البشرية ، أبى أن يرحلَ قبلَ أن يُسلّمَ خليفتَه جملةَ تحديات. ففي لبنانَ الغارقِ في الازمات، كانَ مشهدُ اليومِ الاخيرِ من العامِ الفائتِ في بحرِ الشمالِ خيرَ دليلٍ على ما ينتظرُ اللبنانيينَ هذا العامَ بسببِ الازمةِ الاقتصاديةِ المتفاقمة ، قواربُ موتٍ محملةٌ بأضعافِ سَعتِها تُبحرُ وسطَ أمواجٍ عاتيةٍ بحثاً عن لقمةِ عيشٍ كريمٍ على شواطىءِ اوروبا ، هرباً من شِباكِ حكامِ المال ، وطُعمِهم لاصطيادِ ما تبقى من قوةٍ شرائية ، ومن نرجسيةِ مسؤولينَ سياسيينَ يُحرقونَ كلَّ مراكبِ الحوار. فكيفَ السبيلُ الى سُترةِ النجاةِ الوحيدة ، الى الغازِ والنفطِ في المياهِ الجنوبيةِ في بلدٍ الفراغُ يَشغلُ فيه أعلى هرمِ السلطة ، وحكومتُه شبهُ مشلولة، والانقسامُ يَستحكمُ في مجلسِ النواب. ففيما خطةُ الكهرباءِ تنتظرُ الضوءَ الاخضرَ الحكومي ، فانَ دولاً بكاملِ سلطاتِها وقدراتِها تحذرُ من تردداتِ أزمةِ الطاقة ، فالرئيسُ الفرنسيُ يؤكدُ أنَّ أكبرَ تحدٍّ يواجهُ البلادَ في العامِ الجديدِ انقطاعُ التيارِ الكهربائي ، داعياً مواطنيهِ الى ترشيدِ الاستهلاك.
إيمانويل ماكرون شددَ على دعمِ اوروبا لاوكرانيا في الحربِ في دلالةٍ على استمرارِ الكباشِ بينَ روسيا والاطلسي ، وما يتركُه من تداعياتٍ اقتصاديةٍ على العالمِ باسرِه ، وعودةٍ الى سباقِ التسلحِ الذي وصلَ الى شبهِ الجزيرةِ الكورية، فزعيمُ كوريا الشماليةِ كيم جونغ أون دعا إلى زيادةٍ هائلةٍ في ترسانةِ بلادِه النوويةِ لشنِّ ضرباتٍ نوويةٍ مضادةٍ رداً على ايِّ اعتداءٍ أمريكي. العِداءُ الاميركيُ الذي واجهَه بكلِّ حزمٍ القائدُ قاسم سلمياني في المنطقةِ حتى الشهادة.
الامامُ السيدُ علي الخامنئي ولدى استقبالِه أسرةَ وأعضاءَ لجنةِ إحياءِ ذكرى الشهيد سليماني، اعتبرَ أنَ عملَ هذا القائدِ الكبيرِ أعادَ بث الروح في المقاومةِ ضدَّ الكيانِ الصهيوني ونفوذِ أمريكا ودولِ الاستكبار، وأنَّ الشهادةَ التي أوردَها السيد حسن نصرالله عن كفاحِ هذا الرجلِ العظيمِ نافذةٌ كبيرةٌ لفهمِ أهميةِ عملِ الشهيدِ سليماني على صعيدِ احياءِ المقاومة.
على المستوى الدولي، كان عام 2022 عام الحرب الروسية-الأوكرانية، بمجرياتها العسكرية، وخسائرها البشرية والمادية، وتداعياتها السياسية، وآثارها الإنسانية عموماً، والغذائية على وجه خاص.
أما على الصعيد الإقليمي، فكان عام مونديال قطر، وعام تعثر المفاوضات النووية واندلاع الاحتجاجات في ايران، وعام عودة بنيامين نتنياهو الى السلطة، على رأس تحالف قد يكون الأكثر تطرفاً في تاريخ الكيان الإسرائيلي الحديث.
وعلى الساحة اللبنانية، كان العام الذي مضى أمس، عام اتفاق الترسيم، الذي شكل هدية من الرئيس العماد ميشال عون الى اللبنانيين قبل نهاية ولايته الرئاسية، وعودته الى الرابية، محاطاً بآلاف المناصرين، ليكون أول رئيس لبناني يخرج من قصر بعبدا بزخم شعبي منقطع النظير.
غير ان العام المنصرم كان ايضاً في لبنان عام التمديد للمآسي تحت أكثر من عنوان: فراغ رئاسي، تخبط حكومي على وقع محاولات وقحة للسطو على الموقع الأول وصلاحياته، عجز تشريعي في اقرار القوانين البديهية، ليرة منهارة اكثر فأكثر يوماً بعد يوم، أموال مودعين منهوبة، فشل في تحقيق العدالة، بدءاً بانفجار المرفأ، وليس انتهاء بملفات الفساد، ناهيك عن الكوارث الصحية والتربوية والبيئية والاجتماعية على انواعها.
فماذا سيكون عليه العام 2023 دولياً واقليمياً ومحلياً؟
هل يكون عام نهاية الحرب الروسية-الاوكرانية، ام عام استعارها وتوسعها؟
هل يكون عام عودة الاتفاق النووي، ام عام التوترات المتنقلة المستمرة كترجمة مباشرة لتعليقه؟
وهل يكون عام انتخاب الرئيس والحكومة الجديدة والتشريع الجدي والنهوض الصحيح بلبنان بعد ثلاث سنوات على الازمة، وثلاثين عاماً على الخطايا المرتكبة في السياسة والاقتصاد والاصلاح والمال؟
على هذا الامل، نبدأ العام الجديد بكل تمنيات الخير والمحبة والسلام، لكل العالم كما للبنان.