“الأخبار”:‎ خبيصة العدليّة: لم يعُد معروفاً من طلبَ كفّ يدْ مَن‎!‎

كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : يواصِل القضاء مخالفاته. ليسَت المرة الأولى. لكن ما يحصل في ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت هو الأكثر ‏فظاظة. لم تنقسِم “العدلية” سياسياً، وحسب، بل طائفياً أيضاً. أكثر من ذلِك، هناك من لا يوفّر أيّ إطار للتغطية على ‏المخالفات القانونية منعاً للمسّ بالمحقق العدلي القاضي طارق البيطار. إنه “حزب البيطار” ويتصدّره رئيس مجلس ‏القضاء الأعلى سهيل عبود الذي استحالت ارتكاباته فوضى شاملة، حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه. جبل من ‏الدعاوى والدعاوى المضادة، لم يعُد معروفاً معها، من طلبَ كفّ يدْ مَن، ويدْ مَن كفّت يدْ مَن. الثابت الوحيد هو أن ‏التبليغات قائمة وطارق البيطار “تعطّل‎”.‎

فبعدَ يوم كامِل، أول من أمس، من سيل الشكاوى التي اجتاحت “العدلية” على إثر قرار القاضي حبيب مزهر كف ‏يد البيطار مؤقتاً، إلى حين البتّ بطلب ردّه المقدّم من الوزير السابق يوسف فنيانوس، والالتباس الذي حصل أخذت تطورات الملف منحى أكثر خطورة، ولم تعُد خطورته ‏محصورة بجريمة 4 آب، بل في كون هذه الجريمة كانت الطلقة التي أصابت الهيكل القضائي المتخلخِل في مقتله‎.

أمس بدأ نهار العدلية بدخول مجموعة “نون” النسائية قصر العدل في بيروت، والهرولة في اتجاه مكتب مزهر ‏من دون أن يعترضها أحد! فوضعت الملصقات والشمع الأحمر على القفل، وكانت لا تزال موجودة لحظة وصول ‏مزهر، فاصطدمت به ووجهت له انتقادات بسبب “مرجعيته السياسية”. لكن القاضي اختصر الكلام، وقال بأنه لا ‏يحقّ له التواصل معها من دون إذن الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت حبيب رزق الله‎.

وفور وصوله، تبلّغ مزهر من الوكيل القانوني للوزير المدعى عليه يوسف فنيانوس طلب مواصلة الإجراءات ‏والتبليغات، فكان ردّ مزهر بأنه وصله بالتواتر طلب ردّ ضده، وأنه سيتوقّف “احتراماً لقسمه القضائي” عن ‏متابعة أي إجراء إلى حين البت بهذا الطلب. حصلَ ذلِك قبلَ ساعة من تبلّغه رسمياً طلب ردّه‎.‎

كانت الدعاوى المقدمة قد بدأت تسلك طريقها الى التبليغ. ونتيجة يوم أمس جاءت على الشكل الآتي: كفّ يد ‏القاضي نسيب إيليا عن النظر بطلب رد القاضي البيطار. كف يد القاضي البيطار بعدَ تبلغه من قبل القاضي مزهر ‏بطلب الرد المقدم من فنيانوس. كف يد مزهر بعد تبلّغه من القاضي إيليا بطلب الرد المقدم ضده من “متحدون”. ‏كف يد إيليا وهيئة الغرفة 12 التي يرأسها عن طلب رد القاضي مزهر، بسبب دعوى ارتياب تقدّم بها الوكيل ‏القانوني لفنيانوس أمام محكمة التمييز المدنية تطلب نقل الدعوى المقدمة من “متحدون” من الغرفة الرقم 12، ما ‏يرفع يد الهيئة تلقائياً استناداً الى المادتين 119 و116 من قانون أصول المحاكمات المدنية. وحصيلة النهار أن ‏الجميع باتت يداه مغلولة بقيود الدعاوى‎.

وفوق ذلك، تقدم صباح أمس الوزيران المُدَّعى عليهما علي حسن خليل وغازي زعيتر بواسطة المحامي محمد ‏زعيتر بشكوى أمام هيئة التفتيش القضائي، ضد القاضيين ناجي عيد وروزين غنطوس، بتهمة مخالفة القواعد ‏والنصوص الآمرة والإلزامية الواردة فيها التي تلزم المحكمة إبلاغ الخصوم طلب الرد قبلَ البحث فيه شكلاً أو ‏أساساً. كما تقدّم الوزيران بشكوى مماثلة ضد القضاة جانيت حنا ونويل كرباج وجوزيف عجاقة (هيئة محكمة ‏التمييز، الغرفة الخامسة‎).

هذه المجموعة من الدعاوى وطلبات الرد، لا شكّ أنها أدخلت ملف التحقيقات في دائرة مفرغة وتعطيلية، بينما ‏ستتجه الأنظار الى هيئة التفتيش القضائي التي يرأسها القاضي بركان سعد، حيث أصبحَت لديها شكويان ‏إضافيتان. وطرح ذلك الكثير من علامات الاستفهام عن تعامل التفتيش مع هذه الشكاوى، والارتياب من ‏الاستنسابية تحت تأثير القاضي سهيل عبود وتدخله، وقد بدأ الهمس في أروقة “العدلية” بأن بصمات عبود ‏ستتظهر تباعاً، وأنه في حال استثناء أي من القضاة من الملاحقة أمام التفتيش فإن ذلك ىسيعقّد الأمور أكثر‎.

ولم يكُن ينقص حفلة الفوضى هذه سوى مطالعة المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان في الدعوى المقدّمة ‏من قبل خليل وزعيتر أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز لتحديد المرجع الصالح لرد المحقّق العدلي، إذ اعتبر قبلان ‏استناداً إلى نصوصٍ قانونية واجتهادات أن المجلس العدلي هو المرجع الصالح للبت في الدعاوى. صحيح أن هذه ‏المطالعة ليست ملزمة، لكن الأخذ بها ستكون له أيضاً تداعيات خطيرة، لكون رئيس المجلس العدلي هو نفسه ‏سهيل عبود الذي يقود جبهة الدفاع عن البيطار‎!‎