لا يبدو أن ما تبقى من أيام العام 2022 ستحمل اية انفراجات على مستوى ميلاد الحلول ، ولا سيما على مستوى الإستحقاق الرئاسي الذي يلفه حال من البرودة حاليا.
في عطلة عيد الميلاد، لم يسجل اي تطور واقتصر الأمر على رفع الأدعية والصلوات الصادرة عن المراجع الدينية المسيحية بما يتصل بالأزمة الرئاسية في ظل ضبابية المسارات التي ستسلكها مع بداية العام الجديد، مع غياب الإتجاهات الداخلية والخارجية.
في غضون ذلك بدا لافتا، ان البابا فرنسيس خص لبنان، خلال قداس الميلاد في الفاتيكان، إذا قال في عظته: ساعد يا رب لبنان ليتمكن من التعافي بدعم الجماعة الدولية وبقوة الأخوة والتضامن.
والى حملة الإفتراء والتضليل وتشويه السمعة التي تستهدف الطائفة الإسلامية الشيعية كان رد من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، اعتبر تحت ستار البرامج الساخرة هو يخدم المشروع الصهيوني، مطالبا الدولة بوضع حد للتفلت اللاخلاقي ومحاسبة متركبيه عبر القضاء.
والى الحوار على مستوى المنطقة، كشف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، عن احتمال عقد جولة جديدة من المباحثات الإيرانية السعودية في العراق، لافتا الى ان الحوار بين وزيري خارجية ايران والسعودية خلال قمة بغداد2 كان جيدا، ووصف كنعاني التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية السعودي بالإيجابية لافتا الى أن البلدين متفقين على استمرار العلاقات البناءة .
تترافقُ عطلةُ الاعيادِ معَ موجةٍ من البردِ والصقيعِ تُسيطرُ على لبنان، ما رسَّخَ حالةَ التجمدِ السياسيّ على مختلفِ الملفات، ورمَى ايَّ آمالٍ او محاولاتٍ باجتراحِ الحلولِ الى مطلعِ العامِ الجديد. وحدَه الدولارُ لا يعرفُ عطلةً ولا انتظاراً، ورغمَ زحمةِ الاعيادِ وما تشهدُه البلادُ من حضورٍ لافتٍ للسياحِ والمغتربين، وما يَعنيهِ من ضخٍّ للعملةِ الخضراءِ في الاسواق، الا انَ الدولارَ ما زالَ يُحلِّقُ بارقامٍ قياسيةٍ متخطياً السبعةَ والاربعينَ الفَ ليرةٍ لبنانية، مُسَعِّراً في اسواقِ اللبنانيينَ نارَ الغلاءِ التي تأكلُ العيدَ وافراحَه وما تبقَّى من قدرةٍ شرائيةٍ لدى بعضِ متوسطي الحال..
ولهذا فانَ الحالَ تَفرضُ رئيساً عاجلاً للجمهوريةِ حاملاً لاولوياتِ الانقاذِ الاقتصادي – كما قالَ نائبُ الامينِ العامّ لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حديثٍ لاذاعةِ النور، مُجدِداً ما هو ضروريٌ من ميزاتٍ كأنْ يكونَ مُجرَّباً بالسياسةِ وقادراً على التواصلِ معَ الداخلِ والخارج، ولا يَنحازُ ولا يَستفِزُّ ولا يَخضعُ لاملاءاتِ الخارجِ كما قال..
امّا ما تقولُه الكواليسُ عن الاجتماعاتِ واللقاءاتِ التي تَجري بطابعٍ اجتماعي، فانَ صداها بلا شكٍّ لن يبقى اجتماعياً، ومنها لقاءٌ عائليٌ جمعَ رئيسَ تيارِ المردة سليمان فرنجية ورئيسَ التيارِ الوطني الحر جبران باسيل على مائدةِ رجلِ الاعمالِ علاء الخواجة..
في تداعياتِ الاعمالِ العسكريةِ على الاراضي الاوكرانيةِ انخفاضٌ قريبٌ وخطيرٌ بقدرةِ الغربِ على “توجيهِ الاقتصادِ العالمي”،كما قال وزيرُ الخارجيةِ الروسيُ سيرغي لافروف، الذي رأى أنَ الغربَ سيكونُ مجبراً على التفاوضِ معَ روسيا، فلا نهايةَ للتاريخِ السياسيّ كما يقولُ مُفكِّرو الغرب، وانما توجهٌ اِلزاميٌ نحوَ عالمٍ متعددِ الأقطاب.
حتى في زمن الاعياد، الحركة السياسية كثيفة، ولو انها حتى الآن بلا بركة رئاسية.
فالتوافق على رئيس جديد ليس في متناول اليد، تماما كآلية تصريف الاعمال، في ظل شغور رئاسي متماد، وازمة حكومية عالقة عند تداعيات الجلسة الاخيرة.
لكن، بغض النظر عن النتائج العملية التي تبقى رهن المواقف والتطورات، من الواضح ان التيار الوطني الحر الذي عمل كثيرون لعزله، خصوصا بعد نهاية ولاية الرئيس العماد ميشال عون، نجح بكسر الطوق، وتحول محورا للمشاورات الداخلية والخارجية في ملف انتخاب الرئيس والرزمة السياسية التي يدور الحديث حولها في بعض الكواليس.
كل ذلك، فيما اللاعبون الآخرون على الساحة المسيحية خصوصا، كالقوات والكتائب وغيرهما من الاطراف والشخصيات، يبدون هم في حالة العزلة التي تمنَوها للتيار، مكتفين بتغريدة من هنا وتصريح من هناك، وببعض الحراك السياسي الخجول من هنالك، على هامش الاحداث.
فإذا كانت حركة رئيس التيار جبران باسيل بين الدوحة وباريس، وما بين العاصمتين من زيارات واتصالات معلنة او بعيدة عن الاعلام، تشكل يوميا مدار رصد وتحليل من اكثر من طرف، فلقاءاته المحلية في المدة الاخيرة استقطبت كل الاضواء، حيث حققت خروقات نوعية، اقله من حيث الشكل، مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وآخرين.
واليوم، أكد مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا للاو تي في ردّاً على سؤال حول ما اذا كان هناك قطيعة بين الحزب والتيار الوطني الحر أنه ما من قطيعة أبداً، لا بل على عكس، فقد شكّلت الأعياد مناسبة للتواصل والتلاقي، مضيفاً: “لقد اتصلت وقدمّت التهنئة بعيد الميلاد المجيد باسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لفخامة الرئيس العماد ميشال عون، وكذلك لرئيس التيار النائب جبران باسيل، على أمل في أن تحمل الأيام المقبلة مزيداً من الحوار والتواصل لما فيه خير للطرفين”. وختم صفا بالقول:”رسالة السيد المسيح هي رسالة خير ومحبة وفي هذا الزمن المبارك نتمنى أن تعمّ الأجواء الهادئة البعيدة عن التشنّجات بين مختلف الأطراف، لما فيه خير للبنان واللبنانيين”. وفي الموازاة، لفت اليوم موقف لنائب الامين العام لحزب الله، تحدث فيه عن رئيس “مجرب في السياسية”، في سياق تغريدة قال فيها:
“نحن نريد رئيساً مجرَّباً في السياسة، قادراً على التواصل مع الجميع داخلياً وخارجياً، أولويته الإنقاذ الاقتصادي لا ينحازُ ولا يُستفزُّ ولا يخضع للإملاءات الخارجية”.
الأسماء الظاهرة على شاشة التحرك: الرئيس نجيب ميقاتي، رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه.
الاسماء غير الظاهرة على شاشة التحرك: حزب الله، الرئيس نبيه بري، الدكتور سمير جعجع.
هل الذين يتحركون وصلوا إلى شيء؟ هل الذين لم يتحرَّكوا “ينتظرون على الكوع” ؟ الصورة غير واضحة، كلامٌ كثير، تحليلات أكثر، واجتهادات أكثر وأكثر: الرئيس نجيب ميقاتي أولويته، في استبعاد انتخاب رئيس قريبًا، إمكان عقد جلسات لمجلس الوزراء، عند الضرورة.
رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط يستشعر عبء الفراغ وخطر عدم انتخاب رئيس، وموقفه هو موقف رئيس اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط.
رئيس التيار جبران باسيل يوسِّع مروحة اتصالاته وكأنه يريد ان يعطي صورة عن نفسه انه “بيضة القبان” .
سليمان فرنجيه يعرف أنه مرشح حزب الله، وحتى إشعار آخر، لا plan B لدى الحزب.
حزب الله، وإلى حدّ ما الرئيس بري، ينتظران، وكأنهما يقولان: الكرة ليست عندنا.
الدكتور سمير جعجع مازالت ساعته الإنتخابية متوقِّفة عند النائب ميشال معوض، وكأنه يترك للآخرين كشف أوراقهم ليكشف عن ورقته التي قد تبقى ميشال معوض أو يوسِّع مروحة خياراته؟
في ظل هذه المراوحة التي تشبه المناورة بالذخيرة الحيَّة، لا شيء نوعيًا حتى الساعة خصوصًا أن محرِّكات عواصم القرار مٌطفأة إلى ما بعد رأس السنة، فالجميع في تحضير لرأس السنة، ولبنان واحد من الجميع، ومنه نبدأ.