كتبت سلوى البعلبكي في “النهار”: مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت في شهر ايار 2022، اي قبل ان تصبح الحكومة مستقيلة، قرر تأجيل البحث في طلب وزارة الاتصالات إنشاء كابل بحري جديد (قدموس 2) بين لبنان وقبرص ليحل مكان الكابل البحري القديم (قدموس) واطلاق المناقصة في قبرص. وتاليا فإن السؤال: الى اي قرار استند وزير الاتصالات جوني قرم ليوقع العقد مع الشركة القبرصية “سيتا”؟
الوزير قرم أكد لـ”النهار” أن التوقيع جاء بناء على قرار تكليف من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في 12 أيلول 2022. وأشار الى أن “الكابل الموجود حاليا انتهت صلاحيته منذ 3 أعوام، فيما لبنان موصول حاليا مع العالم الخارجي بواسطة كابل الـ IMEWE وبقدموس 1 فقط. وتاليا تفاديا لحصول اي طارىء قد يؤدي الى انقطاع IMEWE وفي ظل عدم صلاحية قدموس 1، إرتأينا التعجيل في التوقيع. مع الاشارة الى أنه اذا كانت لدينا طاقة اضافية في الداتا يمكن للبنان بيعها”. واعطى مثالا على ذلك الكابل الذي يمر بقناة السويس وينقل الداتا من الخليج الى اوروبا، والذي يدرّ على مصر نحو مليار ونصف مليار دولار سنويا.
أما الاسباب التي تجعل قبرص تموّل مشروعاً كهذا يفيد منه لبنان، فقال قرم: “لدى القبارصة أسباب عدة لتبديل الكابل القديم بآخر جديد. الاول أن دولتهم تقع على جزيرة ولديهم مصلحة في أن يكونوا موصولين مع لبنان، وكون الداتا لها قيمة تجارية، وهم يعرفون أنه لا يمكننا تمويل هذا المشروع في الوقت الحالي، ويتخوفون من أن نستعيض عن التعامل معهم بدولة أخرى، علما أنهم أجروا دراسات بينت أنه من بعد وضع الكابل في الخدمة، وإن كانت الملكية والايرادات مناصفة مع لبنان، يمكنهم استرداد تكاليف الكابل الذي تقدر قيمته بنحو 12 مليون دولار خلال فترة 10 سنوات”.
وفيما أكدت مصادر من داخل لجنة الاتصالات النيابية أن الوزير قرم كان قد أكد للجنة أن الجهات الأمنية وافقت على هذا المشروع، لكنه لم يحدد من هي الجهات الأمنية التي أجابته أنه لا يوجد أي خطر من التنصت من “الموساد” على هذا الكابل، وأنه لم يزوّد لغاية تاريخ اليوم اللجنة بنسخة عن جواب الجهات الأمنية المشار إليها، أكد قرم لـ”النهار” أنه تمت استشارة الجهات الامنية، بدليل أن ثمة مندوبا من الامن العام اللبناني في اللجنة التي ستراقب موضوع التلزيم الذي سيوافَق عليه من الدولتين اللبنانية والقبرصية.
واستهزأ بالقول إن “ثمة أيادي خفية للموساد الاسرائيلي في الموضوع”، وقال: “في حال ارادت اسرائيل التنصت، يمكنها التنصت على اي كابل موجود وليس بالضرورة أن يكون الكابل جديدا”.
كل التفاصيل التي أوردها قرم أكدها المدير العام لهيئة “اوجيرو” عماد كريدية لـ”النهار” الذي شدد ايضا على أهمية “قدموس 2″، لافتا الى أن قبرص البلد الصغير موصول بالعالم عبر 13 كابلاً، في حين ان ليس لدى لبنان الا كابلان، احدهما انتهت صلاحيته ويجب تغييره. وبرأيه فإن “الجانب القبرصي على علم بأن لبنان عاجلا أم آجلا سيربط بكابل عبر سوريا، اضافة الى شبكة الكابل الموجودة في الخليج والتي تصل الى عمان، وحينها سيكون في مقدور لبنان أن يمرر “ترانزيت داتا” من الغرب الى الشرق والعكس صحيح، بما يعود بالمردود المادي للطرفين”.
ولكن هل ثمة بدائل مقترحة عن هذا الكابل الجديد في حال تم رفض المشروع مع قبرص؟ يقول أحد الخبراء: “لا توجد بدائل من هذا الكابل الجديد، لأنه لا توجد حاجة له في الأساس، بل إن الحاجة له هي لدى الأطراف الأخرى. فعندما تنتفي الحاجة لأمر ما، ينتفي البحث عن البدائل. وهذا ما ينطبق على كابل قدموس 2 المقترح”.
وأكدت أن “لبنان لغاية تاريخ اليوم لا يستخدم إلا 10 فقط من طاقة كابل الـ IMEWE الذي هو كابل جديد. ولا يزال لدى لبنان طاقة وسعة هائلة تكفيه لعشرات السنين المقبلة على الكوابل البحرية”.
وكشفت أن “حركة السوق التجارية للإتصالات (حركة تخابر دولي ثابت وخليوي، وحركة رومينغ، وحركة معطيات إنترنت) المتبادلة ذهابا وإيابا بين لبنان وقبرص هي منخفضة جدا جدا، ولا تبرر مطلقا إنشاء كابل جديد بين لبنان وقبرص بكلفة 10 ملايين دولار. أي لا يوجد أي سبب موجب تجاري، لا في السوق اللبنانية، ولا في السوق القبرصية، يبرر الإستثمار المالي في كابل جديد”.