كشفت مصادر سياسية مواكبة لحركة الاتصالات الخارجية لصحيفة “الجمهورية”، خريطة مواقف الدول المصنّفة انّها معنية بالملف اللبناني، حيث قالت: «لا يوجد أي توجّه نحو الملف الرئاسي اللبناني، لا من الدول المؤثرة، او الدول الصديقة او الشقيقة للبنان. على رغم إلحاح بعض الاطراف اللبنانية على هذا الأمر، دعماً لمرشحين معينين من خارج الطقم السياسي. وثمة رسائل من هذا القبيل أُبلغت بصورة مباشرة إلى بعض السفراء في لبنان».
واما خريطة المواقف الخارجية فتوردها المصادر على النحو الآتي:
اولاً، بالنسبة إلى الموقف الفرنسي، فباريس وكما هو معلوم تبدو الأكثر تحرّكاً حول الملف اللبناني، ويتوقع ان يكون حضورها اكثر زخماً بعد الأعياد، الّا انّ تحرّكها لا يرقى إلى مبادرة رئاسية، بل ضمن حدود الدعوة والتحفيز على إنجاز الملف الرئاسي بالتفاهم بين اللبنانيين دون ان تتبنّى اي مرشح، وهو ما اكّد عليه الرئيس ايمانويل ماكرون، وكذلك حدود التحذير من انّ أزمة لبنان الاقتصادية والمالية والاجتماعية الخطيرة تتطلب تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، وهو الامر الذي يوجب على القادة اللبنانيين النظر الى مصلحة لبنان واللبنانيين، والتوافق من دون ابطاء على رئيس جديد للبلاد.
ثانياً، الموقف الاميركي بات شديد الوضوح، لناحية انّ واشنطن، وعلى الرغم مما يقال بأنّها تدعم ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، قد صرّحت علناً بأنّها لا تدعم أي مرشح، حاصرة المسؤولية في هذا المجال باللبنانيين لكي يتحمّلوا مسؤولياتهم وينتخبوا رئيسهم ويشكّلوا حكومة جديدة، تجنّب لبنان سقوطاً هائلاً وخصوصاً انّ أزمة لبنان، كما تراها واشنطن، باتت اشدّ خطورة من أزماته السابقة، وأشدّ تعقيداً من الأزمات الاقليمية في المنطقة.
ثالثاً، الموقف السعودي ليس ملتبساً، بل هو واضح لناحية انكفاء المملكة عن لعب أي دور مباشر في الملف الرئاسي لترشيح كفة مرشحين معينين، بل انّ ما تؤكّد عليه، هو انّ انتخاب الرئيس شأن يقرّره اللبنانيون، وانّها تأمل في أن يقوم المجلس النيابي اللبناني بدوره في هذا المجال وانتخاب رئيس جديد، ومن ثم تشكيل حكومة تقوم بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة لإنعاش الوضع اللبناني.
ولفتت في سياق الموقف السعودي زيارة سفير المملكة في لبنان وليد البخاري إلى بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، وبحثا المستجدات على الساحة اللبنانية وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي وضرورة اتفاق الأفرقاء على انتخاب رئيس يجمع اللبنانيين ويكون رافعة لتعافي لبنان وعودته لمكانته وحضنه العربي.
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر أممية لـ «الجمهورية»، انّ «الوضع في لبنان كان محور نقاش في اتصال هاتفي جرى قبل فترة قصيرة، بين مسؤول اممي رفيع، وأحد كبار المسؤولين في لبنان، عكس فيه المسؤول تخوّف الأسرة الدولية من تداعيات الوضع في لبنان، مشدّداً على انّ على اللبنانيين مسؤولية ان يتداركوا هذه التداعيات بالركون الى مصلحة لبنان واللبنانيين وانتخاب رئيس للجمهورية من دون تأخير. وقال المسؤول الاممي: «انّ شعب لبنان يعاني، وواجبكم كلبنانيين ان تنتخبوا رئيساً يوقف المعاناة ويوحّد الشعب اللبناني، وانتم كلبنانيين تعلمون انّ المخاطر محدقة بلبنان على كل الصعد، وهذا يوجب على السياسيين تنحية مصالحهم والتوصل إلى اتفاق لملء فراغ السلطة في لبنان، ونحن مدركون انّه يحتاج اكثر من أي وقت مضى إلى أن تعمل مؤسسات الدولة بكامل فعاليتها لتتمكن من تجنّب تلك المخاطر، وتنفيذ الإصلاحات الشاملة برؤية استراتيجية تستحث تغييراً جوهرياً يحقق المصلحة العامة».