على وَقع الفلتان المتزايد في الأمن الاقتصادي والاجتماعي تحت وطأة الارتفاع الدرامي للدولار، بَدا لبنان وكأنه يسبح خارج «الجاذبية»، في ظل غيبوبة الدولة التي يكاد يغيب أي أثر لها، بفِعل الشغور المتمادي في موقع رئاسة الجمهورية وشلل الحكومة المستقيلة التي يختلف وزراؤها ورُعاتها على حدود تصريفها للأعمال، وصولاً الى دخول مجلس النواب في إجازة الاعياد. هكذا، وبدل ان تكون السلطة مُستنفرة بكاملها في هذه الظروف الصعبة لمواجهة الازمة المتفاقمة على كل الصعد، اذا بها تنكفئ أكثر فأكثر لتملأ فراغها السوق السوداء حيث تسود فوضى الدولار والاسعار.
يتسابق الفراغ الرئاسي الذي أتمّ الخمسين يوماً من عمره مع اشتداد الازمة وانفلاشها وسط مخاوف جدية من انفلاتها نتيجة الارتفاع اليومي للعملة الخضراء التي تترك وراءها يباساً في ادارة الدولة وانهياراً داخل المؤسسات وغلاء غير مسبوق في المعيشة… واذا كان اللبنانيون سيسترقون العيد من ركام دولة فإنهم يدركون ان ما ينتظرهم في السنة الجديدة مخيف على كل المستويات، وأول قدومها شمعة على علو دولار سيُلامس سعره الخمسين الف ليرة…
واستغربت اوساط مطلعة عبر «الجمهورية» ان يستمرالمعنيون في التلهّي بسجالات عبثية في السياسة والدستور بينما المواطن يئنّ تحت ضغط الانهيار المالي، «وآخر همه اذا كان انعقاد مجلس الوزراء شرعياً ام لا، او اذا كانت المراسيم تحتاج إلى تواقيع الوزراء الـ 24 جميعاً ام لا».
وشددت هذه الاوساط على أن الوضع السيئ السائد يتطلب مقاربات استثنائية حتى يتمكن البلد من الصمود الى حين التمَكّن من انتخاب رئيس الجمهورية، معتبرة ان العجز الداخلي دفع البعض الى انتظار بارقة حياة من البحر الميت في الأردن حيث انعقد مؤتمر «بغداد 2» الذي ضَم دول جوار العراق وفرنسا، «علماً انّ الملف اللبناني لم يكن مطروحا على جدول الأعمال، ومع ذلك فإنّ المعلقين والمُمسكين بحبال الهواء يعوّلون على ان يكون قد تم البحث في هذا الملف في كواليس المؤتمر».