كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”: فيما تتراجع أعداد المصابين بفيروس «كورونا» بشكل لافت، يجتاح «الإنفلونزا» العادي أي «الكريب» والمتحوّر منه، الجامعات والمدارس والمنازل في مختلف المناطق اللبنانية، ناشراً القلق بين الطلاب والعائلات على حدّ سواء بسبب إنتشاره السريع من جهة، وشدّة عوارضه وطول فترة الشفاء منه من جهة أخرى، بخلاف السنوات السابقة.
وصيدا، واحدة من المدن التي تأثرت بإنتشار «الإنفلونزا»، وقد بات حديثها اليومي وعلى كل شفه ولسان، ولم يكد الصيداويون يلتقطون أنفاسهم من تفشي «كورونا»، حتى لاحت في الأفق الهواجس من إنتشار «الكوليرا»، واذ بـ»الإنفلونزا» على أنواعه المختلفة يغزو المدارس وينتشر بين العائلات في المنازل، بعد طفرة التحوّلات الفيروسية ونقص المناعة.
وتعزو طبيبة القضاء الدكتورة ريما عبود إنتشاره السريع والكبير إلى عدة أسباب، وتقول لـ»نداء الوطن»، إن السبب الأول يعود إلى التخلي المطلق عن الإجراءات الإحترازية التي كان معمول بها خلال «كورونا» من كمّامات ومعقّمات وتباعد إجتماعي، مشيرة في الوقت نفسه إلى «أنّ الكمّامات لا تحمي فقط من «الكورونا» وإنّما من كلّ الفيروسات الموسمية منها وغيرها، بينما السبب الثاني يعود إلى سوء التغذية وعدم الوقاية من البرد جيداً لجهة إرتداء الثياب المناسبة والتدفئة سواء في المدارس أو المنازل والإختلاط الاجتماعي»، موضحة أنّ الاحصائيات عن الإصابات تشير إلى إرتفاعها أخيراً… ولكنّها ما زالت ضمن موسم «الكريب».
ولم تخف الدكتورة عبود، أنّ مثل هذه الاجراءات الوقائية كفيلة بالتصدي لوقف تفشي موجة «الإنفلونزا»، متسائلة «أيهما أفضل وجع المرض ودفع ثمن الأدوية أو كلفة دخول المستشفيات أو إرتداء الكمّامة وهذه ما نصحت به إدارات المدارس»، مشددة على أهمية التعاون المجتمعي «كما كان الحال في جائحة «كورونا» وخاصة بين طبابة القضاء وإدارات المدارس والأهالي والأطباء».
في المدارس، يبدو وقع «الإنفلونزا» أكثر تأثيراً، فالعام الدراسي الذي بدأ مثقلاً بالتحديّات، بدءاً بالأقساط والكتب القرطاسية مرورا برواتب المعلمين وصولاً إلى كلفة النقليات، أضيف اليه تحدّ جديد بالتعليم الحضوري الكامل وهو مواجهة طفرة الفيروسات ومنها «الإنفلونزا».
ويقول أحد مدارس المدارس الرسمية في صيدا لـ»نداء الوطن»: «كل يوم نسجل غياباً في حضور الطلاب، يتراوح بين خمسة وعشرة طلاب، ولم نلاحظ أي شىء غير عادي»، مشيراً إلى أنّ رفع الإجراءات الوقائية من «كورونا» ساهم في التفشي «الكريب» الموسمي، ناهيك عن امتناع المرضى عن التوجه إلى الأطباء بسبب إرتفاع كلفة المعاينة وشراء الأدوية وفق وصفات الأهل والجيران والمرضى السابقين، فضلاً عن أدوية غير فاعلة عادة تكون بديلة عن الأصلية والتداوي بالأعشاب والتقنينٍ القاسي في تدفئة المنازل رغم صقيع الشتاء بسبب التكاليف المرتفعة وسواها، بهدف التوفير المالي لتأمين لقمة العيش ومستلزمات الحياة».
وتقول والدة الطالبة إبتسام نحولي لـ»نداء الوطن»، إن «أولى خطوات المواجهة تبدأ من الأهل أنفسهم، وهو عدم إرسال أولادهم إلى المدرسة في حال الذين ظهرت عليهم العوارض وعدم التعاطي باستخفاف مع هذه الظاهرة، لأنّها باتت في ظل الازمة المعيشية الخانقة… موجعة ومكلفة معاً، ونحن بغنى عنها بعد «الكورونا» و»الكوليرا»، يكفي الشعب اللبناني همومه الحياتية ولا نريد المزيد من الأعباء الصحية».