طار الحوار النيابي في شأن الاستحقاق الرئاسي الذي كان مُنتظراً غداً نتيجة تَمنّع حزب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” عن المشاركة فيه، ليقتصر الامر على انعقاد المجلس النيابي في جلسة انتخابية عاشرة مَعروف سلفاً أنها كسابقاتها وفي غياب التوافق لن تنتهي الى انتخاب رئيس جمهورية جديد، على ان تتوقّف الدعوة الى جلسة او جلسات جديدة الى السنة الجديدة، فيُعيّد اللبنانيون الميلاد ورأس السنة على وقع الفراغ الرئاسي وتَفاقم أزماتهم المعيشية والحياتية، أللهمّ الا اذا حصلت معجزة ما في هذه العُجالة تقلب الغصة فرحة فيستقبلون السنة الجديدة بأمل في عهد جديد.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية” انها كانت تعوّل على احتمال، ولو ضئيل، بإنجاز الانتخابات الرئاسية قبل نهاية السنة. وهذا ما حَفّز رئيس مجلس النواب نبيه بري على السعي الى تنظيم حوار في هذا الشأن، “الا أن ذاك الاحتمال تبخر والحوار فَرط قبل أن يلتئم. وبالتالي، تم ترحيل الاستحقاق الرئاسي الى مطلع السنة الجديدة”.
ورجّحت المصادر ان تكون جلسة رفع العتب لانتخاب الرئيس غداً هي الأخيرة هذه السنة، متوقّعة ان لا يدعو بري الى جلسة أخرى قبل العاشر من كانون الثاني المقبل لأنّ الفترة الفاصلة عن هذا التاريخ ستكون مزدحمة بالاعياد، من عيد الميلاد الى رأس السنة وصولاً الى عيد الميلاد عند الطائفة الأرمنية.
وأبدَت خشيتها من ان يستمر التدهور الاجتماعي وارتفاع سعر الدولار خلال مرحلة الجمود.
وفي هذا السياق قالت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”الجمهورية” ان إلغاء الحوار الذي كان مقرراً غداً “خطوة إيجابية، لأنّ الانتخابات الرئاسية تندرج في السياق الانتخابي وفقاً للدستور لا الحوار”، وكررت دعوتها رئيس مجلس النواب إلى “إبقاء الجلسات الانتخابية مفتوحة على ان تترافَق مع تداول في الوقت المستقطع بين دورة وأخرى بين رئيس المجلس والكتل من جهة، وبين الكتل بعضها مع بعض من جهة أخرى، لأنّ إنهاء الشغور يتطلّب دورات مفتوحة كأداة ضغط على الفريق المعطِّل، وتداول مستمر من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية يُعيد الانتظام إلى السلطات الدستورية ويعكس الثقة للرأي العام اللبناني”.
ورأت المصادر “انّ فريق الممانعة الذي يعطِّل الانتخابات الرئاسية يحاول حَرف الأنظار عن هذا التعطيل عن طريق ثلاثة اتجاهات مختلفة:
ـ الاتجاه الأول، وضع مسؤولية الشغور على “الخلافات المسيحية التي تؤخِّر التفاهم”، فيما لا موجب لتفاهم مسيحي – مسيحي في استحقاق الفَيصل فيه صندوقة الاقتراع في المجلس النيابي. وبالتالي، جلّ ما هو مطلوب الالتزام بالدستور والإقلاع عن التعطيل، فضلاً عن انّ الخلاف ليس من طبيعة مسيحية – مسيحية ولا من طبيعة مسيحية – إسلامية، إنما من طبيعة وطنية بين رؤيتين للبنان: الرؤية الممانعة التي تريد لبنان ساحة، والرؤية السيادية التي تريد لبنان دولة.
ـ الاتجاه الثاني، وَضع مسؤولية الشغور على من يرفض الحوار، فيما المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على من يرفض تطبيق الدستور ولم يلتزم أساساً بالمهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، ومن يعطِّل الجلسات الانتخابية، ومن يسعى لشراء الوقت عن طريق الحوار، ومن يحاول التلطّي خلف الحوار لمواصلة سياساته التعطيلية وتغطية اعتداءاته المتواصلة على الدستور، ومن غير الجائز بتاتاً استبدال الجلسات الانتخابية بجلسات حوارية.
ـ الاتجاه الثالث، وضع مسؤولية الشغور على المعارضة بذريعة “تبنّيها مرشّح تحدّي”، وكأنّ دور المعارضة البَصم على مرشّح الممانعة، فيما المسؤولية تقع على من يرفض تطبيق الدستور والاحتكام للديموقراطية ويصرّ على مقاربته التعطيلية التي يخيّر اللبنانيين عبرها بين الشغور المفتوح او الرئيس المُمانع، فضلاً عن انّ المعارضة قالت في وضوح ان النهج التعطيلي هويته ممانعة، وانه في حال نجحت الممانعة في انتخاب رئيس من صفوفها، فإنّ المعارضة ستحافظ على تموضعها المعارض والمواجه للفريق الممانع”.