كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
مشكلة تراكم النفايات في صيدا وتحميل نائبيها عبد الرحمن البزري وأسامة سعد البلدية وحدها مسؤولية معالجتها، فجّر أزمة غير مسبوقة في المدينة، بعدما قدّم رئيس البلدية المهندس محمد السعودي إستقالته الى محافظ الجنوب منصور ضو في لقاء جمعهما في مكتبه في السراي الحكومي.
وفيما أفادت معلومات أن المحافظ سيتريث في اتخاذ القرار لجهة قبول الإستقالة من عدمه، أوضح السعودي أنّه أعرب عن رغبته بتقديم الإستقالة لدى محافظ الجنوب الذي طلب منه التريث، موضحاً لـ»نداء الوطن» أن سبب استقالته هو استياؤه «من الموقفيْن اللذين صدرا»، في إشارة إلى النائبين سعد والبزري، مضيفاً «أنّ معالجة مشكلة النفايات من مسؤولية الجميع وليس بلدية صيدا وحدها، نحن شركاء في مبادرة «صيدا تواجه» ولم أفهم المغزى منهما».
السعودي الذي تحفّظ عن الإدلاء بأي تصريح على غير عادته لشرح أسباب الاستقالة بإسهاب، بدا حريصاً على كل كلمة ينطق بها، مكتفياً بالقول: «لقد قمت بواجبي على أكمل وجه، وما زلت أقوم به وبما يمليه عليّ ضميري، وسواء كنت في البلدية أم خارجها، الأمر سيّان بالنسبة لي، ولحبّ مدينة صيدا وخدمة أهلها».
ما لم يقله السعودي قالته مصادر قريبة منه أنّه «لم يكن متحمّساً أصلاً لتولّي ولاية ثانية في رئاسة البلدية ولكنّ الظروف في تلك الفترة ساهمت في تغيير موقفه، وهو اليوم يكرّر نفس الموقف أمام المحيطين فيه بأنه لن يترشّح مجدّداً لرئاسة ثالثة، لأنّ العمل في ظلّ الأزمات المتفاقمة بات يأكل من رصيد إنجازاته وأبرزها إزالة مكب النفايات وتشغيل معمل المعالجة، وهو ليس سعيداً بأن يرى الإنجاز الذي طالما تفاخرت به المدينة ينهار أمام ناظريه من دون أن يتمكّن من فعل شيء، بل أكثر من ذلك تحميله المسؤولية وحده في خضمّ ظروف اقتصادية خانقة».
وأشارت المصادر الى أنّ السعودي «وصل الليل بالنهار منذ فترة غير قصيرة من أجل معالجة مشكلة تراكم النفايات والتقى صباح أمس في مكتبه في البلدية رئيس الشركة المتعهّدة جمع النفايات في صيدا ماهر السايس وطلب منه رفع النفايات فوراً»، وأنّه «يبذل جهوداً من أجل تأمين جزء من مستحقّات الشركة المالية نحو 4 مليارات ليرة لبنانية في غضون أيام قليلة، ليتفاجأ بالمواقف بدلاً من أن تكون داعمة له، محمّلة البلدية والإتحاد المسؤولية».
مفاجأة وتساؤلات
وشكّلت إستقالة السعودي مفاجأة في الأوساط الصيداوية، كونها لم تكن متوقّعة وطرحت تساؤلات كثيرة عن مصير مبادرة «صيدا تواجه» التي تضمّ القوى السياسية الرئيسية في المدينة، وهل بالإمكان إعادة لملمة الخلاف الصيداوي سريعاً بعد مرحلة من الوئام، قاد السعودي نفسه جهوداً حثيثة للوصول إليه، قناعة منه أنّ الاجماع السياسي الداخلي نصف الطريق لمعالجة أي مشكلة خاصة في ظلّ الأزمة الخانقة وتوزيع الأدوار في المطالب بحقوق المدينة وأهلها وليس رمي المسؤولية على البلدية وحدها أو أي فريق بعينه. كما طرحت الاستقالة تساؤلات عن مصير عقد «منتدى صيدا البيئي: نحو مدينة مستدامة بيئياً – صيدا نموذجاً»، المقرّر عقده غداً في القصر البلدي برعاية وحضور وزير البيئة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور ناصر ياسين، ومن تنظيم بلدية صيدا ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة بالتعاون مع «برنامج الأمم المتحدة للبيئة – مكتب غرب آسيا»، بعدما حشدت له السيدة بهية الحريري الدعم وتأمين النجاح المطلوب.
وقبيل اعلان الاستقالة، إعتبر النائب البزري أنّ «مشكلة تراكم النفايات في صيدا ومنطقتها أضحت خطيرة ومعقّدة، وباتت تُنذر بكارثة بيئية جديدة وتهدّد سلامة الأهالي، وعلى إتحاد البلديات أن يجد الطريقة الأفضل والأسرع والمُستدامة من أجل حلّ هذه الأزمة، إذ لا يجوز لبعض الإجراءات الإدارية والبيروقراطية أن تؤثر سلباً على عملية جمع وإزالة النفايات وتهدّد السلامة العامة، فالقوانين وجدت لحماية المواطنين لا الإساءة إليهم، وعلى إتحاد بلديات صيدا الزهراني أن يُسارع إلى إيجاد حلولٍ سريعة ودائمة».
امّا النائب سعد فغرّد كاتباً: «على البلديات أن تجد الحلّ الفوري والدائم لهذه الكارثة البيئية والصحّية، وعليها أن تعلن حالة طوارئ صحّية وبيئية وتجري الاتصالات مع الوزارات المعنية ورئيس الحكومة لرفع الخطر عن الناس…لا تتأخّروا الوضع لا يُحْتَمل».
وزار المسؤول السياسي للجماعة الاسلامية في الجنوب الدكتور بسام حمود يرافقه عضو المجلس البلدي الحاج حسن الشماس، السعودي في منزله بعد شيوع خبر استقالته، حيث أكد السعودي انه يفكر جدياً بالاستقالة كنتيجة لبعض التصريحات، وبعد النقاش والتداول تم التأكيد على استبعاد موضوع الاستقالة في الوقت الراهن مع ضرورة عقد اللقاء الدوري لفاعليات المدينة والذي يعقد عادة بدعوة من رئيس البلدية للتداول بشؤون المدينة.