/ مرسال الترس /
توقف المراقبون لحركة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي باهتمام، عند اللقاء الموسّع الذي عقده مع أحد عشر سفيراً عربياً معتمدين في روما، على هامش أحدث زيارة له إلى حاضرة الفاتيكان والعاصمة الإيطالية.
فهل كانت وراء اللقاء رسالة محددة، أم هي الصدفة هي التي رتبت اللقاء بمبادرة من السفيرة ميرا ضاهر لا أكثر ولا أقل؟
ليس هناك شيء إسمه الصدفة بالسياسة والديبلوماسية والعلاقات بين الدول. في العادة، كل خطوة تكون مدروسة ومُعدة بدقة، لتوجيه رسالة محددة، إما مباشرة لمن يعنيهم الأمر، أو غير مباشرة على طريقة المثل القائل: “عم أحكيك يا جارة حتى تسمعي يا كنّة”!
في المعطيات التي توفّرت عن هذا اللقاء وتفسيراته، يمكن التوقّف عند الملاحظات التالية:
ـ في الشكل، قيل إن سفيرة لبنان في ايطاليا ميرا ضاهر، هي التي أعدت، في دارتها في روما، اللقاء الذي جمع البطريرك الماروني مع سفراء 11 دولة عربية معتمدين في العاصمة الإيطالية، وهم سفراء كل من: السعودية، قطر، البحرين، الامارات، عُمان، الكويت، الاردن، اليمن، فلسطين، السودان والعراق، وذلك بحضور المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي ورئيس المعهد الحبري الماروني في روما المطران يوحنا رفيق الورشا والقيّم على المعهد الخوري جوزف صفير.
في تعليق أولي، قالت مصادر مقربة من بكركي أن اللقاء روتيني وقد دأبت السفيرة ضاهر (المارونية) على ترتيب مثل هذه اللقاءات. لكن السؤال هو: لماذا أُعطي الاجتماع هذه الأهمية إعلامياً هذه المرة تحديداً؟ وإذا كان روتينياً، فلماذا لم يسع إلى تحضيره سفير لبنان في الفاتيكان النائب السابق فريد الياس الخازن (الماروني أيضاً، وبامتياز، باعتباره من مجموعة حراس البطريركية المارونية منذ انتقلت إلى بكركي قبل عدة عقود).
ـ في المضمون، اكتفى موزعو خبر اللقاء بالإشارة إلى أن “أجواء اللقاء كانت ودية”. لكن، هل إن اللقاءات التي يجريها البطريرك الراعي مع أي من السفراء العرب المعتمدين في بيروت، لم تكن ودية، علماً أن الراعي لم يعقد اجتماعاً موسعاً مع السفراء العرب في العاصمة اللبنانية، فلماذا اللقاء في روما، وبالقرب من الفاتيكان تحديداً؟
مصادر متابعة اعتبرت أن لقاء روما، كان مناسبة لطرح القضية اللبنانية، حيث عرض الراعي مجمل الأزمة ورؤيته لحلها وخريطة الطريق الأنسب لها، وهو الذي كان قد طرح في السنتين الأخيرتين مسألتين على قدر كبير من الأهمية وهما: “إعلان حياد لبنان” و”تحضير مؤتمر دولي لحل الأزمات في لبنان”. فهل ما يقوله الراعي في روما، والفاتيكان تحديداً، يعبر عن رأي المرجعية الروحية الكاثوليكية الأعلى في العالم وليس عن بكركي فقط إذا قيل الكلام من تخوم جونية؟
وقد لوحظ أن الراعي طلب من الدول العربية، عبر سفرائها في روما، أن لا تتخلّى عن لبنان لأن دورها ليس تقديم المساعدات الإنسانية المشكورة عليها، بل الوقوف إلى جانب البلد الذي شكّل منارة العرب والشرق!
لكن بعض التفسيرات ذهبت باتجاه الاستنتاج بأن سيد بكركي أراد التفتيش عن إسم رئيس الجمهورية المقبل في العواصم العربية والعالمية، الأمر الذي دفع دوائر بكركي إلى السخرية من هذه الأقوال وأكدت أن إسم رئيس جمهورية لبنان يُطرح في بيروت وليس في أية عاصمة أخرى، وما يُحكى عن اجتماعات في هذا السياق هو ضرب من الخيال!