غاصب المختار
من المفروض ان يبادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري الاسبوع المقبل الى جسّ نبض وتوجهات الكتل النيابية لعقد حوار موسع ومفتوح في قاعة المجلس النيابي، بهدف وضع معايير التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، لكن يبدو ان الحوار بين المسؤولين اللبنانيين ممنوع واستمرار التوتر بينهم مسموح، وبقرار منهم وليس بالضرورة بقرار من الخارج.
الدعوات للحوار والتفاهم تصمّ آذان المواطنين اللبنانيين، لكن بما انه لكل طرف شروطه للحوار وسقوفه العالية والواطية، فإنه بات من ضمن اللعبة لإستهلاك الوقت وتضييع مزيد من الفرص. فلادعوة الرئيس بري ماشية، وقبله دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي للقوى المسيحية للتفاهم حول الاستحقاق الرئاسي. فبات يحاذر الدعوة الى اي لقاء بينها بعد الفشل المتتالي للقاءات التي عقدت في بكركي على مدى السنوات الماضية.
المشكلة الحقيقية ان الخلاف المسيحي – المسيحي يُعيق اي تفاهم حول الرئيس العتيد، وهذا ما يعترف به ضمناً واحياناً علناً، مقربون من بكركي ومن بعض القوى السياسية المسيحية، ووصل الامر ببعض المتابعين الى اقتراح ان لا يكون رئيس الجمهورية مارونياً، بل مسيحي من مذاهب اخرى، ولا بأس ان يكون ارمنياً “منذ اكثرمن عشر سنوات وغير محكوم بجرم شائن”.
وثمة من طرح في العام 2007 اقفال نافذة مكتب قائد الجيش المطلة على القصر الجمهوري، لمنع اي تفكير بالإنتقال من اليرزة الى بعبدا وهي على مرمى حجر.. ذلك ان مواقف رافضي تولي عسكري رئاسة الجمهورية ما زالت قائمة واولهم وليد جنبلاط، ولوان الكثيرين يعتقدون ان “الجيش هو الحل نظراً للثقة التي يوليها اغلبية الناس للمؤسسة العسكرية”.
لكن وصول عسكري الى الكرسى الاولى بحاجة الى توافق شبه شامل وبين القوى المسيحية اولاً وقبل الآخرين، والتوافق بحاجة الى حوار.. والحوار مازال ممنوعاً. لذلك ذهب بعض المرشحين للرئاسة وبعض نواب الكتل الكبيرة الى القول لموقع “الجريدة” ان لا انتخاب للرئيس قبل نهاية الفصل الاول من العام المقبل، بما يعني انه يمكن ان يشهد لبنان ربيعه السياسي في موسم الربيع المناخي.
وبغض النظر هل سيكون الرئيس العتيد مدنياً او عسكرياً، فإن الأهم هو نجاح نبيه بري في جمع الاضداد تحت قبّة البرلمان على موقف موحّد، وهوامر ما زالت دونه عقبات الخلافات بين القوى السياسية المسيحية، فكيف سيدير الرئيس المحنك لعبة حل الخلافات؟
حتى الآن لاجواب سوى مقولة الشاعر الجاهلي امرؤ القيس: “نُحاوِلُ مُلكاً أَو نَموتُ فَنُعذَرا”. وقد قال هذا البيت من الشعر لعمرو بن قميئة حين استصحبه الاخير في مسيره إلى قيصر – ملك الروم – ليستعديه على بني أسد. ذلك ان حلول خلافات العرب طالما كانت عن طريق دول اخرى! فهل نعود الى عصر الجاهلية؟