/محمد حمية/
بعد مرور 6 أيام على تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أعلنت وزارة المال في بيان رسمي في 16 أيلول 2021 أنها تلقت حصتها من حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي وبلغت 1.139 مليار دولار وأودعتها حسابها لدى مصرف لبنان.
بعد عام ونيّف على وصول هذه الأموال، أشارت معلومات الى أن أكثر من 550 مليون دولار من هذه الأموال أي نسبة 48% تم إنفاقها هدراً على أمور وقضايا عدة، وأن المبلغ المتبقي أقل من 600 مليون دولار، وفق تقرير لـ”الدولية للمعلومات” التي لم تتمكن من التأكد من ذلك، ولكنها تأكدت من أنّ المبالغ التي أنفقت حتى الآن بلغت 375 مليون دولار، والمبلغ المتبقي هو 764 مليون دولار.
السؤال الذي يطرح نفسه: كيف أنفق هذا المبلغ؟ ومن اتخذ القرار؟ مجلس الوزراء مجتمعاً أم رئيس الحكومة بالتكافل والتضامن مع وزارة المال ومصرف لبنان؟ وهل تم استخدامها وفق الآلية التي حددها مجلس الوزراء ووفق الهدف المتوخى من هذا المبلغ؟.
وتم صرف المبلغ على الشكل التالي:
– 35.5 مليون دولار لدفع مستحقات القروض الخارجية.
3.2 مليون يورو مستحقات الوكالة الفرنسية للتنمية.
35 مليون دولار شهريا لمدة 3 أشهر لزوم شراء الأدوية للأمراض المستعصية والمزمنة والسرطان ومستلزمات طبية وحليب ومواد أولية لصناعة الدواء.
13 مليون دولار للأدوية والأمراض المزمنة والمستعصية.
10 مليون دولار لصيانة منشآت ضرورية في مطار بيروت الدولي.
35 مليون دولار شهرياً لمدة 3 أشهر لشراء الدواء.
27 مليون دولار لشراء القمح والطحين.
6.5 مليون دولار لإزالة مواد كيماوية من منشآت النفط في طرابلس.
ويظهر هذا التوزيع والأرقام الواردة فيه، أنه باستثناء بند شراء لزوم شراء الأدوية للأمراض المستعصية والمزمنة والسرطان ومستلزمات طبية وحليب ومواد أولية لصناعة الدواء، فإن كل البنود الأخرى جاءت من خارج اطار قرار مجلس الوزراء الذي قيّد صرفها بقرار منه وعلى الحاجات الملحة والطارئة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن سداد القروض لا يندرج ضمن هذا الشرط.
ويذكر أن مجلس الوزراء كان قد حسم الأمر بشأن استعمال هذه الأموال في 14 نيسان الماضي، وقرر “عدم صرف أي أموال من حقوق السحب الخاصة إلا بعد موافقته”.
واللافت أن مبلغ 13.2 مليون يورو المخصص لدفع مستحقات الوكالة الفرنسية للتنمية، لم يعرضه الرئيس ميقاتي على مجلس الوزراء بل جاء بكتاب منه الى وزير المال يوسف خليل، على أن يعرض الموضوع لاحقاً على أول جلسة لمجلس الوزراء على سبيل التسوية، واللافت أيضاً أن كتاب ميقاتي جاء خلال وجود رئيس الجمهورية ميشال عون آنذاك، اي قبل نهاية ولايته والدخول بمرحلة الشغور الرئاسي. في المقابل، أصر ميقاتي على عرض “مبلغ 35 مليون دولار شهرياً لمدة 3 أشهر لزوم شراء الأدوية للأمراض المستعصية والمزمنة والسرطان ومستلزمات طبية وحليب ومواد أولية لصناعة الدواء”، على مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة الاثنين الماضي وفي مرحلة الشغور!.
ووفق المعلومات وما تظهره الأرقام الواردة أعلاه فإن أغلب المبالغ المنفقة تمت من خارج الآليات القانونية للسحب، أي من دون قرار من مجلس الوزراء وعلى بنود غير ملحة وطارئة، كسداد مستحقات الوكالة الفرنسية للتنمية وقروض وصيانة وغيرها، في وقت على الحكومة استخدام هذه المبالغ بدعم خطط متوسطة وبعيدة المدى لتطوير الاقتصاد واعادة النمو.
واللافت أن مصرف لبنان التزم بقرار الحكومة، أو رئيسها، بتبديد هذا المبلغ في وقت كان يرفض استخدام أي من احتياطه على أمور أكثر الحاحاً وأهمية، وعمد الى رفع الدعم الكلي عن كل السلع الحيوية كالمحروقات والكهرباء والطحين وجزءاً كبيراً من الأدوية والطبابة!
لم تستخدم الحكومات المتعاقبة هذا المبلغ كما استخدمته الحكومة الحالية، فحكومة الرئيس حسان دياب على سبيل المثال لم تستخدم هذا المبلغ أبداً لأنه لم يكن حينها قد وصل الى حساب الخزينة في مصرف لبنان، ما يدعو للتوقف بريبة عن سبب تحويل هذا المبلغ أو ظهوره فجأة بعد تأليف حكومة ميقاتي! ولماذا لم تعطَ لحكومة الرئيس دياب هذه الأموال في عز الحاجة اليها خلال انتشار وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت وغيرها من الكوارث؟ فهل كان ذلك جزءاً من الحصار الذي كان مفروضاً على الحكومة وقتذاك لأسباب سياسية؟