/ حازم يتيم/
عندما اطلق الحكم الايطالي نيكولا ريتزولي، صافرة النهاية لمباراة المانيا والارجنتين في نهائي مونديال 2014، معلناً فوز المانيا باللقب المونديالي لم يكن اكثر المتفائلين واشد المتشائمين يتوقع حصول الانهيار الكبير للمكينات الالمانية.
مرت ثماني سنوات ونصف على تلك الصافرة، مذاك توقع الجميع تألق المنتخب الالماني في الاستحقاقات المقبلة، في يورو 2016 توقفت مسيرة المانشافت عند دور النصف النهائي، بعد عامين انتظر الجميع رؤية المانشافت في مونديال 2018، عند اختيار التشكيلة تفاجئ الجميع باستبعاد ليروي سانيه المتألق انذاك، كذلك شكل استدعاء نوير علامة استفهام كبيرة خصوصاً وانه كان مُصاب، عند بداية المونديال تناسى الجميع كل تلك الاسئلة، فجأة هزة كبيرة بالخسارة امام المكسيك، خسارة هزت جزء من هيبة المانشافت. انتُظرت ردة الفعل زهاء اسبوع، امام السويد عاش الالمان 90 دقيقة من حرق الاعصاب، لكن توني كروس اعاد تصويب البوصلة. امام كوريا كانت اولى الصدمات، كان الخروج الصادم والزلزال الكبير. كان خروجاً مدوياً فتح النقاش امام سلسلة من الاسئلة. منذ ذلك الخروج تدحرجت الامور واخذت منحى سلبي، عام 2019 فشل المانشافت في دوري الامم الاوروبية، بعدها بعام كانت تلك الهزيمة المرة القاسية امام اسبانيا بسداسية نظيفة. شكلت تلك الهزيمة جرس انذار قبل استحقاق اليورو صيف العام الماضي، وما بين الهزيمة امام اسبانيا واستحقاق اليورو كانت المؤشرات سلبية والانتقادات تتصاعد حول تراجع مستوى المانشافت.جاء اليورو وخسرت المانيا مباراة الافتتاح امام فرنسا، ظهر العقم الهجومي بشكل فاضح، امام البرتغال كان مسار التصحيح يجري كما هو مخطط له، فوز برباعية، اتت مباراة المجر وكانت المانيا على مسافة سبع دقائق من الخروج المبكر قبل ان يُنقذ غوريتزكا الاوضاع. في الدور الثاني كانت الهزيمة امام انكلترا والخروج مجدداً بخفي حنين.
استقال يواكيم لوف وجاء هانز فليك، عادت امال الالمان خصوصاً وان فليك هو مهندس سداسية بايرن ميونخ التاريخية عام 2020، بداية عمل فليك كانت مشجعة، بعض اللاعبين الجدد واستبعاد بعض القُدامى، لكن بقيت عقبة عدم وجود المهاجم الفذ تقلق فليك واركان المنتخب ومشجعيه.
قبل انطلاق مونديال قطر 2022 دق جرس الانذار مجدداً، هذه المرة عن طريق المجر التي اسقطت المانيا وابعدتها عن المنافسة في دوري الامم الاوروبية. وفي تلك الفترة ظهرت مشكلة اخرى وهي سوء خط الدفاع، لم يتمكن فليك من معالجة الاوضاع. انطلق مونديال قطر، تلقت المانيا اولى صدماتها بالخسارة امام اليابان، بعدها امام اسبانيا تأخر المانشافت قبل ان يُنقذ البديل نيكلاس فولكروغ منتخب بلاده بتسجيله هدف التعادل وابقاه في غرفة الانعاش، الى ان جاءت الضربة القاضية بخروج المانيا للمرة الثانية توالياً من دور المجموعات من كأس العالم. نادراً ما يحدث امراً كهذا لكنه حدث.
الزلزال الثاني عام 2022 والمتمثل بالخروج الباكر من مونديال قطر لن يمر مرور الكرام داخل المانيا والتي اعتاد مشجعوها على بلوغ الادوار المتقدمة والفوز بالالقاب. المؤلم ان مشاركة المانيا في مونديال قطر تزامنت مع الجدل الواسع حول حقوق المثليين الجنسيين والتي وقف فيها المنتخب الالماني موقف المدافع عن حقوقهم، ما سبب حالة من ردة الفعل السلبية تجاه المانيا خصوصاً في الوطن العربي. علماً ان منتخبات اوروبية اخرى كانت قد اتخذت نفس الموقف لكنها عادت والتزمت بما اتت لاجله اي للعب كرة القدم.
منذ ليلة 13 تموز 2014، ليلة الفوز بالمونديال تبدل الكثير. فلا المانيا هي نفسها، ولا قوة المانيا هي نفسها. سلسلة من الهزات تركت اسئلة اكثر من الاجوبة، اسئلة على الارجح سيتأخر جوابها لان المعروف عن العقلية الالمانية انها تعالج المسائل بهدوء، بعيداً عن ضجيج الاعلام لكن هذه المرة ستكون الانتقادات اعنف واقوى وهي اصلاً قد بدأت منذ لحظة الخروج من المونديال القطري.
لا يمكن نكران قوة المانيا الكروية، لكن حتى تصحيح المسار سيبقى العنوان الابرز المسيطر على الساحة الكروية الالمانية بل ويكاد يكون العنوان الوحيد تحت اسم ” خيبة وطن”.