أكرم حمدان
يبدو أنّ «طبخة البحص» التي تدور في جلسات اللجان النيابية المشتركة لمناقشة مشروع قانون «الكابيتال كونترول»، قد بدأت نتائجها تتظهر بشكل تدريجي من دون تسجيل أي تقدم على صعيد إقرار مواد المشروع الذي يُفترض أن تستكمل اللجان مناقشته قبل ظهراليوم.
فالمناقشات ما زالت في المادة الثانية التي تتحدث عن التعريفات وقد غرقت جلسة أمس في النقاش حول تعريف «الأموال الجديدة» و»الأموال القديمة» ما فتح الباب على مواقف واتهامات متبادلة بين نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وبعض النواب عند الحديث عن شطب مبلغ 60 مليار دولارمن الودائع أو الخسائر. اذ تفيد المعلومات أنّ الشامي قال بصراحة إنّه تمّ شطب 60 مليار دولار ما دفع بنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب إلى التدخّل ليشير إلى أنّ هذه المسألة تخرج عن سياق البحث الحاصل، ما بدا وكأنّه محاولة لحرف الأنظار عن «القنبلة» التي ألقاها الشامي.
واكتفى بو صعب بدردشة مع الصحافيين وأجّل التصريح العلني والرسمي إلى ما بعد جلسة اليوم، ليكشف عما أسماه «بطولات وهمية ومواقف شعبوية بعيدة عن الواقعية ومضمون المشروع ومواده المطروحة للنقاش والتصويت».
وفي ما بدا وكأنّه «بق للبحصة»، كشف أكثر من نائب أن الشامي «زحط» وتحدث عن شطب مبلغ 60 مليار دولار وفقًا لخطة التعافي، بينما دافع الأخير عن نفسه لدى خروجه قائلا: «عند مناقشة المشروع، تطرق بعض النواب إلى خطة التعافي، وقلت إن هذا الموضوع منفصل وموضوع شطب الودائع غير موجود، نحن نريد أن نعيد التوازن والعمل في مصرف لبنان كسلطة نقدية، لدينا خطة مفصلة أرسلت إلى مجلس النواب في أيلول والخطة الأولية أرسلت منذ أشهر، وهناك نوع من الشعبوية غير المقبولة، فالخطة تتحدث عن صندوق استرداد الودائع والتزامات المصارف تجاه مصرف لبنان».
في المقابل، رأى بعض النواب أن موضوع الإلتزامات بحدّ ذاته يعني شطباً بطريقة غير مباشرة لأنه سيُقتطع من الودائع، وهناك من ذهب أبعد من ذلك كالنائب جميل السيد الذي طالب بحضور الفريق التقني الذي أعد المشروع لأنّ الشامي عمل فقط على المادة الثالثة المتعلقة بتشكيل اللجنة، وفق ما نقل عنه السيد.
النقاش الذي استمر نحو ثلاث ساعات تركز حول تعريف «الأموال الجديدة» و»الأموال القديمة»، أي ما كان موجوداً قبل 17 تشرين الثاني 2019 وما تمّ ايداعه في المصارف بعد هذا التاريخ، لتحديد أيهما يطاله «الكابيتال كونترول». وذلك إنطلاقًا من واقعة إقفال المصارف بعد هذا التاريخ لمدة أسبوعين وليس ربطاً بحدث 17 تشرين والإنتفاضة، حيث جرت عمليات تحويل وتهريب أموال كبيرة خلال تلك الفترة.
ولأنّها «طبخة بحص»، لم يتم التوصل إلى صيغة لإقرارهذه المادة، فانتقل النقاش إلى المادة الثالثة التي تتحدث عن تشكيل لجنة خاصة تتولى مهمة تحديد وتطبيق «الكابيتال كونترول». وبعد نقاش تم تعليق الأمر بانتظار مناقشة صلاحيات هذه اللجنة الواردة في المادتين الرابعة والخامسة قبل البت بطبيعة اللجنة نفسها.
مجموعة نيابية – مصرفية
لكن مفارقة بو صعب كانت بكشفه أن ّهناك بعض النواب لا يريدون اقرار القانون وهناك مجموعة مصرفية لا يُستهان بها لا تُريد مناقشته. وأعلن أنه سيكشف تباعًا هؤلاء بالأسماء لأنهم يتبادلون الأدوار في تقطيع الوقت من خلال طلب الكلام أكثر من مرة خلال الجلسة ويرفضون الذهاب إلى التصويت على المواد بشكل واضح وصريح.
ولفت بو صعب إلى أنّ من بين من لديهم النيّة في الإعتراض، النواب: ميشال معوض، جميل السيد، مروان حمادة، سامي الجميل، راجي السعد وجورج عدوان الذي يريد ربط النقاش بخطة التعافي بشكل دائم وبمشروعي إعادة هيكلة المصارف وإعادة التوازن المالي.
ومن «بحصات» بو صعب أيضاً، إشارته إلى أن أحد كبارالمصرفيين طلب منه اسماً مُحدداً لكي يُمثل المودعين في طاولة النقاش التي نظمها نائب رئيس المجلس منذ فترة حول الكابيتال كونترول، متسائلاً: كيف يكون هذا الشخص يُمثل حقوق المودعين؟ وعلمت «نداء الوطن» أنّ المقصود بكلام بوصعب هو رامي عليق وشخص آخر.
وفي حين تحدثت مصادر نيابية عن خلفيات سياسية مبيّتة لا تُريد لحكومة تصريف الأعمال أن تُنجز أي خطوة على طريق مسار الإصلاح ولذا يتمّ وضع العصي بالدواليب، كانت «البحصة» أو» الصخرة «الأهم التي كشفت في جلسة الأمس، هي ما تحدث عنه النائب ميشال معوض حول أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إشتكى عليه أمام أحد السفراء بأنه لا يُريد السير بخطة النهوض وأنه ضد «الكابيتال كونترول».
وقد أثار هذا الكلام علامات استفهام وامتعاض من قبل عدد من النواب على خلفية تدخل بعض السفراء في مواقف ومناقشات النواب، وقد سُجل هذا الكلام في محضر الجلسة وبات بحاجة إلى توضيح من قبل كل من معوض وميقاتي.
في المحصلة، إنتهت جلسة اللجان أمس ولم يُسجل أي تقدم في النقاش واليوم موعد جديد مع الدوران في الحلقة المفرغة على قاعدة تقطيع الوقت، ومع اختبار النيات التي قال بوصعب إنه لن يتوانى عن كشفها وبالأسماء تباعاً على قاعدة تحديد المواقف من خلال التصويت على مواد المشروع بعد النقاش واقتراح التعديل حيث يجب.