هل يلزم الاستحقاق الرئاسي “بارد” ثانٍ؟

/ مرسال الترس /

بات واضحاً أن اللبنانين، أو بالأحرى المسؤولين في لبنان، قد وقعوا في فخ الترسيم البحري و”أكلوا الضرب”، فها هو العدو الاسرائيلي يستخرج الغاز والنفط في البحر المتوسط، ويعد العدة للتصدير إلى أوروبا، مباشرة أو بالواسطة، بينما ينتظر اللبنانيون على أحر من الجمر لبدء شركة “توتال” التنقيب في مربعاتهم البحرية من دون مواعيد محددة، عسى ان لا تتحول الى وعود عرقوبية، طالما أن السلطة في لبنان لم تلب جوهر المطالب الأميركية!

قد يكون من المفيد التذكير أن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، “هبّت” مطلع السنة الحالية، أي قبل 11 شهراً، لتعلن أن بلادها ستفعل كل ما يلزم لتأمين التيار الكهربائي عبر الغاز المصري والطاقة الأردنية. لكن، ما زال اللبنانيون حتى الساعة يدورون في حلقة تلك الوعود من دون نتيجة، لا بل الأنكى أنه يُمنع عليهم قبول هبة فيول من إيران لسد بعض النقص الحاصل!

ولكن لبّ المشكلة ليس هذا ولا ذاك، وإنما هو من سيكون رئيس الجمهورية المقبل، ليصار إلى أمرين: إما شدّ الأحزمة المعيشية والحياتية، وإما شد الحبل على الرقبة، وإلا ما هو التفسير الذي يجب أن يُعطى لتصريحات بعض كبار المسؤولين في الخارجية الأميركية التي تحذر بلاد الأرز من “فوضى واضطرابات في حال استمر الفراغ في السلطة”، كما جاء على لسان مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشّرق الأوسط باربرا ليف الأسبوع الفائت، والمقصود بكلامها عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشيرة الى أنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن “أعدت لمجموعة من السيناريوهات الفوضوية التي يمكن أن تحدث”.

تزامنت تصريحات المسؤولة الأميركية مع تحذيرات محلية وأوروبية وتسريبات صحفية عن خلايا داعشية تتدحرج إلى لبنان، وتحديداً إلى الشمال، الأمر الذي يوحي وكأن الاستحقاق الرئاسي بحاجة الى “نهر بارد” ثانٍ ليستطيع الخروج من شرنقته، كما حصل في العام 2007 حين سقط 428 شهيداً لبنانياً من بينهم 166 عسكرياً.

كأن الاستحقاقات اللبنانية، على تنوعها، في استنباط الدساتير والجمهوريات، لا يكتمل “نقلها” إلاّ بعد أن تتعمّد بالدم. وبخاصة أن المسؤولة الأميركية توقعت أن “تفقد السّلطة السيطرة على الأمور”، متنبئة بـ”هجرات جماعية”، وبأنّ “الكثير من أعضاء مجلس النوّاب أنفسهم سيحزمون حقائبهم ويذهبون إلى أماكن في أوروبا، أو أماكن أخرى حيث توجد ممتلكاتهم”!

وإذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء، نجد أن حضور “المارينز الأميركي” إلى العاصمة اللبنانية في العامين 1958 و1982، قد ارتبط بأحداث وصراعات لم يكن يشتهيها اللبنانيون، ولكنها ارتبطت مع قلب الصفحة الرئاسية بهذا الاتجاه أو ذاك!