يعتقد فيزيائيون أن الكون مسطح، وتشير الأدلة إلى أن هذا الكون حقا مسطح: الضوء المتبقي من الانفجار العظيم، ومعدل تمدد الكون في مواقع مختلفة، والطريقة التي “يبدو” بها من زوايا مختلفة.
وقد بحث ديفيد سبيرجيل، عالم الفيزياء الفلكية النظرية والأستاذ الفخري لعلوم الفيزياء الفلكية بجامعة برينستون، في شكل الكون مدى عقود. وفي دراسة نشرت عام 2003 في مجلة الفيزياء الفلكية، قاس سبيرجيل عدم انتظام الخلفية الكونية الميكروية (CMB)، الضوء المتبقي من الانفجار العظيم، والذي رصد بواسطة مسبار Wilkinson Microwave Anisotropy (WMAP) التابع لناسا وما بعده، ولاحقا من قبل مركبة الفضاء Planck التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية.
وتعد مقادير الطاقة الموجبة والسالبة في الكون المسطح متساوية تماما، وبالتالي يلغي بعضها بعضا. ولو كان في الكون انحناء، لكان أحد جانبيه أعلى من الآخر. وقال سبيرجيل: “الكون المسطح يتوافق مع كون بلا طاقة”.
وفي هذه الحالة، اقترحت قياسات WMAP لتقلبات CMB أن الكون كان لانهائيا ومسطحا. وقارن سبيرجيل أيضا هذه القياسات مع تلك التي أجرتها مركبة الفضاء Planck التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، والتي فرضت مزيدا من القيود على الأشكال المحتملة التي يمكن أن يتخذها الكون.
وقال سبيرجيل: “يمكننا قياس بعض انحناء ببعض من عدم اليقين، لذا يمكننا القول إن الانحناء صفر مع بعض عدم اليقين. وحتى يمكنّنا تقليل عدم اليقين، فإننا في أفضل الأحوال سنقيّد الهندسة فقط”.
وهناك سبب آخر لإيجابية سبيرجيل، هو أن تمدد الكون المسطح كان سريعاً، وهذا يلتقطه ثابت هابل. ونظرا لأن الكون انتقل من الوجود ككرة من المادة مضغوطة إلى التمدد للخارج بسرعات ملحوظة، فإن كل هذا التمدد جعله مسطحا، أو على الأقل أقرب ما يكون إلى المسطح.
وتظهر الأدلة على استواء الكون أيضا في ما يعرف بالكثافة الحرجة. فعند الكثافة الحرجة، سيكون الكون الافتراضي مسطحا وسيتوقف في النهاية عن التوسع، ولكن فقط بعد وقت غير محدود، وفقا لجامعة سوينبرن للتكنولوجيا في أستراليا. ولو كان الكون الافتراضي أكثر كثافة من هذا، لكان منحنيا مثل كرة وينهار في النهاية على نفسه بسبب جاذبيته – وهي ظاهرة مقترحة تُعرف باسم “الأزمة الكبيرة”.
لكن جميع قياسات كوننا الحقيقي تشير إلى أن كثافته أقل بقليل من الكثافة الحرجة، ما يعني أن الكون مسطح وسيتوسع إلى أجل غير مسمى.
وهناك دليل آخر يشير إلى أن الكون مسطح: إنه تماثل الخواص أو تشابهها في شتى الاتجاهات، ما يعني أنه يبدو متماثلا من كل زاوية. ونظر أنطون شودايكين، وهو عالم فيزياء في معهد الأبحاث النووية في روسيا، وزملاؤه، في البيانات الخاصة بالتذبذبات في المادة العادية أو “الباريونية”، بالإضافة إلى نماذج توضح كيف كانت النوى الذرية أثقل من الهيدروجين الذي تم إنشاؤه بعد فترة وجيزة من الانفجار العظيم، لتقدير انحناء الكون.
وقال تشودايكين لـ “لايف ساينس”: “في أشكال هندسية مختلفة، تتطور المادة والضوء بشكل مختلف، ما يسمح لنا باستخراج الشكل الثلاثي الأبعاد للكون من بيانات المراقبة”.
ووجد البحث، الذي نُشر في مجلة Physical Review D، أن الكون، ضمن هامش دقة يبلغ 0.2٪، كان مسطحا. وتشير البيانات إلى أن الانحناء المكاني يتوافق مع الصفر، وهذا يعني أن كوننا – ضمن عدم اليقين الإحصائي – لا نهائي.