/ غاصب المختار /
بات من الواضح أن قوى لبنان السياسية، أعجز من أن تنجز أي استحقاق مهم، سياسي أو اقتصادي أو معيشي، من دون توفير ظروف خارجية مؤاتية ومُساعدة، فما زالت المعادلات الاقليمية والدولية تتحكم بالوضع اللبناني بكل مفاصله، ولعلها هي من أوصلته إلى حالة الانهيار التي يعيشها، كياناً ومؤسسات رسمية، فلا رئيس للجمهورية ولا حكومة فاعلة كاملة المواصفات، ولا اقتصاد منتج، ولا حتى ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الاسرائيلي مقدّر له أن يصل إلى خواتيمه السعيدة باستخراج الغاز والنفط وتسويقه، من دون تأثيرات خارجية.
ويرى نائب سابق من نواب اتفاق الطائف في دردشة لمناسبة “العيد” الثالث والثلاثين للاتفاق، أن المعادلات الخارجية التي أملت التوصل إلى وقف الحرب الاهلية والتوافق على الميثاق الوطني والدستور، تغيرت بفعل الصراعات الكبرى الاقليمية والدولية القائمة.
ويقول لموقع “الجريدة”: إن معادلة الطائف الأميركية ـ السورية ـ السعودية، التي قامت عام 1989 بفعل التحضير لمؤتمر مدريد للسلام في الشرق الاوسط، سقطت مع فشل تحقيق السلام وسقوط الاتحاد السوفياتي وحصول تحولات سياسية استراتيجية في السياسة الخارجية الروسية، بين الاعوام 1990 و2000، وبلغت أوجها العام 2005 وما بعده، نتيجة خروج سوريا من لبنان وتسليم “حزب الله” ما يمكن تسميته “المقعد السوري” في الوضع الداخلي اللبناني، وحيث كان المطلوب ومازال إسقاط الحزب أيضاً بعد خروج سوريا.
ولا يتوقع النائب المذكور أي تغيير حالياً في الواقع اللبناني، نتيجة عدم نضوج معادلة خارجية جديدة تدير الوضع اللبناني، بل الخشية من تفاقم الأزمات والانهيارات بسبب تفاقم الصراع الاميركي ـ الروسي في أوروبا.
ويؤكد النائب المشارك في الطائف، أن ما يحصل في لبنان منذ سنوات، من شغور رئاسي متكرر وشبه شغور حكومي، لا يتعلق بنقص في نصوص الدستور أو التباسها أو تناقضها، ولا بكيفية تطبيق الطائف؟ فالمسألة الأساس هي كيف وجد الطائف ودستوره؟ وما هي العوامل التي تتحكم بتطبيقه؟ ويقول: هذا الارتباك والفوضى في الوضع اللبناني هو نتيجة “اللامعادلة”، بسبب عدم وجود تفاهم اميركي ـ سوري ـ سعودي جديد.
ويضيف: وضع المنطقة لا يقترب من تسويات كبرى، ما يعني صعوبة تركيب معادلة جديدة تُعيد إنتاج هذه السلطة. وإذا أردنا توقع الحلول يجب أن نعرف هل للخارج مصلحة في هذه الحلول؟ وعندما نتحدث عن الخارج، نقصد بالدرجة الاولى عن السياسة الاميركية.
ويقول النائب ذاته: للأسف لا مخارج، فموضوع رئاسة الجمهورية خاضع لتجاذبات خارجية، وكل دولة معنية بلبنان تريد رئيساً تابعاً لها أو ينفذ طلباتها.
إذ ذاك، يصبح السؤال المنطقي: هل يمكن انتخاب رئيس للجمهورية من دون معادلة توافق خارجية جديدة تدير الوضع اللبناني، وتنتشله من الهوة العميقة؟