/ هيلدا المعدراني /
لا يمكن أن يغيب عن احتفال الذكرى 33 لاتفاق الطائف في الأونيسكو، بعد كل ما قيل عنه وفيه، تلك المشهدية الجامعة في لحظة “الفراغ” الراهنة، أو أنه جاء كمخرج للأزمة اللبنانية في عام 1989، والأهم أن السفارة السعودية في بيروت سعت إلى تنظيمه برعاية السفير وليد بخاري وما يتفرّد به الأخير في حركته الدبلوماسية اللافتة.
لطالما عكست وثيقة “الطائف” حضور المملكة وهيبتها على مدى ثلاثة عقود خلت، كراعية وضامنة لمصالح “العمق العربي” في مواجهة “تمدّد إيران وذراعها حزب الله في لبنان”.
والمملكة لم تنكفئ عن لبنان في محطات كثيرة، بل خاضت معارك المناورات الإقليمية، وحرصت على تثبيت وجودها فيه. وفي هذا السياق، لا شك أن مؤتمر الأونيسكو ومشاركة كثير من المكوّنات السياسية اللبنانية، أراد تثبيت “مناعة” الطائف كوثيقة وطنية جامعة، بعد محاولات ضربه وتمييعه واستنفاد صلاحيته، أو تفكيكه عبر دعوات للحوار بمسميات وشعارات مختلفة، منها الدعوة الى “العشاء السويسري” منتصف الشهر الفائت، والذي سبّب إرباكاً سياسياً وأثار شبهات حول أهدافه والغرض من دعوته الى طاولة حوارية في تشرين الثاني الجاري في جنيف، إذا استكملت التحضيرات اللوجستية، بحيث يكون اللقاء فيها على شكل لقاء “سان كلو” الفرنسي.
ولم يتأخر الردّ السعودي في موقف بدا اعتراضاً على المؤتمر المزعوم عقده في جنيف، فكتب بخاري على حسابه عبر “تويتر” ليل 16 تشرين الاول: “وثيقة الوفاق الوطني عقد ملزم لإرساء ركائز الكيان اللبناني التعدّدي، والبديل منه لن يكون ميثاقاً آخر بل تفكيكاً لعقد العيش المشترك وزوال الوطن الموحّد واستبداله بكيانات لا تشبه لبنان الرسالة”.
ومع ذلك دُفن “العشاء السويسري” قبل ولادته، ولم يتمّ التجاوب مع الدعوة إليه، وتلاشى أي حديث عنه.
واستكمالاً لما تقدّم، فإن الحضور في مؤتمر الأونيسكو، ترك بصمته على المؤتمر، فحضر التيار الوطني الحرّ الأشدّ تحمساً لتعديل وثيقة الطائف، و”حزب الله” الحاضر بـ “ملائكته”، حيث أن مجرد عدم ذكر “السلاح” يشكّل حضوراً له من خلال عدم استفزازه، ما استدعى تعليقاً على لسان عضو المجلس المركزي الشيخ نعيم قاووق من ان “أحداً لم يطرح تغيير الطائف”.
تدرك السعودية أن أخصامها في الإقليم من إيران وحلفائها، لا يُستهان بهم، وأشدّهم “حزب الله” في لبنان، وهو يمسك بالقرار السياسي، وهي لن تترك الحبل على غاربه، في ظل انتكاسة مالية من المرجّح ان يطول أمدها، ومساعداتها ووقوفها إلى جانب لبنان يرتبط بمدى تأثيرها وكسرها لشوكة الحزب.
الوقت إذاً للمواجهة، والمملكة تقدّمت وتنتظر من حلفائها التقاط اللحظة!