/ هيلدا المعدراني /
دفعت الأطراف السياسية والحزبية في لبنان باتجاه تكريس الفراغ الرئاسي، وقبله الحكومي، وجهدت في تظهير مواقفها بسقوف مرتفعة، بغرض الاستثمار في لعبة الوقت الضائع، لفرض شروطها وتحقيق مكتسبات سياسية، من خلال المناورة وتوزيع الأدوار، وأصبح الدخول في أي استحقاق يخضع لمبدأ المساومات الداخلية تحت عنوان “التسوية”، وفي حساباتها يدخل الخارج أيضاً، ولن تكون طهران وباريس وواشنطن بعيدة عنها.
التكيّف مع الفراغ أو الشغور، لم يعد بالأمر الصعب، أسماء مرشّحة تُطرح على طاولة البحث قيد التداول والتمحيص، ثمّ إن المخارج جاهزة وفق مقتضيات العرض والطلب بين مكوّنات السلطة، والبازار مفتوح وفق مزايدات أحادية الأقطاب والكلّ ينادي “الأمر لي”!
تتقدّم ورقة الفوضى، والجرأة في إطلاقها يتطلب دافعاً في نفوس شبعت حتى التخمة من الحقد المتوغل في صدورها. تنطلق من منبر إعلامي أو من الشارع، من صدام أو عراك يتطوّر الى إطلاق رصاص، وربما يصل إلى اشتباك مع الجيش، مقدّمة لفلتان يفرّخ فروعاً طائفية مسلّحة تمهّد لحرب أهلية.
اللعب على حافة الهاوية، وشحن الشارع وتوريطه، من خلال سجال سياسي يشبه حلقات زجل لتبادل الاتهامات وكيل الشتائم بمصطلحات منمّقة، والرهان على وعي الجموع قد يخترقه متهوّر يشعل شرارة الفتنة.. والجرّة لا تسلم في كل مرة…
أشهر الفراغ المرشحة أن تمتد حتى مطلع العام المقبل، وربما أكثر، على الأرجح أنها لن تخلو من خضات أمنية وقطع شوارع واستنفارات يطلقها مناصرو الاحزاب، إلا أن مفاعيلها ستكون محدودة، فالقرار الخارجي يقضي بعدم هز الاستقرار.
المراوحة في مربع الانتظار، لاعتبارات عدة، في طليعتها عدم السماح بتدفق النازحين إلى دول أوروبية وغربية. وتشير أوساط سياسية إلى أن الرسائل التحذيرية الفرنسية والأميركية من إطالة أمد الفراغ، ومنع انتخاب رئيس للجمهورية، والتخلف عن تشكيل حكومة في ظل انهيار مخيف، قد تصبح أكثر حدة، وهي لا تستبعد التلويح بعقوبات جدية على كيانات ومسؤولين لبنانيين تشمل قيوداً على سفرهم وتحركاتهم.