انتعاش وبهجة في ربوع معرض “أرضي” بعد إنكفاء اضطراري

“الجريدة” تنقل مشاهداتها من داخل معرض “أرضي”

/زينب نعمة/

‏بقوّة واحترافية وفرادة في التجربة، افتتح معرض أرضي التاسع فعالياته هذا العام بعد اعتكاف تجاوز السنتين بسبب جائحة كورونا. المعرض تنظّمه جمعية مؤسسة جهاد البناء بالتعاون مع جمعيات وبلديات وبرعاية وإشراف وزارة الزراعة.

فتح معرض أرضي أبوابه في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت نهار الخميس في 31 تشرين الأول ويستمر إلى نهار الأحد 6 تشرين الثاني من الساعة العاشرة صباحاً إلى الى 10 مساء”.

فسحة فرح وانتعاش
كثيرة هي الأوصاف التي نستطيع إطلاقها على هذا التجمّع الجميل بحسب وصف كارولين زبيب من منطقة بيروت، وهي إحدى العارضات للإكسسوارات والحلي اليدوية في “أرضي”. تصف زبيب لموقعنا تجربتها بالرّائعة، وهي المرة الأول التي تشارك في هذا المعرض تحديداً وقد لفتها التنظيم الكبير والجهد الهائل من قبل الجهة الراعية والعاملين. تُعرب زبيب عن سعادتها في المشاركة وعن الفوائد الكبيرة التي حصّلتها لا سيّما الإعلانية، حيث عرّفت الناس على مشروعها الصغير الذي يتضمّن إنتاج الأساور والسلاسل وغيرها من الإكسسوارات اللطيفة المميزة والفريدة.

يقول الأستاذ عادل أحمد وهو المسؤول الإعلامي في معرض أرضي، إنّ أعداد المشاركين من العارضين لهذا العام قارب الألف عارض من مختلف المناطق اللبنانية. وفي مقابلة خاصّة مع الجريدة أكّد أحمد أنّ أعداد الزائرين تخطّى ال150 ألف زائر، والرقم سيزداد حتى نهاية المعرض يوم الأحد من الأسبوع الجاري، والمرجّح أنّه سيتخطى ال500 ألف زائر في ختام الفعاليات. هذا الرقم يعدّ الأعلى من بين كل السنوات التي أقيم فيها المعرض برغم الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها قسم كبير من اللبنانيين بسبب انهيار قيمة العملة الوطنية بشكل فادح.

تتنوّع الزوايا في المعرض بين مونة وأشغال يدوية وحرفيات والمقطّرات وغيرها العديد من السلع والمواد. المشاركون جاؤوا من مختلف المناطق اللبنانية: بيروت ،الجنوب، البقاع، الجبل، عكار، كسروان ..

أما زينب صعب فهي إحدى المشاركات من قرية الخرايب فإنّ أبرز ما تعرضه هو دبس الخروب التي تشتهر عائلتها بصناعته أباً عن جد من دون أيّ مواد حافظة أو سكريات، وبطريقة احترافية عالية مشهود لها منذ سنوات طويلة ما جعلها مقصداً لمن يرغب في الحصول على دبس الخرّوب البلدي اللذيد والمفيد. تشتهر الخرايب بشجر الخروب مع ما تحمله هذه الشجرة من فوائد صحيّة جمّة.

كما تعرض صعب مجموعة من المنتجات الطبيعية مثل المقطّرات (ماء الورد والزهر).

السيد سليم قطيش وهو من بلدة حولا الجنوبية يعبّر عن أهمية هذا المعرض في تعريف الناس على أصناف المونة وأنواعها كالكشك والزعتر والمكدوس والمربيات (بكل أنوعها).

وفي مقابلة مع الجريدة يؤكّد قطيش أنّ هدفه من المشاركة بمعرض أرضي هو كسب الخبرات لتقديم المنتوجات بأجود وأفضل نوعية. بالإضافة إلى أنّه يفتح للمشاركين قنوات التعارف بين مختلف أطياف الشعب اللبناني، ما يعدّ فرصة للتعايش والإنفتاح، هذا ما يعود بالفائدة على التسويق التجاري وتحريك العجلة الإقتصادية لا سيّما في قطاعي الزراعة والصناعات الحرفية التقليدية. كما تتوسّع الآفاق لتطال التجّار من خارج لبنان مع تشجيعهم لإستيراد المنتوجات الوطنية اللبنانية. ويؤكّد قطيش أنّه يسعى إلى تقديم كل ما تحتاجه السفرة اللبنانية لا سيّما في مجال الأعشاب كالزهورات ودقة الكبّة وغيرها العشرات من الأصناف.

يقدّم المعرض خدمة كبيرة للمزارعين وأصحاب الإنتاج من أجل تصريف منتجاتهم وحمايتها من الكساد لا سيّما لأصحاب القرى البعيدة الذين غالباً ما يجدون صعوبة في تعريف المستهلكين على منتجاتهم ومونتهم.

تحريك العجلة الإقتصادية
نكمل جولتنا في المعرض لنصل إلى زاوية زيت الزيتون البلدي الأشهر والتي حدّثتنا عنه السيدة فاطمة حمود من قرية ربّ ثلاثين الجنوبية التي أكّدت لـ”الجريدة” أنّ الزيت التي تنتجه مع عائلتها هو الأفضل بعد فحصه من قبل مختبرات وهو ينال الدرجة الأولى في معرض أرضي في معظم السنوات.

وتقول حمود إنّ هذا المعرض هو محطّة انتظار سنوية بالنسبة إليها بسبب الفائدة والبهجة التي ينشرها في نفسها كما غيرها من المشاركين الذين أكّدوا على نفس الفكرة، وكيف أنّ هذه الفسحة السنوية تجلب لهم عدا عن المنفعة الاقتصادية والمادية التي ترضيهم، كذلك تحقق لهم راحة نفسية وإيجابية كبيرة هم في حاجة إليها.
يُلاحظ الازدحام الكبير داخل المعرض لا سيّما في الفترة المسائية حيث يتوافد الآلاف لشراء المنتوجات وللمشاركة في الفعاليات الكثيرة التي تُقام. معظم الزائرين يستعملون المواصلات أو المشي بسبب عدم توافر موقف خاصّ لركن السيارات.

ومن ضمن الفعاليات التي أُقيمت في المعرض أكبر سندويشة زعتر، حيث تمّ لفّ سندويشة كبيرة طولها 25 متر مع الخضار، وغيرها أنشطة عدة ومتنوّعة ومختلفة.
الجميع من دون استثناء عبر عن امتنانه وفرحه بهذا المحفل الجميل وحجم المحبّة والألفة التي رافقت كل تفاصيله، بالإضافة إلى الفوائد الإقتصادية الجمّة المرافقة لهذا التجّمع اللبنانيّ الفريد، وكم كانت الأجواء إيجابية ولطيفة برغم كل الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان.

تجمّع مليئ بالألوان الزاهية والأصناف المميزة والروائح العطرة التي شكّلت مجتمعةً مشهداً بديعاً وراقياً. أثبت معرض أرضي للمنتوجات الزراعية والحرفية أنّ العمل الدؤوب والتظيم العالي والتعاون والمحبة هو الذي يصنع النجاح والإستمرارية ويحقق الأهداف.