الخميس, ديسمبر 11, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderالشيف السويسري.. والفطور الرئاسي: المصالح إغتالت "بابا ناويل"!

الشيف السويسري.. والفطور الرئاسي: المصالح إغتالت “بابا ناويل”!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

/ جورج علم /

ترك المسعى السويسري علامات استفهام. لم يعد مهمّاً معرفة من عطّل عشاء السفارة، وحال دون حصول الإستدارة حول طاولة الحوار.. المهم النتيجة، ليس في الإنسداد اللبناني من بوّابة مفتوحة، ولا من أفق خارجي واضح المعالم. أصحاب الدعوة الى المأدبة هم أهل الحياد، وأربابه، والرافعين لواءه في العالم قاطبة، وعدم التلبية يعني أن حياد لبنان، أو محاولات تحييّده متعذّر في الوقت الراهن، نظراً للنهم الدولي حول غازه، ونفطه من جهة، وصراع المحاور على أرضه من جهة أخرى.

والنهم بين الدول المتنافسة، ليس فوضويّاً، ولا إنتهازيّاً، بل يستند إلى مسارين متلازمين حتى الآن، الأول يتأثّر بالحرب الأوكرانيّة، وتداعياتها الواسعة، ويهدف إلى الإستثمار بالتخبّط الداخلي، والتباينات ما بين الأحزاب السياسيّة، لتعميم الفوضى، وإضعاف لبنان أكثر فأكثر، وإفقاره، وتجويع شعبه للسيطرة على ثروته النفطيّة، وتقاسم الحصص ما بين الدول الطامحة، كلّ وفق حجمها، وتأثيرها على المشهد السياسي الداخلي.

ويستند المسار هذا إلى مداميك متهالكة بالعجز والإحباط. ليس من حجر رحى في الداخل يبنى عليه. فراغ ما بعده فراغ، وجلسات متتالية في مجلس النواب، ولا دخان أبيض يتصاعد من مدخنته، ويؤشر إلى إنتخاب رئيس، فضلاً عن انهماك فريق من المتورطين في إعداد جردة حساب لعهد الرئيس ميشال عون بهدف تحميله، و”ذريّته السياسيّة”، مسؤولية الإنهيار، ثم البحث عن الخيارات المستقبليّة التي تؤمن لكل مجموعة ديمومة مصالحها الخاصة تحت شعار البحث عن الرئيس المنقذ.

ولا حجر رحى يبنى عليه في الخارج. الفاتيكان يكتفي بالصلاة، وإغداق التمنيات. الولايات المتحدة منهمكة في بناء جسور مصالحها مع إيران. روسيا غارقة في رمال أوكرانيا، وتمكّنت من توظيف المسيّرات الإيرانيّة في الحرب الأوكرانيّة، وهذا دليل على مدى الشراسة التنافسيّة ما بين موسكو وواشنطن لجذب اللاعب الإيراني الإستراتيجي. فرنسا تتأرجح ما بين شتاء قارس، وحماوة احتجاجات، ومظاهرات مطلبيّة في الشارع. السعوديّة عالقة ما بين نهم أميركي، وطمع إيراني، فيما تتمظهر المجموعة الدولية لدعم لبنان بمظهر العاجز المقصّر، والطامح الطامع بثروة الغاز، والنفط.

أما المسار الثاني فلا يحتاج إلى تعريف، ذلك أن الدول الصديقة، من الولايات المتحدة ، إلى الإتحاد الأوروبي، إلى الفاتيكان، إلى سائر عواصم دول القرار، تريد لبنان وطناً للإستيعاب. تريده “حلاّل المشاكل”، بحيث يصار إلى تصفية العديد من أزمات الشرق الأوسط على حسابه. أليس هو وطن التعدديات الإثنية والثقافية؟! ولأنه كذلك، فهو مؤهل بحكم تنوّعه، لأن يستوعب المزيد، لمعالجة العديد من القضايا العالقة، والملفات المزمنة!

إن التعاطي الدولي مع لبنان لا يحتاج في هذه المرحلة إلى بطاقة تعريف، من الأمم المتحدة، ومنظماتها الإنسانيّة الناشطة في بيروت، إلى دول الإتحاد الأوروبي، إلى مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجيّة… كلها معنيّة بملف واحد هو “الدمج”، أي دمج المجتمع الوافد بالمجتمع المقيم، وبعد ذلك كل المشاكل تهون!

عندما جاءت وزيرة الخارجيّة الفرنسيّة كاترين كولونا إلى بيروت، لم تحمل معها إسم الرئيس. كانت واضحة في إفشاء “كلمة السر”: المجتمع الدولي الذي تراهنون عليه غير مكتمل النصاب، وغير مكتمل المواصفات، كلّ دولة فيها ما يكفيها، ولكل دولة حسابات جارية مع الدول الأخرى ضمن نطاق المجموعة التي يراهن عليها لبنان، وبالتالي لا بدّ للعودة الى محرابكم، وسقف داركم، وإجراء المقتضى لانتخاب رئيس صنع في لبنان بفضل حواركم، وانفتاح بعضكم على البعض الآخر.

في غابر الأزمنة، كانت النصيحة بجمل، ولا من يتعظ، فكيف الحال، وإن أتت مجّانا كما هو حاصل اليوم؟!

بعض المنظّرين في صفوف النواب يعتبر بأن لا شيء في لبنان  يعطى مجاناً، و”عندما تظهر حقائب المال في أفق الأثير، قل انفرجت.. وقوموا تا نهنّي”!

لكن يبقى عامل الوقت مهماً، إنه سيف ذو حدّين، ضاغط، وقاطع، ويستطيع أن يفرز كل أنواع المنغّصات.

قيل أن الرئيس نبيه برّي قد عيل صبره، وحددّ 31 الجاري موعداً للبدء بتحرّك. “بس يفلّ الرئيس من القصر منشوف شو منعمل، لا بدّ من الحوار للوصول إلى تفاهم”. حدّد المواصفات الرئاسيّة المطلوبة، ولم يعترض أحد، “لأن العقدة ليست فقط بالمواصفات، بل بالتوافقات”، وعاد وحدد المسار الذي يمكن أن يقود إلى التوافق، أي الحوار. لكن قبل أن يبادر إلى توجيه الدعوة، برزت على جنبات الطريق أسئلة مثيرة، وعلامات استفهام كثيرة: سبق لرئيس الجمهوريّة ميشال عون أن دعا الى طاولة حوار، ولم تلب دعوته، آنذاك، نتيجة النكد السياسي،  فلماذا تلبّى الآن؟ وإذا كان الحوار غير ممكن في ظلّ رعاية الرئيس عون، هل يصبح ممكناً برعاية الرئيس برّي؟ ثم حوار حول ماذا؟ حول مواصفات الرئيس، أم مواصفات النظام الذي يفترض “تشحيله”، وقطع اليابس منه، وإبقاء النضر، والجيّد؟ وهل الحريصون على “الطائف” حرفيّاً، يقبلون بأي تعديل، أو “تشحيل؟ ثمّ إذا كان عشاء الحوار محرّماً  في السفارة، هل تجوز الترويقة الرئاسيّة في صحن البرلمان؟!…

الأسئلة كثيرة. والتحديات الخارجيّة أكثر، وما أصعبها عندما تكون متناغمة مع الإنقسامات الداخليّة.. ولكن الرئيس رشيد كرامي، رحمه الله، كان يلجأ عند الدهماء الى القول: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل”.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img