كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
يزدهر سوق بيع غالونات الزيت هذه الايام لتعبئة «البترول الأخضر» وقد سجّل سعر الغالون 100 الف ليرة، بعدما كان سابقا بـ5 آلاف ليرة. كثر وجدوا في هذا القطاع فرصة عمل جديدة، حتى محطات المحروقات القريبة من المعاصر دخلت على خط بيعها، فهي مربحة على حدّ ما يقول العامل قاسم، لا سيما وأنّ المزارع يضطر لشرائها وبكمّيات كبيرة، مؤكّداً أنّ «هذا السوق فرضته معاصر الزيتون، فالمزارع يحتاج الغالونات لملء زيته وتخزينه، أضف الى أنّه جزء من تكلفة تنكة الزيت، وقد تجاوزت الـ100 دولار، وقد ترتفع أكثر». يحقّق قاسم أكثر من 20 مليون ليرة يومياً من بيع هذه الغالونات، فموسم الزيتون يوفّر فرص عمل كثيرة للشباب، إن في قطافه بأجرة 10 دولار يومياً، أو في العمل في المعاصر، أو بيع الغالونات.
في معصرة الزيتون عمّال يتّحدون معاً لانجاز المهام الموكلة اليهم، الخطأ ممنوع. كلّ يقوم بدوره، فأجرة اليوم الواحد تصل الى ٥٠٠ الف ليرة تضاف اليها 50 الف ليرة عن كل ساعة إضافية. يدرك فراس، وهو أصغر العاملين أنّ العمل شاقّ، ومع ذلك يمضي في جرّ عربة كبس الزيتون بصعوبة غير آبه بالتعب. ما يهمّه هو أنّه وجد فرصة عمل ولو لشهرين. يتولى حسن إفراغ أكياس الزيتون ووضعها داخل آلة لتنظيفها من الورق، فيما يغسل حسين «حبّات البترول» كما يسمّيها المزارعون، تمهيداً لنقلها الى جرن الطحن، حيث تُرمى المهمّة على أحجار المعصرة، ليبدأ بعدها شبّان بنقل الزيتون المهروس الى ألواح قشّ توضع في آلة الكبس، ومنها يرشح الزيت الأخضر.
في المعصرة يتسابق المزارعون لعصر حبات «اللؤلؤ» الخضراء، يدرك معظمهم أنّ الزيتون لن يرشح زيتاً وفيراً بسبب تأخّر المطر، وينهمك المعلم أحمد ترحيني في تدوين أسمائهم.
لفترة شهرين فقط تفتح المعاصر أبوابها، تحقّق ارباحاً طائلة، «كانت تصل سابقاً الى 100 الف دولار اميركي، أمّا اليوم فستتخطّى المليار ليرة»، يقول احمد، مؤكّداً «أنّ الانتاج هذا العام وفير جداً، غير أنّ الزيت قليل»، ويؤكّد «أنّ المعاصر تحقّق ارباحاً كبيرة، وأصحابها يعتمدون على الموسم ليكفيهم طيلة السنة». يُعدّ قطاع معاصر الزيتون الأكثر انتاجية وربحاً، فكيلو الزيت يكلف 30 الف ليرة، أي أنّ تنكة الزيت سعة 16 كيلو تكلّف المزارع 480 الف ليرة، تضاف اليها أجرة القطاف اليومية 400 الف ليرة، وثمن غالون البلاستيك 100 الف ليرة، فتصل كلفتها الى مليون ليرة تقريباً، وتباع بمئة دولار. اللافت أنّ العاملين في القطاع معظمهم شباب من التابعية السورية، فـ»اللبناني لا يحبّ التعب»، بحسب احمد. ليس عصر الزيتون ما يحقّق ارباحاً لاصحاب المعاصر، وايضاً «جفت» الزيتون الذي يُعدّ قيمة مضافة على أرباحهم لا سيّما مع ارتفاع الطلب على هذه المادة. في معصرة الزيتون تتعرّف الى واقع لبنان، الى مزارع مهدور حقّه، إلى صاحب معصرة يعيش «ملكاً» وإلى شبّان وجدوا بالموسم فرصة عمل، هنا تتعرّف على حقيقة المجتمع اللبناني الذي بات يشبه الزيتون المرّ فلا يطيب الّا بالرصّ.