عرين الأسود

نابلس بحماية “عرين الأسود”: تمرّد على السلطة لمواجهة الاحتلال

/ فاطمة جمعة /

يعيش الاحتلال الإسرائيلي حالة ارتباك، بسبب تصاعد وتيرة العمليات الفدائية التي ينفّذها شبان فلسطينيون في محيط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، في ظلّ إقرار إسرائيلي بالعجز عن وقف هذه العمليات التي تكثّفت خلال الشهر الجاري.

وكانت صحيفة “هآرتس” العبرية، قد سلطت، في تقرير موسع لها، الضوء على الشبان المنفذين للعمليات، وهم منظمون ضمن مجموعة “عرين الأسود”.

https://twitter.com/BntAlqassam2/status/1581325288847179777?s=20&t=q9jAXvwIvV3TWVd9arzf-g

وبحسب الصحيفة، فإنه، في بداية السنة الحالية، لاحظ جهاز الأمن لدى الاحتلال، ارتفاعاً في عمليات إطلاق النار على أهداف عسكرية في نابلس، ونسب هذا الارتفاع إلى مجموعات أُطلق عليها إسم “كتائب نابلس”، التي زادت نشاطاتها في البلدة القديمة من المدينة. إلا أن عملية نُفّذت في شباط الماضي ضد عنصر من الاحتلال كان يقود سيارته قرب قرية حوارة في الضفة الغربية، وأطلق فلسطينيون عليه النار من سيارة مسرعة، لتظهر بعدها “عرين الأسود” وتتبنى العملية.

ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه المجموعة، المسؤولة عن عمليات إطلاق نار كثيرة في نابلس، منها عملية “شافي شومرون” التي أوقعت إصابات وقتلى في صُفوف العدو، عملية “دوار دير شرف”، عملية ضد مستوطنين فوق “تلة جرزيم”، عملية “كدوميم”، عملية نوعية على مفرق قرية “بيتا”. وآخر سلسلة من هذه البطولات قيام أحد أفراد “الأسود” بفتح النار على جنود قوات الاحتلال عند حاجز مخيم شعفاط، حيث قُتلت مجندة وسقط عدد من الإصابات، ولا يزال الاحتلال يحاصر المخيم بحثاً عن الفدائيين، ويمارس أقسى أساليب الحصار كمنع الخدمات الطبية وحرمان الطلاب من الوصول إلى مدارسهم.

أعضاء “عرين الأسود”

تتكون مجموعة “عرين الأسود” من نشطاء كانوا في السابق أعضاء في تنظيمات مختلفة، وتسلسل الأحداث جعلهم يصنفون أنفسهم من جديد باسم “عرين الأسود”. المجموعة تعمل في نابلس، وتحديداً في البلدة القديمة، وتحدد هدفها العلني بمواجهة الجنود الإسرائيليين عندما يدخلون إلى المدينة أو يأتون لتأمين المستوطنين اليهود المقتحمين لقبر يوسف في المدينة.

كان ينتمي معظم أعضاء المجموعة لحركة “فتح” حتى الأشهر الأخيرة، وكثير منهم أبناء عائلات لأعضاء في أجهزة الأمن الفلسطينية، وعملوا في السابق في إطار التنظيم أو في إطار مجموعات مسلحة كانت تخضع لأوامر السلطة والأجهزة الأمنية، فيما تزعم صحيفة “هآرتس” أن معظم أعضاء المجموعة هم شباب علمانيون في أعمار ما بين 18 و24 سنة، وهم ليسوا ممن يذهبون إلى المساجد ولا يتأثرون بالشخصيات الدينية.

وكشفت الصحيفة أنه في محادثة هاتفية مع بعض أعضاء المجموعة، اعترفوا أن “كل نشاطهم يتركز في الرد على نشاطات جيش الاحتلال الإسرائيلي، كما لا توجد غرفة عمليات بالمعنى العسكري أو خطط وأهداف”، لافتين إلى أن “التنظيم بعيد عن أن يكون ميليشيا منظمة أو نشاطات، مثلما في غزة مع الذراع العسكري لحماس أو الجهاد الإسلامي”.

https://twitter.com/zulfiqarkd/status/1581345190417424385?s=20&t=q9jAXvwIvV3TWVd9arzf-g

موقف السلطة الفلسطينية

قبل أسبوعين، استدعى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس رؤساء الأجهزة الأمنية للتحدث معهم، كاشفاً عدم استعداده للموافقة على استمرار نشاطات “المسلحين” الذين لا يخضعون لأوامر السلطة، وطلب أن يواصلوا العمل على جمع السلاح واعتقال من اعتبرهم “نشطاء محرضين”. وعرض المجتمعون “الصعوبات التي يواجهونها للعمل ضد المسلحين الذين يقولون إن أساس نشاطهم هو ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي وليس ضد المدنيين”.

وتعتزم السلطة بذل جهود من أجل دمج “عرين الأسود” في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بحيث يسلمون أنفسهم ويلقون سلاحهم مقابل فترة اعتقال محدودة أو الإقامة الجبرية، بعد ذلك يتم دمجهم في الأجهزة الأمنية الفلسطينية إذا أثبتوا التزامهم ووافقوا على ذلك. غير أن المجموعة وبعد مفاوضات استمرت لبعض الوقت، رفضت عرض السلطة.

هكذا ينتفض الفلسطيني منفرداً انطلاقاً من الدافع النضالي، بمعزل عن أي أطر تنظيمية وسياسية، للدفاع عن أراضيه ومقدساته، إذ شكلت مجموعة “عرين الأسود” إحدى الهواجس الرئيسية لكل من أجهزة الأمن الإسرائيلية والأجهزة الأمنية الفلسطينية، وكانت توعّدت في بيان لها بمزيد من العمليات وبمفاجآت لن يتوقعها الاحتلال في الأيام المقبلة.