/ علاء حسن /
لم يحتمل العدو الصهيوني مرارة الصمود اللبناني، المستند إلى صلابة موقف رئيس الجمهورية والفريق المفاوض، ومن خلفه المقاومة القابضة على الزناد وسلاحها متأهّب وصاحي، في لعبة الحسابات الدقيقة التي قد تؤدي إلى انفجار المنطقة في أية لحظة.
اجتمع المجلس الوزاري المصغر، بعد تسريبات اسرائيلية حاولت نعي اتفاق الترسيم مع لبنان، وتم تفويض رئيس حكومة العدو ووزير الحرب ونفتالي بينت بمتابعة سيناريو التصعيد على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، أي مع لبنان. الأمر الذي ينفي وجود تصريح رسمي صهيوني حول موافقة “الكابينت” على “ضربة وقائية” أو استباقية، خلال جلسة مناقشة مسودة الاقتراح الأميركي حول ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وذلك خلافاً لما تم تداوله، بما يوحي أنه في حال حصول تصعيد، يكون الإجراء الإداري المتبع هو التفويض المقدم للمذكورة أسماؤهم.
لكن، ما الذي دفع بالعدو الصهيوني الذهاب نحو هذا السيناريو؟
من خلال المعلومات المتوفرة، يبدو أن العدو الصهيوني شعر بأن التسليم باتفاق الترسيم، بالشكل والإخراج الذي حصل، سوف يفتح شهية الأطراف الأخرى، ومنها غزة، على محاولة التصعيد من أجل الحصول على مكتسبات على أكثر من صعيد.
وفي هذا السياق، تشير المعلومات إلى أنه لا توجد حتى الساعة أي تحركات عسكرية تذكر في الشمال الفلسطيني، تنذر بوجود نية اسرائيلية جادة للتصعيد مع لبنان، وهذا ما أشارت إليه القناة 13 العبرية قائلة “إن ما قام به غانتس من إعلان الجهوزية، هو خدعة معيبة لا تتناسب مع شخصيته الرسمية، لا تغيير بالوضع الأمني في الشمال. واضح أن هذا الإعلان غير موجه للجنود، وإذا كان يريد ان يرفع الجهوزية فلا يخرج ليعلن هذا عبر وسائل الاعلام”.
وهذا أيضاً ما أكدته قنوات أخرى أفادت أن الجاهزية الحالية لدى القوات الصهيونية شمال فلسطين، تشبه إلى حد بعيد ما كانت عليه قبل شهر، الأمر الذي يفسر أن ما يجري لا يعدو كونه فقاعة إعلامية لحفظ الحد الأدنى من ماء الوجه. فالكيان المأزوم داخلياً، والعاجز عن مواجهة غزة، أو العمليات المستمرة في الضفة، لن يكون في وارد الدخول في حرب شاملة مع ما أسماه “التهديد الوجودي” له، أي المقاومة في لبنان.
وفي المقلب الآخر، يسود الهدوء في الجبهة الجنوبية في لبنان، رغم حالة “الجهوزية الصامتة” التي تتبعها المقاومة، بانتظار ما سيعلن عنه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يوم الثلاثاء المقبل” بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.
يدرك العدو الصهيوني أن الدولة اللبنانية قدمت كل ما تملك للحفاظ على الهدوء في الجنوب، وأن المقاومة التي وقفت خلف الدولة خلال هذه المدة، لن تألو جهداً للحفاظ على حق لبنان في الاستثمار في ورقة التوت الأخيرة التي قد تنقذ ما تبقى من هذا الهيكل. ويدرك العدو جيداً أيضاً، أنه في ظل المتغيرات الدولية الحالية، قد تكون أي مغامرة له هي حربه الأخيرة.