دراسة فقهية ـ دستورية: التردّد في تطبيق المادة 62 لا يتوافق مع مفهوم تصريف الأعمال
الأمين العام لمجلس الوزراء: التفسير المتلوّن للدستور لخدمة المصالح.. أصبح نهجاً!
حسم الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكّية النقاش بشأن دستورية ممارسة حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال الشغور الرئاسي، استناداً إلى نصوص الدستور، وكذلك إلى الفقه والاجتهادين اللبناني والفرنسي.
وأكد القاضي مكّية، في دراسة فقهية ـ قانونية أعدها، أنه وعملاً بمبدأ استمراريّة المرفق العام، وتحاشياً للوقوع في الفراغ أو في فراغ الحُكم، وحرصاً على سلامة الدولة، يحقّ للحكومة المُستقيلة أن تتولّى صلاحيات الرئاسة الأولى وكالةً إلى أن يتمكّن المجلس من اختيار رئيس جديد.
ولفت مكية في دراسته إلى أن التردّد في تطبيق المادة 62 من الدستور (صلاحيات رئيس الجمهورية تُناط وكالةً بمجلس الوزراء في حال خلوّ منصب الرئاسة لأي علّة كانت) بحجة أن الحكومة مُستقيلة، لا يتوافق مع المفهوم الخاص بـ”تصريف الأعمال”، باعتبار “أنّه يقتضي على هذه الحكومة أن تُبادر، وجوباً، إلى اتخاذ كل الإجراءات التي تتطلّبها الحالة القائمة، مهما كان لهذه الإجراءات من ذيول ونتائج، وذلك بشرط واحد، وهو أن تكون مُضطرّة، حفظاً للمصلحة العامة، وهي القاعدة السياسية المعروفة لدى الرومان، بقولهم: salus populi suprema lex esto، أي إنّه يقتضي أن تكون سلامة الشعب القانون الأسمى”.
وذهب مكية أبعد بحيث اعتبر أن مجلس الوزراء المُكلّف تصريف الأعمال يُمارس صلاحياته (الخاصة به) بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال، لكنه يُمارس كل الصلاحيات الخاصة بالرئيس كاملة بالوكالة عنه في حال خلوّ سُدة الرئاسة، إلا تلك التي من شأن ممارستها إيجاد فراغ كامل في المؤسسات الدستورية، والمقصود بذلك بشكل خاص حلّ مجلس النواب بحيث من غير المقبول أن نكون أمام مشهديّة يتزامن فيها الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية مع حكومة مُستقيلة ومجلس نيابي تمّ حلّه.
وأكد القاضي مكية أنه استناداً إلى المادة -62- المذكورة، فإن مجلس الوزراء، وعند خلوّ سدّة الرئاسة، سيُمارس وكالةً صلاحيات رئيس الجمهورية، وإنّ الأعمال والقرارات التي سيتّخذها ستتمتّع بصفة النفاذ المُباشر على اعتبارها تماماً كأنها صادرة عنه.
ورأى القاضي مكية المُحزن أنّه أمام كثرة المُناكفات والخلافات والمُشاحنات والتي شارك فيها الجميع من دون استثناء، وما رافقها من ابتداع لتفسيرات ومخارج مُبتكرة (ثلت ضامن، ثلث معطّل، ميثاقية، توافقية…)، أُصيب النظام في مقتل ولم يعد قادراً على الصمود، وأصاب معه الدستور الذي أصبح وجهة نظر تتغير النظرة إلى نصوصه حسب المواسم والمصالح والمُناسبات، ففقدَ أهم خصائصه كناظمٍ لبنية المؤسسات الحكومية والسياسية وعملها، كما فقدَ عملياً الشرعية العامة سنده الأساسي، وأصبح تفسيره المُتلّون والمُتبدّل نهجاً يُنشده الكثيرون أملاً إمّا باستعادة صلاحيات “مسلوبة” وإما تحقيق “مكاسب” جديدة وإما الحصول على “امتيازات” مفقودة.
للإطلاع على النص الكامل للدراسة التي أعدها الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية،