بري يُطلق معركة الرئاسة.. “الثقة” عقدة حكومية جديدة؟

/محمد حمية/

أطلقت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري المجلس النيابي الى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، المعركة الرئاسية والسباق الى قصر بعبدا، رسمياً، لكنها رسمت تساؤلات عدة حول خلفية الدعوة، وما إذا كانت مجرد حثّ للمجلس والقوى الممثلة فيه على تزخيم حراكها لحسم مواقفها وتحالفاتها والإفصاح عن مرشحيها، أم تأتي الدعوة في اطار قيام رئيس المجلس بواجباته كرئيس للمجلس ودفع المسؤولية عنه ورميها على الكتل والأحزاب، بعدما تلقى سيلاً من المطالبات بالدعوة الى جلسة لانتخاب الرئيس، فأراد الرئيس بري جس نبض الكتل وسبر أغوار مواقفها الأولية، للبناء على الشيء مقتضاه في الجلسات المقبلة.

واللافت هو توقيت الدعوة التي جاءت بعد يوم واحد على إقرار قانون موازنة العام 2020، ما يعني أن الرئيس بري انتظر تمرير الموازنة لكي يدعو لجلسة لانتخاب الرئيس، قبل أن يتحول المجلس الى هيئة ناخبة ويتعذر عليه التشريع. فهل هذا إقرار ضمني بأن مجلس النواب لا يمكنه مناقشة الموازنة وإقراراها، كونها تدخل في اطار العمل التشريعي؟

وإذا كانت دعوة بري من باب رفع العتب السياسي وحض الكتل على التوافق، فهل يستطيع المجلس في هذه الفترة ممارسة دوره ومهامه خارج اطار انتخاب الرئيس؟ وإذا كان الجواب سلبياً، فهل تعني الدعوة أن الرئيس بري فقد الأمل بولادة حكومة جديدة؟ وهل يستطيع المجلس منح الحكومة الجديدة الثقة بعدما تحول الى هيئة ناخبة؟ وهل تتحول الثقة الى عقدة جديدة أمام تأليف الحكومة؟

ووفق مصادر مطلعة على أجواء عين التينة قالت لموقع “الجريدة”، فإن الرئيس بري مارس حقه الدستوري وصلاحياته بعد اتهام بعض القوى السياسية له بأنه تأخر بالدعوة الى جلسة، كما جاءت بعد الدخول في المهلة الدستورية، وبعدما أصبحت الأولوية انتخاب الرئيس بعد إقرار الموازنة. وتشدد على أن لا علاقة بين الدعوة وبين تأليف الحكومة التي تتواصل الجهود لتأليفها.

وعن تواصل الرئيس بري مع الكتل لكشف توجهاتها، إزاء حضور الجلسة وتأمين نصاب الانعقاد، تلفت المصادر الى أن “المسؤولية الوطنية تفرض على جميع الكتل الحضور وعدم تعطيل النصاب طالما أن معظم، لا بل جميع، الكتل أكدت أنها ستحضر أي جلسة للانتخاب”.

عضو كتلة التنمية والتحرير النائب د. ميشال موسى يوضح لـ”الجريدة” أن “رئيس المجلس قام بواجبه الدستوري بالدعوة الى جلسة لانتخاب الرئيس، لكن مسألة الحضور من عدمه تتعلق بالكتل النيابية، ولا يمكن التكهن بموقفها”، ويلفت موسى الى أن “المجلس يمكنه القيام بدوره التشريعي وغير التشريعي طيلة المهلة الدستورية المحددة لانتخاب رئيس الجمهورية، رغم تحوله إلى هيئة ناخبة، كما يمكنه منح الحكومة الثقة عند تأليفها، ولا نص دستوري يمنعه من ذلك”.

ويعتبر خبراء دستوريون لـ”الجريدة” أن “دعوة الرئيس بري المجلس للانعقاد لا تحوّل المجلس حكماً الى هيئة ناخبة، إنما يقتضي على مجلس النواب أن ينعقد، وبالتالي بحال توافر النصاب وافتتح بري الجلسة، عندها يتحول المجلس الى هيئة ناخبة وفي هذه الجلسة لا يمكنه التشريع، أما الدعوة فقط، فلا تكفي لأن يتحول البرلمان لهيئة ناخبة. أما خارج انعقاد الجلسة فيبقى مبدئياً مجلساً مشرعاً مراقباً تصرفات وأداء الحكومة، ويمكن له أيضاً منح أي حكومة عتيدة الثقة”.

وقد شكل التصويت على الموازنة، أمس الأول، “بروفة” للتصويت المحتمل في انتخابات رئاسة الجمهورية، بحيث استطاعت كتل ثنائي “أمل” و”حزب الله” و”التيار الوطني الحر” و”الاشتراكي” ونواب عكار وبعض المستقلين، تأمين أكثرية بلغت 63 نائباً، ما يرفع احتمال استقطاب نائبين من الطرف الثاني لامتلاك أكثرية الـ65 صوتاً وانتخاب المرشح الذي تتوافق عليه، بشرط أن لا تقاطع الكتل الأخرى الجلسة وأمّنت نصاب انعقادها. ما قد يدفع كتل “القواتط و”الكتائب” و”التغييريين” الى مقاطعة الجلسة، لدفع الكتل الأخرى الى التوافق معها على رئيس وسطي مقابل تأمين النصاب، علماً أن رئيس “القوات” سمير جعجع كان أعلن، أمس، أنه يملك وحلفاؤه 67 نائباً.. فهل سيأتي بهم الى المجلس الخميس؟ تجيب مصادر مجلسية: “المي بتكذب الغطاس، وإن الخميس لناظره لقريب”.