/ مرسال الترس /
مع التشويش المرافق لأفق الاستحقاق الرئاسي، تتركز الانظار على لقاء النواب السنّة يوم السبت في دار الفتوى، وبرعاية مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في خطوة أولى لجمع شتات نواب طائفة كانت حتى الأمس القريب، وطوال قرابة عقدين ونصف من الزمن، ممسكة بإدارة مسار الحياة السياسية في لبنان بمختلف أوجهها.
ويبدو أن اجتماع دار الفتوى سيكون، وفق تقاطع العديد من المعطيات، مقدمة لاجتماع لاحق برعاية السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، الأمر الذي سيتيح تكوين كتلة سنية، أو على الأقل “تقارب أفكار” بين نواب الطائفة، بما يسمح لهم أن يصبحوا “بيضة القبان” الأكثر تأثيراً في الاستحقاقات المقبلة، وتحديداً منها الاستحقاق الرئاسي، مع تسرّب معلومات أن الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة هو من يصوغ البيان الختامي للقاء دار الفتوى.
وتوحي التقديرات أن لقاء دار الفتوى سيحضره نحو 24 نائباً، من أصل 27 نائباً يمثّلون السنّة في لبنان، حيث سيتغيّب كل من النواب: أسامة سعد، إبراهيم منيمنة وحليمة قعقور.
لكن الأكيد، أن النواب الـ24 لديهم توجهات سياسية مختلفة، وكذلك حسابات متباعدة في مختلف القضايا السياسية الأساسية. فالنواب المحسوبون من المقربين إلى الرئيس سعد الحريري لن يغرّدوا بعيداً عن سرب توجهاته العامة، ونواب التغيير الجدد لهم حساباتهم المختلفة، والنواب المحسوبين على 8 آذار لديهم مواقف واضحة ولن تتغير في هذا اللقاء.
على هذا الأساس، فإن المرجح هو أن يكون التقاطع بين هؤلاء النواب على تأكيد الالتزام باتفاق الطائف كدستور، والتحذير من محاولة تغييره أو الإطاحة به.
ولذلك، فإن النقاش سيكون محصوراً بهذه النقطة، على الأغلب، فضلاً عن أفكار ستطرح حول مرجعية السنّة في لبنان، وهي ستكون في سياق محاولات بعض الطامحين منهم للعب دور مرجعي، بغض النظر عن حجمه، في غياب الرئيس سعد الحريري الذي ما زال يحتفظ بالرصيد الأكبر من بين هؤلاء النواب في الشارع السني.
وتكشف معلومات خاصة لـ”الجريدة” عن استغراب بعض النواب الذين سيحضرون لقاء دار الفتوى، من توجه السفير السعودي وليد البخاري لدعوة هؤلاء النواب إلى لقاء ثانٍ في دارته، خصوصاً أن لقاء دار الفتوى نفسه جاء بدفع من السفير، وأن اللقاء في السفارة يخفف من وهج لقاء دار الفتوى، فضلاً عن أن الدعوة إلى لقاء في السفارة سيقسم النواب السنة وأن عدد الذين سيحضرون لقاء السفارة سيكون أقل من عدد الحاضرين في دار الفتوى. خصوصاً أن حركة لقاءات السفير البخاري مؤخراً تعرّضت لانتقادات حادة واتهامات بتدخّله المباشر والعلني في الاستحقاقات اللبنانية، الحكومية والرئاسية.
ويبدو أن هذا الأمر لن يكون مستساغاً لدى فريق من نواب السنّة، وسيؤدي إلى شرذمة في صفوفهم، وبالتالي إضعاف ـ وربما إلغاء ـ مفاعيل لقاء دار الفتوى.
وبحسب المعلومات الخاصة بـ”الجريدة”، فإن السفير السعودي وليد البخاري تلقّى نصائح عديدة، لبنانية وديبلوماسية عربية، لصرف النظر عن هذه الدعوة. إلا أن السفير البخاري بقي متمسّكاً بها، مما أوحى أن للقاء السفارة هدفاً محدداً، جوهره الأساس الإعلان أن السعودية هي المرجعية السياسية لسنّة لبنان، وأن أي تفاوض في أي شأن سياسي لبناني يجب أن يكون معها مباشرة، وهي تتولّى الإدارة السياسية عن سنّة لبنان.
وعلى الرغم من أن لقاء السفارة لن يحضره كل المشاركين في لقاء دار الفتوى، لاعتبارات عديدة، إلا أن الأكثرية ستكون حاضرة، وسيكون عدد المشاركين بحدود 20 نائباً تقريباً، وهو يشابه عدد النواب السنة الذين كانوا ينتمون إلى تيار “المستقبل”، ما يعني، بالنسبة للسفير السعودي، “مشروعية” التمثيل السياسي لسنّة لبنان.