/ مرسال الترس /
منذ أكثر من سنة، طرح البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي فكرته لـ “حياد لبنان” عن محيطه المضطرب باستمرار، لكي يستطيع أبناؤه العودة إلى عيش حياتهم بطمأنينة ورخاء، كما ترسّخ في ذهن العديد من أبنائه بأنه “قطعة من السما، عالأرض تاني ما إلا”، في حين طرأت في السنوات الأخيرة على مفهوم عيشهم أفكار “تستسهل الموت من أجل الاستشهاد لأنه طريق إلى الجنة”.
ومن أجل إيصال مفهومه لهذا الحياد إلى من يعنيهم الأمر في هذا “اللبنان”، لم يتوان سيد بكركي عن الدعوة إلى “مؤتمر وطني” يتم خلاله طرح الأفكار بمفهوم منفتح، وبدون شروط مسبقة، ما قد يؤدي ذلك “العصف” إلى استيلاد “نموذج سويسري” في هذا الشرق تُفتح له أبواب الأمم جميعها، وتساعده على تحقيق رغبته.
في قناعة البطريركية، التي “أُعطي لها مجد لبنان”، أنه عندما تم إعلان حياد سويسرا الأوروبية، التي عاشت لعقود صراعاً داخلياً مقيتاً، ومثلها لبعض الوقت حياد النمسا، فإن ذلك الحياد أتى من رحم حروب طاحنة بين أمم أوروبية (على سبيل المثال لا الحصر المانيا وفرنسا).
في رأي بكركي، “ما الذي يمنع إذاً أن يحظى لبنان بهذا الشرف”؟ فلبنان يعيش وسط شرق ملتهب وبدون هوادة منذ نصف قرن، وليس ما يشير الى أن هناك أفقاً لهذه الصراعات، “طالما أن هناك محوراً يبدأ من فلسطين وينتهي في اليمن مروراً بلبنان وسوريا والعراق وإيران، يعيش حالاً من الحروب والعوز والفقر بالرغم من كل الثروات التي يمتلكها. وبمواجهته محور غربي ـ عربي يعيش بطمأنينة ووفر وبحبوحة ونمو بيئي واجتماعي غير مسبوق”.
بمفهوم “غبطته”، لا يعني ذاك الحياد المشار إليه أن يكون لبنان في صلح أو تطبيع مع العدو الإسرائيلي، وإنما في حالٍ من “نأي بالنفس” عن الحرب معه أو مع سواه.
يسأل الراعي “ما هي المصلحة الوطنية التي تقضي بأن يبقى هذا الوطن في حالة حرب دائمة على مدار الأيام، من دون القدرة على لجمها أو الفوز بها على صعيد المنطقة ككل؟ ولذلك، وإزاء الوضع القائم “فليكن لبنان دولة مساندة، بدل أن يكون دولة مواجهة”.
وطالما أن القوى ـ “القبائل” اللبنانية، غير متفقة على كلمة سواء بالنسبة الى الصراعات القائمة، فلماذا لا تتجه إلى كلمة سواء على كيفية ترسيم الحدود الطائفية والمذهبية في ما بينها، بدل أن تستقوي على بعضها بهذا الغريب أو ذاك، وكل منها تنتظر هذا الدعم الخارجي أو ذاك لكي تبدّل في ميزان القوى لصالحها، وكأنها في “حرب بسوس” لا تنتهي.
تطرح بكركي القوى اللبنانية إلى أن تستوحي مجتمعة “النموذج الأفغاني”، فتنتظم بـ “لويا جيرغا” لبنانية، قد تلهمها على العيش تحت سماء هذا الوطن قوى متعاونة على محبته وتقدمه، بدل البقاء مستنفرة على صراعات لم يكن لها دور في إذكائها وليس لها أي قدرة على وضع حد لها.