/غاصب المختار/
تغيّر أداء المجلس النيابي، بلا أدنى شك، مع وجود تكتل قوي لنواب المعارضة على اختلاف أطيافها، وربما برغم اختلافاتها على مسائل كثيرة، فلم يعد التصويت العشوائي مقبولاً، ولم تعد الجلسات تنتهي بعبارة “صُدّق صُدّق”، نظراً لعدم وجود كتل كبيرة متجانسة تدير اللعبة في البرلمان كما كان يحصل سابقاً. وهذا أمر على الكتل الكبيرة التقليدية الاعتراف به وبتأثيره على مجريات العمل النيابي.
لكن لسوء الحظ، فإن هذا التغيير في أداء المجلس قد ينعكس سلباً على انتاجيته إذا استمرت المعارضة في تعطيل المشاريع والقوانين التي لا تتوافق مع رؤيتها، أو في ممارسة التعطيل للتعطيل فقط لأسباب وحسابات سياسية محض، على ابواب الاستحقاقات المقبلة، ومن قبيل تسجيل النقاط وإثبات قوة الحضور.
لذلك، كان الأجدى برئيس المجلس نبيه بري أن يعتمد طريقة أخرى لمناقشة الموازنة وللتصويت عليها، حتى لو لم يقبلها أو يُقرها أغلب النواب، نظراً لضعفها وهشاشتها، كما اعلنوا في مداخلاتهم. لكن كان الأجدى أيضاً بالكتل التي “طيّرت” نصاب جلسة التصويت أن تبقى في البرلمان، وتفرض النمط والأداء الذي يسمح بتصحيح مسار الجلسة وتعديل ما أمكن من مشروع موازنة العام 2022، لا أن تعتمد أسلوب التحدّي والتعطيل والاعتراض الكيدي غير المجدي، بحيث أن تطيير الموازنة لمجرد الاعتراض عليها سيترك انعكاسات سلبية أكثر على الوضع الاقتصادي والنقدي والانتاجي.
حتى الآن لا يجمع معظم كتل المعارضة المستجدة إلا الاعتراض على بعض الامور الموضعية، الأساسي منها والفرعي، لكن لا توجد استراتيجية واحدة ولا رؤية واحدة لكل الاستحقاقات المقبلة، التشريعية والرئاسية والانمائية والخدماتية، فلكل طرف استراتيجيته ورؤيته ومقارباته وفق حساباته الحزبية. لذلك، يبقى أداء مجموعات المعارضات سلبياً بالإجمال وليس انتاجياً أو تغييرياً فعلياً، خاصة أنه ليس بمقدورهم قلب المعادلات المجلسية وتوازنات القوى بشكل دراماتيكي فعّال.
ويرى المتابعون لعمل “المعارضات”، لا سيما “التغييريين” والمستقلين منها، أنه لا بد لها أن تغير هي أيضاً أداءها بما يجعل عملها منتجاً وواقعيا لا بهلوانياً كما هو حاصل الآن. ولا شك أن الكثير من أعضاء هذه الكتل لديهم المؤهلات البشرية والعلمية التي لو استغلتها في اداء سليم وواقعي، قد تترك التأثير الأفعل في انتاجية المجلس وفي الوضع العام، ولدى الخصوم، وليس لدى الجمهور فحسب.