أظهرت دراسات علمية سابقة مخاطر التدخين، وارتباط تلك العادة بطيف واسع من الأمراض من ضمنها سرطان الرئة، ومشكلات القلب، وحتى علاقته بالأمراض التنكسية العصبية، والسكتات الدماغية.
إلا أن دراسة جديدة عُرضت في مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب، تؤكد أن مخاطر التدخين تتجاوز جميع التصورات، وأن المدخنين لديهم قلوباً أضعف مقارنة بغير المدخنين، وكلّما زاد عدد السجائر المُدخنة كلّما أصبحت وظائف القلب أسوأ.
لكنّ الخبر الجيد في الدراسة هو أن بعض وظائف القلب “تم استعادتها”، عند إقلاع المدخنين عن تلك العادة المُدمرة.
ومن المعروف أن التدخين يسبب انسداد الشرايين، ما يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب التاجية والسكتة الدماغية، لكن الباحثين يقولون إنه يؤدي أيضاً إلى زيادة سماكة القلب ما يُسبب ضعف العضلة.
وأضاف الباحثون: “كلّما دخنت أكثر، كلما أصبحت وظيفة قلبك أسوأ لكن يمكن للقلب أن يتعافى إلى حد ما مع الإقلاع عن التدخين، لذلك لم يفت الأوان بعد للإقلاع عن التدخين”.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يقتل التبغ أكثر من 8 ملايين شخص كل عام. فتدخين السجائر مسؤول عن 50٪ من جميع الوفيات التي يمكن تجنبها لدى المدخنين، ونصفها بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية.
وللتدخين آثار ضارة راسخة على الشرايين وأمراضها مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية.
وأظهرت الدراسات أيضاً أن التدخين مرتبط بارتفاع خطر الإصابة بفشل القلب، إذ لا تضخ عضلة القلب الدم في جميع أنحاء الجسم كما ينبغي. عادةً لأنّ التدخين يُسبب ضعف القلب وتصلّبه. وهذا يعني أنّ الجسم لا يتلقى الأكسجين والعناصر الغذائية التي يحتاجها ليعمل بشكل طبيعي.
لكن، هذه الدراسات لم تفحص العلاقة بين التدخين وبنية القلب ووظيفته بشكل كامل. لذلك استكشفت هذه الدراسة ما إذا كان التدخين مرتبطاً بالتغيرات في بنية ووظيفة القلب لدى الأشخاص غير المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتأثير تغيير عادات التدخين.
واستخدمت الدراسة بيانات من الدراسة الخامسة للقلب في مدينة كوبنهاجن، التي بحثت في عوامل الخطر القلبية الوعائية والأمراض في عموم السكان. وتم تسجيل ما مجموعه 3 آلاف و874 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 20 و99 عاماً.
واستندت إلى استبيان ذاتي للحصول على معلومات عن تاريخ التدخين ولتقدير سنوات التدخين، وهو عدد السجائر التي يدخنها الشخص طوال حياته.
وخضع المشاركون لفحص الموجات فوق الصوتية للقلب الذي يوفر معلومات حول هيكل القلب ومدى عمله بشكل جيد.
وقارن الباحثون بين مقاييس تخطيط صدى القلب للمدخنين الحاليين مقابل غير المدخنين بعد ضبط العمر، والجنس، ومؤشر كتلة الجسم، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول، والسكري، ووظيفة الرئة.
وكان متوسط عمر المشاركين 56 عاماً و43٪ من المشاركين من النساء. وكان ما يقرب من واحد من كل 5 مشاركين مدخنين حاليين بنسبة 18.6٪، بينما كان 40.9٪ مدخنين سابقين و40.5٪ لم يدخنوا مطلقاً.
ومقارنة بغير المدخنين الذين لم يدخنوا أبداً، كان لدى المدخنين الحاليين قلوباً أكثر سماكة وضعفاً. وارتبطت زيادة سنوات التدخين بضخ كمية أقل من الدم.
ووجد الباحثون أن التدخين وتراكم سنواته، يرتبطان بتدهور بنية ووظيفة غرفة القلب اليسرى، الجزء الأكثر أهمية في القلب.
كما وجد الباحثون أن أولئك الذين استمروا في التدخين على مدى 10 سنوات طوروا قلوباً أثقل وأضعف وأقل قدرة على ضخ الدم، مقارنة بمن لم يدخنوا مطلقاً وأولئك الذين أقلعوا عن التدخين خلال تلك الفترة.
ويقول الباحثون إن الدراسة تؤكد أن التدخين لا يضر الأوعية الدموية فحسب، بل يضر القلب بشكل مباشر أيضاً. والخبر السار هو أن بعض الضرر يمكن عكسه من خلال الإقلاع عن التدخين.