/ مرسال الترس /
تضجّ الساحة اللبنانية في هذه الآونة بالعديد من المواضيع التي تحتاج الى مسؤولين يستطيعون اتخاذ قرارات حاسمة بشأنها، سلباً او ايجاباً، خير من أن تبقى معلّقة، ويبقى معها المواطن يدور في حلقة مفرغة، حيث مداخيله وقدرته الشرائية تنهار أمام عينيه منذ ثلاث سنوات، ولا يجد مسؤولاً يبدي اهتماماً بحسم أي أمر، مهما كَبُرَت عظائمه أو صَغُرَت!
وفق مصادر متابعة وشبه لصيقة، بأن النواب التغييريين الثلاثة عشر الذين دخلوا الى مجلس النواب منذ ثلاثة أشهر ونيّف، وجدوا أنفسهم مبتدئين في العمل التشريعي، بالرغم من أنهم جميعهم أهل اختصاص في هذا المجال الأكاديمي أو ذاك، إلاّ أنهم لمسوا وكأنهم كطلاب وصلوا حديثاً إلى مدرسة ابتدائية ولا يفقهون من علوم صفوفها الأولى شيئاً، وأنهم أمام جهابذة، ليس في سن القوانين وحسب، وإنما أمام أساتذة في تدوير زوايا القوانين وجعلها طي الخطط والرغبات المحددة سابقاً. ولذلك يرى المواطنون ويلمسون أن هناك العديد من القوانين التي اتخذها المجلس النيابي لا تجد طريقها للتنفيذ.
وعلى هذه الخلفيات وسواها، قرّرت هذه المجموعة، وربما بإيحاء من جهات تخطط لأعضائها أن يكونوا فاعلين، أن تكون مستعدة للاستماع إلى سلسلة من المحاضرات التي تضيء لهم الجوانب الغامضة في التشريع، بغية أخذ دورهم كاملاً، وليس البقاء “كمالة عدد”!
خطوة قد يفسرها سياسيون مخضرمون بأنها “كشفت” القدرات المحدودة لهذه المجموعة، والتي علق عليها مواطنون كُثُر آمالاً بإحداث نقلة نوعية في التشريع، ولاحقاً ربما التنفيذ. ولكن مصادر قريبة من تلك المجموعة، ردّت بمطالبة المسؤولين والسياسيين الفاعلين بإظهار قدراتهم في اتخاذ قرارات حاسمة في ما هو مطروح منذ ثلاث سنوات وما زال يتأرجح كشيء يدور في حلقة مفرغة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: السرية المصرفية والكابيتال كونترول واستيراد النفط الخام المجاني من إيران لحل مشكلة الكهرباء المستعصية والتي أكلت أخضر ويابس الدولة… وأخيراً وليس آخراً، الدولار الجمركي القادر ان يقضي على ما تبقى من قدرات المواطنين على الصمود.
فالعيب ليس في أن يقول المرء انه لا يعرف تفاصيل أي أمر ويحاول ان يكسب معارفه ممن يكون ملماً به، ولكن الجريمة الكبرى، وذلك ما هو حاصل في لبنان، أن المسؤولين يدّعون من خبراتهم المكثفة في سنوات الحكم أنهم ملمّون بما هو أفضل للبلاد والعباد، وإذ بهم، من خلال قراراتهم، أو عدم اتخاذ قرارات حاسمة، قد أوصلوا البلاد إلى “العصفورية” و”جهنم”، وما زالوا يصرون على أن ما يعتمدونه من “اجراءات” هي التي ستنتشل البلاد مما هي فيه من مآسي وأزمات غير مسبوقة على صعيد العالم أجمع، في حين أنها في انحدار سريع إلى ما لا تُحمد عقباه، إلاّ إذا كانوا يدرون فعلاً ما هم فاعلون، وتلك الطامة الكبرى!