هل تعود المياه بين “التيار الحر” وحركة “الاستقلال”؟

/ مرسال الترس /

على المسرح السياسي في لبنان المواكب للاستحقاق الرئاسي، تبدو كل الاحتمالات واردة من أجل تبادل الرسائل بين الأفرقاء المتنافسين للوصول إلى قصر بعبدا، وأصبح واضحاً أن المبدأ الأساسي في الحركة المحلية يعتمد القاعدة المعمول بها منذ زمن بعيد في السياسات العالمية، والتي تقول “لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة.. بل مصالح دائمة”. وهذا ما بدا واضحاً في الاتصالات التي تسجّل. والساحة المسيحية هي الأكثر تفاعلاً في ما هو قائم.

وفي حين يبدو “تيار المردة” أنه الأكثر توازناً في هذ الإطار، والذي يسعى للحفاظ على مسافة واحدة من الجميع بدون قفزات بهلوانية، يندفع الآخرون في سلسلة من الارتباطات غير المتوقعة، والتي كانت تندرج في اطار المستحيلات:

حزب “القوات اللبنانية” الذي خسر جزءاً كبيراً مما كان يضعه في إطار التنسيق والصداقة مع “الحزب التقدمي الاشتراكي”، وأقفل الباب على أي احتمال لـ”اتفاق معراب” آخر، أو “أوعا خيّك” مع “التيار الوطني الحر”، مع أن رئيسه النائب جبران باسيل قد رمى صنارة في بحيرة العلاقات المتشنجة منذ العام 2017. إلا أنه، أي حزب “القوات”، ذهب باتجاه توسيع مروحة اتصالاته مع النواب التغييرين، لعله ينجح في الحد من اندفاعهم مع النواب السياديين إلى تشكيل نواة تكتل يمكنه تسجيل تقدم على “القوات” و”التيار البرتقالي”، ولذلك شدّدت معراب على وجوب استقطاب بعض النواب التغييريين، وبصورة لقاءات غير معلنة. كما أن حزب “القوات” لم يتوان عن فتح قنوات اتصال مباشرة مع رئيس حركة “الاستقلال” النائب ميشال معوض، بعد قطيعة تخللتها دورتان من الانتخابات النيابية وتحالف مع “التيار الوطني الحر”، والحبل على الجرار…

أما “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل، فيسعى إلى فتح صفحة جديدة في كل الاتجاهات، على الرغم من أنه لم يُبقِ له صاحباً طوال السنوات الست السابقة إلاّ وفتح معه معركة. ولذلك فهو حاول توجيه رسائل مبطنة مؤخراً باتجاه “عدوه اللدود”، حزب “القوات اللبنانية”، وسعى لأن يكون وسيطاً في حل مشكلة المطران موسى الحاج. ولكن الخطوة لم تبلعها بكركي، والتي “طنّشت” عن طرح باسيل بترتيب اجتماعات مسيحية مع القوى التي تعتبر أكثر تمثيلاً في الشارع، وبذلك يستبعد رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية عنها، للبحث عن اسم يتوافق عليه المجتمعون، يكون المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية.

وفي هذا السياق لا تستبعد مصادر متابعة للاتصالات الحثيثة أن يقوم باسيل بفتح ثغرة في الجدار الذي بات قائماً بينه وبين النائب معوض، والذي نجح في استقطاب عدد من النواب التغييريين. وإذا حصل ذلك يكون الطرفان قد أجهضا أي فكرة لدى النواب السياديين الآخرين، أمثال نعمت فرام وسامي الجميل، في أن يكون أي منهم طرحاً بديلاً في تجمع النواب الستة عشر، والمرتقب له أن يتوسع الى حدود منتصف العشرينات، كما يجهد لذلك النائب معوض الذي يركز في مروحة اتصالاته الموسعة على رص الصفوف انطلاقاً من تحديد الركائز التي على أساسها سوف يلتف نحوها الجميع ويتبناها المرشح للرئاسة. وكل مرشح يتبنى المبادئ ويحمل الصفات المطلوبة، يحظى على دعم الجميع، أو على الأقل هذا ما يتم التسويق له.

وإذا تكلّلت خطة باسيل بالنجاح، فأنه يكون قد ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، وبالتالي في المعارك كل الأسلحة مباحة، بما فيها “أسلحة” التواصل التي لا ترتكز على قاعدة أو مبدأ!