/محمد حمية/
تتقلّص المهلة الزمنية الفاصلة عن موعد بدء الاحتلال الإسرائيلي استخراج الغاز من حقل “كاريش”.. عشرة أيام سيكون وقعها ثقيلاً على كافة “اللاعبين” في ساحة الحدود الجنوبية.. العد العكسي لمطلع أيلول يبدأ غداً مع إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله والمتوقع أن تسبقها، أو تعقبها بأيام قليلة أو ربما ساعات، رسالة عسكرية شديدة الوقع على الداخل الإسرائيلي، ستدفع ملف ترسيم الحدود إلى حافة الحسم ومرحلة أشد تعقيداً وخطورة واحتمالات ثلاث:
* إعلان حكومة الاحتلال، رسمياً، تجميد أعمال استخراج الغاز من كاريش إلى ما بعد الانتخابات في تشرين، بسبب الخلاف بين الحكومة والمعارضة، ووجود عقبات قانونية أمام الاتفاق، ما يدفع “حزب الله” إلى تجميد مقابل لخطواته حتى إشعار آخر. لكن “عين الحزب” العسكرية ستبقى مترصدة لحركة باخرة الاستخراج، بالتوازي مع رسائل تحذير للعدو من مغبة الاستخراج من الحقول الممتدة على شاطئ فلسطين، وفقاً لمعادلة نصرالله: “غاز ونفط شاطئ فلسطين، مقابل غاز ونفط شاطئ لبنان”.
* أن تذهب حكومة الاحتلال إلى اتفاق مع المعارضة على توقيع اتفاق الترسيم مع لبنان، للإسراع باستغلال الحاجة الأوروبية للغاز، لتحقيق مكاسب مالية واقتصادية قبل توقيع الاتفاق النووي الإيراني والافراج عن الصادرات النفطية الإيرانية الى دول العالم، ولا سيما أوروبا، وهذا أحد أسباب قيام العدو باستخدام كافة أوراق الضغط على الإدارة الأميركية لعرقلة توقيع الاتفاق النووي.
* إصرار العدو على استخراج الغاز من كاريش في الموعد المحدد، مع الاستعداد لاحتمالات الحرب العسكرية، والرهان على الضغوط الأميركية على المسؤولين اللبنانيين لثني “حزب الله” عن أي رد عسكري، وبالتالي ذهاب الأمور الى توتر على الحدود وردات فعل متبادلة قد تتدحرج الى حرب عسكرية.
وتداولت مواقع إعلامية ومنصّات تواصل اجتماعي، مساء أمس، معلومات عن تحركات وحشود عسكرية إسرائيلية على طول الشريط الحدودي، مع تفعيل القبة الحديدية تحسباً لأي طارئ، وذلك عشية حدثين: الأول، اطلالة نصرالله الذي سيوجه رسائل شديدة اللهجة وحاسمة ونهائية للعدو وللأميركيين، وفق معلومات موقع “الجريدة”. والثاني، تسريب معلومات أن “حزب الله” سيوجه رسالة عسكرية، قريباً جداً، عبر إرسال مسيرة حربية للقيام بحركة ما فوق منصة كاريش أو ما يحاذيه، كرد على مماطلة الإسرائيليين والأميركيين، وكرسالة تحذير أخيرة قبل الاستهداف المباشر للباخرة.
الحركة العسكرية الإسرائيلية على الحدود، تؤشر إلى ثلاثة احتمالات، بحسب محللين عسكريين:
* الاستعداد الطبيعي لأي ردة فعل من “حزب الله”، لتعزيز الموقف التفاوضي للعدو إذا أراد استمرار المفاوضات لتوقيع اتفاق الترسيم، أو حتى لو أراد تجميد استخراج الغاز من كاريش.
* التحسب لتحرك “حزب الله” لمنع العدو من استخراج الغاز من الحقول المحاذية لكاريش، وفق معادلة نصرالله.
* توفير الحماية العسكرية لقرار استخراج الغاز من كاريش، حتى لو ذهبت الأمور إلى حرب تستفيد منها الحكومة الإسرائيلية في الانتخابات، وظهورها على أنها حامية لـ”الحدود والحقوق الإسرائيلية”، ولم ترضخ لـ”حزب الله”.
أوساط مراقبة تتخوف من الغموض الذي يعتري الموقف الإسرائيلي من الترسيم، وكذلك حركة الوسيط الأميركي الذي قد يحضّر، بالتنسيق مع إسرائيل، مكيدة للبنان، تعقبها مفاجأة قد تكون عدواناً عسكرياً إستباقياً على لبنان، على غرار ما حصل في عدوان تموز 2006، يُجنّب كيان الاحتلال التداعيات السياسية للخلاف حول توقيع اتفاق الترسيم، ويوحده تحت عنوان معركة الدفاع عن “الحقول الاسرائيلية”، وقد يطيح في الوقت نفسه بالاتفاق النووي الإيراني ويضع الأميركيين أمام الأمر الواقع.
وفي ضوء هذه التطورات والمناخ التصعيدي، تتعزز فرضية الحرب وتتجمع ظروفها الداخلية والإقليمية وكذلك الدولية، بعدما تم تدويل الثروة الغازية والنفطية في المتوسط، ودخول الروسي لاعباً مضارباً في المتوسط وملف ترسيم الحدود جنوباً، وارتباط القرار الروسي بقرار “حزب الله” بمنع اسرائيل من استخراج الغاز وتصديره إلى اوروبا، وتزيد نسبة مخاطر الحرب بعد الضغوط الإسرائيلية على الإدارة الأميركية لتجميد الاتفاق النووي الإيراني.