“أزمة ثقة” بين بعبدا وميقاتي: الحكومة جدّية.. أم “طبخة بحص”؟

يمكن رصد عناصر أساسية في زيارة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا، أولها أن المشكلة الفعلية التي تذرّع بها ميقاتي لتعطيل مساعي تشكيل حكومة جديدة ليست في تحديد رئيس الجمهورية ميشال عون موعد له، إذ إنه توجه أمس إلى القصر من تلقاء نفسه. وثانيها أن التشكيلة الحكومية قابلة للتعديل والمناقشة، وهو أمر كان يرفضه سابقاً. وثالثها والأهم، أن مبادرة ميقاتي حصلت على دعم خارجي يرجح أن يكون فرنسياً.

إلا أن بعبدا متمهلة في إعلان أي موقف من المبادرة، في انتظار تبيان ما إذا كانت “طبخة بحص أم مسعى حقيقياً للتعاون”، على أن يعطي عون جواباً لميقاتي في لقاء يعقد اليوم.

وتردد أن ميقاتي عاد إلى صيغة التعديل الوزاري المحدود مع تبديلات من جانبه طالباً من الرئيس عون إبداء ملاحظات، فيما رفض الأخير إعطاء رأي سريع على أن يصار إلى التواصل لاحقاً، علماً أن الجميع، وفي كل المواقع، يحاذرون التعامل بإيجابية مع الطرح، ويعتقدون أن المشكلات التي حالت دون تشكيل الحكومة سابقاً لا تزال قائمة، ما يثير شكوكاً في جدية ميقاتي.

أضف إلى ذلك أن ميقاتي نادراً ما يثبت على موقف، وآخرها أول من أمس عندما قال أمام كل الوزراء إنه مستعد لإبقاء الحكومة كما هي، قبل أن يتحدث مع الرئيس أمس في تغييرات فيها تشمل وزيرين عرض على رئيس الجمهورية تسمية اثنين مكانهما، علماً أن الاثنين من حصة عون أساساً.

ونقلت صحيفة “الأخبار” عن مصدر متابع أن ما عرضه ميقاتي لا يظهر جدية من قبله، وإنه كان يفترض به طلب تعويم الحكومة الحالية كما هي، وعدم البحث في تعديل يعرف مسبقاً أنه سيضر بالتركيبة السياسية.

وأوضح المصدر أن “أزمة الثقة” عميقة جداً بين عون وميقاتي، وأن الأخير لم يبادر إلى أي خطوة لترطيب الأجواء، متسلحاً بدعم من الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط.

وفي بعبدا، ثمة اعتقاد بأن وراء “تراجع” ميقاتي فقدانه الأمل من إمكان الرهان على اجتهاد دستوري أعده الخبير في القانون الدستوري الدكتور حسن الرفاعي يمكن الحكومة المستقيلة من ممارسة مهام رئاسة الجمهورية، في مقابل اجتهادات مقابلة تدحض هذا الأمر.