الجمعة, ديسمبر 5, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةشريط الاحداثالفصائل لا تشتري رواية السوداني: وسْم المقاومة بالإرهاب مُتعمّد

الفصائل لا تشتري رواية السوداني: وسْم المقاومة بالإرهاب مُتعمّد

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

|فقار فاضل|

بغداد | شهدت الساحة السياسية في بغداد، أكبر هزّة لها منذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني عام 2022، وذلك بعد نشر الجريدة الرسمية لائحة تضم 24 كياناً «إرهابياً» تشمل «حزب الله» اللبناني وحركة «أنصار الله» اليمنية. ولم يستغرق الأمر سوى بضع دقائق، حتى بدأت ردود فعل غاضبة تخرج من «البيت الشيعي»، لترفع مستوى الضغط إلى ذروته، قبل أن تتراجع الحكومة وتعلن أن إدراج الحزب والحركة كان «خطأً» سيتم تصحيحه.

وبدت المؤسسات العراقية، إثر انتشار الخبر، في حالة فوضى مركّبة؛ إذ أعلنت لجنة «تجميد أموال الإرهابيين» أن اللائحة نُشرت «قبل تنقيحها»، وأن الموافقة العراقية التي جاءت بناءً على طلب من الحكومة الماليزية، اقتصرت على أسماء مرتبطة بـ»داعش» و»القاعدة». كما تدخّل محافظ البنك المركزي بإصدار كتاب عاجل يطالب بحذف الفقرات التي شملت «كيانات أُدرِجت خطأ». إلا أن هذا الاستدراك لم يمنع موجة الغضب التي كانت قد انفجرت، بعدما اعتبرت الفصائل أن إدراج الحزبَين لا يمكن أن يكون مجرّد «هفوة تقنية».
وبدأ هجومَ الفصائل، القياديُّ في حركة «حقوق» التابعة لـ»كتائب حزب الله»، حسين مؤنس، الذي وصف الحكومة بأنها «مرتعشة وتابعة»، ثم لحقت به فصائل أخرى، بينها «النجباء» التي عدّت الخطوةَ «خيانة سياسية». لكنّ اللافت كان دخول أصوات أكثر حدّة على الخط؛ إذ قال النائب حسن سالم، في تصريح له، إن «حزب الله وأنصار الله أشرف الناس وأطهر الناس وأنبل الناس. فمن لا يدافع عنهم فهو فاقد الكرامة والغيرة والشرف، وعندئذٍ لا تنفع الكرسي أمام محكمة الجبار المنتقم. من رضيت عنه أميركا فوجهه أسود بالخيانة والعمالة».
ومع تصاعد السجال، أكّد قيادي بارز في أحد الفصائل، لـ»الأخبار»، أن ما حصل «ليس خطأً بريئاً»، مضيفاً أن «السوداني سيُحاسَب على مواقفه التي انتهكت السيادة وميوله إلى (الرئيس الأميركي، دونالد) ترامب، ومبعوثيه، وجلوسه معهم لكسب ولاية ثانية. هذا ليس دهاءً سياسياً بل تملّق سيدفع ثمنه قريباً… وهو لا يمثّل الشيعة ولا الحكومة العراقية، ومواقفه الأخيرة جعلته صغيراً في عين الشعب». واعتبر أن «قصة تأييد السوداني لترشيح ترامب لجائزة نوبل ستبقى وصمة في تاريخ الرجل لدى جمهور المقاومة».
ومع توسّع الهجوم عليه، اضطر مكتب رئيس الوزراء إلى إصدار بيان أكّد فيه أن ما نُشر «لا يعكس موقف الحكومة»، مبيّناً أن «الخطأ ناجم عن إدراج غير مُنقّح»، مدافعاً بأن «موقف العراق السياسي والإنساني تجاه لبنان وفلسطين مبدئي وغير قابل للمساومة». كما وجّه السوداني بفتح تحقيق ومحاسبة المسؤولين عن الخطأ.

إلا أن هذا البيان بدا محاولة لاحتواء ضرر كبير لا يمكن إخفاؤه، خصوصاً أن الرواية الرسمية لم تُقنِع الفصائل، التي رأت أن ما جرى «يكشف ميلاً سياسياً مُقلِقاً» لدى رئيس الحكومة. ويقول الباحث السياسي، علي القاسم، لـ»الأخبار»، إن ما حدث «يتجاوز الأخطاء الإدارية. نحن أمام انفجار خفيّ لصراع داخل الإطار التنسيقي حول مستقبل السلطة». ويشير إلى أن «فصائل بارزة تعتقد أن السوداني اقترب كثيراً من واشنطن خلال الأشهر الأخيرة، سواء في ملف الوجود العسكري الأميركي أو التفاهمات الاقتصادية. وهذا يُقلِق أطرافاً أخرى ترى في أي تقارب مع الولايات المتحدة تهديداً للنفوذ الإيراني وحجمه داخل الدولة».

ويرى مراقبون أن مرور قرار كهذا، ولو عن طريق «الخطأ»، يكشف مستوى «التداخل والارتباك» بين السياسات العراقية والضغوط الأميركية والإقليمية. ويعتقد هؤلاء أن الأزمة لن تبقى محصورة في ملف «القائمة الإرهابية»، بل ستمتدّ إلى مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة، ومحاولات السوداني المحافظة على تحالف قوي داخل «الإطار»، إضافة إلى تأثيرها على علاقة بغداد بالفصائل التي تشكّل جزءاً أساسياً من توازن السلطة.

ويعتبر مدير مركز «النواة للدراسات الديمقراطية»، محمد الفلاحي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الخطوة التي أثارت الجدل ليست وليدة اليوم، بل تعود في أصلها إلى إجراءات أُعدّت قبل نحو سنتين، لكن نشرها في هذا التوقيت لا يخلو من دلالات ترتبط بحساسية المرحلة، وبحجم الصراعات الداخلية وحملات التسقيط السياسي المتبادلة». ويشير إلى أن «الفصائل المسلّحة تواجه نظرة سلبية راسخة لدى الدول الغربية والولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه يجري العمل على مشروع إقليمي – دولي يهدف إلى تقليص حضور تلك الفصائل في الشرق الأوسط، وفي العراق تحديداً، عبر الدفع نحو تجريدها من السلاح أو تحجيم دورها».

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img