السبت, ديسمبر 6, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةاقتصادلماذا يهيمن الدولار الأميركي على النظام المالي العالمي؟

لماذا يهيمن الدولار الأميركي على النظام المالي العالمي؟

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

يُشكّل الدولار الأميركي منذ أكثر من سبعة عقود العمود الفقري للنظام المالي العالمي، إذ تُستخدم العملة الأميركية في نحو 90% من معاملات الصرف الأجنبي، وتُسعّر بها النسبة الأكبر من التجارة الدولية، بما في ذلك 74% من تجارة آسيا و96% من تجارة الأميركتين، فيما تشكّل 58% من احتياطيات البنوك المركزية حول العالم.

لكنّ هذه الهيمنة التي منحت الولايات المتحدة قدرة هائلة على الاقتراض بتكلفة منخفضة، وأدوات مالية لفرض العقوبات على خصومها، تواجه اليوم تحديات متصاعدة قد تُغيّر موازين القوى الاقتصادية في العالم.

فوائد الهيمنة الأميركية

توضح ليل برينارد، الزميلة في مركز بساروس بجامعة جورجتاون، في مراجعتها لكتاب الاقتصادي كينيث روغوف “دولارنا.. مشكلتك” (Our Dollar, Your Problem)، أن هيمنة الدولار تقلّل من تقلبات الأسعار في التجارة الأميركية وتمنح واشنطن نفوذاً سياسياً واقتصادياً فريداً.

وترى برينارد أن ما يحافظ على قوة الدولار ليس فقط حجمه في الأسواق، بل أيضاً القصور الذاتي الاقتصادي الذي يجعل الأنظمة المالية مترددة في التغيير، إضافة إلى متانة المؤسسات السياسية والمالية الأميركية مثل الاحتياطي الفيدرالي والخزانة.

خطر السياسات الأميركية على مكانة الدولار

إلا أنّ برينارد تحذر من أن السياسات الأخيرة، خصوصاً الحروب التجارية التي أطلقتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، قد تُقوّض تدريجياً هذه المكانة، إذ استهدفت الإدارة مؤسسات الاستقرار المالي، وشككت في استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، ما جعل الدولار أقل جاذبية عالميًا.

وتشير الكاتبة إلى أن استمرار مثل هذه السياسات، إلى جانب ارتفاع الدين القومي الأميركي الذي يتجاوز 100% من الناتج المحلي الإجمالي، قد يؤدي إلى ارتفاع كلفة الاقتراض وانخفاض الثقة في السندات الأميركية، وبالتالي تراجع قدرة واشنطن على تمويل سياساتها العالمية.

تحديات بدائل الدولار

ورغم أن اليورو واليوان الصيني يقدمان نفسيهما كبدائل محتملة، إلا أن أياً منهما لم يمتلك بعد المقومات الكاملة لانتزاع الصدارة من الدولار. فمنذ إنشاء منطقة اليورو عام 1999، انخفضت حصة الدولار من الاحتياطيات العالمية من 71% إلى 58% فقط، بينما احتفظ اليورو بنسبة 20%.

ويحذّر روغوف من أن تراجع الثقة بالمؤسسات الأميركية وتنامي الابتكارات المالية العالمية، ولا سيما في أنظمة المدفوعات الرقمية، قد يفتح الباب تدريجياً أمام نظام متعدد العملات يُنهي هيمنة الدولار الأحادية.

عواقب محتملة لتراجع هيمنة الدولار

تُبيّن الكاتبة أن تآكل مكانة الدولار سيُكبّد واشنطن تكاليف اقتصادية هائلة، إذ سترتفع الفوائد على الديون الفيدرالية، وتتراجع قدرة الحكومة على تمويل إنفاقها العام والعسكري، ما قد يُقيد خياراتها السياسية ويُضعف نفوذها العالمي.

وتخلص برينارد إلى أن الحفاظ على “امتياز الدولار” يتطلّب سياسات مالية منضبطة، واحترام استقلال المؤسسات النقدية، وتجنّب تسييس أدوات القوة الاقتصادية، لأن أي إخلال بهذه المعادلة قد يفتح الباب أمام عالم مالي جديد لا تكون فيه الولايات المتحدة اللاعب المهيمن كما كانت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img