| ناديا الحلاق |
تتواصل فصول قضية مياه “تنورين” التي شغلت الرأي العام اللبناني في الأيام الأخيرة، بين تأكيدات الشركة نظافة منتجاتها، وإصرار وزارة الصحة على أن إجراءاتها جاءت لحماية صحة المواطنين، وسط تضارب في الروايات حول طريقة سحب العينات ودقة الفحوص المخبرية.
القضية التي بدأت بقرار رسمي يحمل الرقم 1931/1 بتاريخ 13 تشرين الأول 2025، أصدره وزير الصحة العامة بالوكالة، قضت بوقف شركة “تنورين” عن تعبئة مياه الشرب وبيعها في الأسواق، بعد ورود نتائج أولية تشير إلى وجود تلوث في إحدى العينات التي تم تحليلها.
رد الشركة: نتائج غير دقيقة وعينات غير قانونية
في مؤتمر صحفي عقده رئيس مجلس إدارة مياه تنورين جورج مخول، أكد أن العينة التي بُني عليها القرار لم تسحب وفق الأصول وأنه لم يكن أي ممثل عن الشركة حاضراً أثناء عملية السحب.
وأشار إلى أن الفحص الذي استندت إليه الوزارة أُجري في مختبر غير متخصص بالمياه، ما يجعل نتائجه غير دقيقة ولا يمكن اعتمادها كأساس لاتخاذ قرار بهذا الحجم.
وزارة الصحة: نفذنا واجبنا بعد تعذّر سحب العينات من المصدر
أما من جهة وزارة الصحة، فقد كانت الصورة مختلفة تماماً قبل أيام قليلة.
في تحقيق صحفي أجراه موقع “الجريدة” قبل نحو عشرة ايام تقريباً، أكدت الوزارة حينها بوضوح أنه “لم ترد إليها أي شكاوى تتعلق بشركة تنورين، وأن مياهها تُصدَّر إلى الخارج وتخضع بصورة دورية للفحوص المطلوبة”.
غير أنّ المشهد اليوم تبدّل جذرياً. فالوزارة كشفت لموقع “الجريدة” أنّها كانت تتابع الملف بهدوء منذ فترة غير قصيرة، وقد أوفدت فرقاً رقابية إلى نهر تنورين لأخذ عينات مباشرة من المصدر، إلا أنّ المراقبين مُنعوا من تنفيذ مهمتهم في الموقع، ما اضطرهم إلى اللجوء إلى الأسواق وجمع عينات من عبوات المياه المطروحة للبيع لإجراء التحاليل المخبرية عليها.
وبعد إجراء التحاليل المخبرية، تبيّن وجود مؤشرات تلوث في إحدى العينات، فتم رفع التقرير إلى الوزير المعني الذي وقّع القرار القاضي بوقف الشركة مؤقتاً عن التعبئة والبيع إلى حين استكمال الفحوص.
وحول ما إذا كانت الوزارة ستقوم بإجراء فحوصات على أنواع أخرى من المياه في الأسواق اللبنانية، أكدت الوزارة لموقع “الجريدة” أنّها ستباشر خلال الأيام المقبلة بسحب عينات من مختلف الأصناف والعلامات التجارية، للتأكد من مطابقتها للمواصفات الصحية، وضمان سلامة ما يعرض للمستهلك اللبناني.
وأوضحت الوزارة أنّ هذه الخطوة تأتي في إطار خطة وطنية شاملة لمراقبة جودة مياه الشرب المعبأة في لبنان، بعد تزايد الشكوك والمخاوف لدى المواطنين على خلفية قضية “مياه تنورين”.
وتهدف الحملة، بحسب الوزارة، إلى “استعادة ثقة الرأي العام بسلامة المنتجات الغذائية والمياه المعبأة، ووضع حدّ لأي التباس أو تضارب في المعلومات التي تتداول على وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي”.
كما شددت الوزارة على أنّ الفرق الرقابية ستعمل وفق آلية دقيقة وموحدة تشمل سحب العينات من مصادر مختلفة من نقاط التعبئة، ومن المستودعات، ومن الأسواق، وإحالتها إلى مختبرات معتمدة متخصصة في فحص جودة المياه.
وستعلن نتائج هذه الفحوص بشفافية فور صدورها، مع اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أي جهة تظهر النتائج مخالفتها للمعايير المعتمدة.
وأكدت “الصحة” أنّ “سلامة المياه والغذاء هي من أولوياتها القصوى، وأن أي شركة مهما كان اسمها أو حجمها في السوق ستكون خاضعة للرقابة الصارمة من دون استثناء، لأن حماية صحة المواطن فوق كل اعتبار”.
