الخميس, ديسمبر 25, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةسياسةمهمّة برّاك: تطبيع.. أو.. وصاية جديدة؟

مهمّة برّاك: تطبيع.. أو.. وصاية جديدة؟

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| جورج علم |

– من هو توم برّاك؟
– شخصيّة دبلوماسية محترفة، تابع عن بعد ملف لبنان منذ أن أذنت الإدارة الأميركيّة للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بدخول قواته لوقف الإشتباكات في لبنان.

ليس بطارىء، ولا هو رجل الصدفة، بل الخبير المتمرّس الضليع في العناوين والتفاصيل. يعرف البلد منذ أن وضعته الإدارة الأميركيّة تحت الوصاية السوريّة، منتصف سبعينات القرن الماضي. ويعرفه عندما وضعت إدارته حدّاً للوصاية السورية في نيسان 2005. ويعرفه عندما خرجت الميليشيات من حصونها، لتتسلم مقدرات الدولة، والمؤسسات، بعد الطائف، وتمعن فيها نهباً، وفساداً، وتقاسم حصص، ومربعات نفوذ.
إنتدبه الرئيس دونالد ترامب لمهمة في لبنان، لأنه يعرف البلد، وطبائع أهله، وزواريبه السياسية، والطائفيّة، والمذهبيّة. وكونه يعرف، جاء لإنجاز مهمّة لم تتضح معالمها لغاية الساعة، هل هي لوضع هذا الكيان على طريق التطبيع، أم تهيئته لوصاية جديدة، وإنتداب جديد ؟

يتحدّث الكلام المباح عن حصريّة السلاح. المشوار أبعد بكثير، لا يصرف برّاك إهتمامه بخطاب خشبي، وقناعات مكعّبة بباطون مسلّح. مشواره لا يتوقف عند تقاطعات معروفة الأبعاد، والخلفيات، ومن يقف وراءها، وما هي الأغراض منها؟
ويبقى السلاح حديث الساعة. هذا صحيح. ولكن ماذا بعد؟ وإلى أين تتجه الأمور؟ وماذا بعد الردّ على الردّ؟ وإلى متى ستستمر هذه المسرحيّة ـ الملهاة؟ وكيف؟ ومتى ستنتهي؟

لا جواب لدى بعض دول “الخماسيّة” العربيّة – الدوليّة التي أسهمت سابقاً في تحرير مؤسسات الدولة من قبضة الفراغ.
ولدى هذا البعض ملاحظات.

الأولى: هناك عتب على رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، وحكومة نواف سلام، بتجاهل “الخماسية”، والمساهمة في إنهاء دورها، أو الحدّ من طاقاتها المسعفة والمساندة. كان يفترض على الأقل أن يبقى سفراؤها المعتمدين، على شرفة الأحداث والتطورات. إجتماعات شبه دوريّة في القصر الجمهوري، أو في السرايا الحكومي، ولو من باب التشاور، وتبادل الأفكار… ولكن ما يحصل الآن، فرديّ، ووفق همّة كل سفير يريد أن يضع حكومة بلاده في أجواء المستجدات.

الثانية: يتجاهل برّاك “الخماسيّة” تماماً، عكس ما كان الأمر أيام آموس هوكشتاين الذي كان يحرص على لقاء سفرائها، في كلّ مرّة كان يزور فيها بيروت.ويبدو أن القرار متخذ على مستويات رفيعة داخل الإدارة الأميركيّة. وعندما يصرّ ترامب على شعار “أميركا أولاً” في العالم، فإنه يريده في لبنان “أميركا أولاً.. ولا أحد سواها”.

الثالثة: تريد إدارة ترامب إخراج لبنان من الدائرة الرماديّة. تريده في المحور الأميركي بالمطلق، ومن دون تردّد. لا منزلة وسط عندها بين المنزلتين، فإما تابعاً لمحورها الناشط في المنطقة، والذي له إستراتيجيته، وأولوياته. وإما مع المحور الآخر، حيث يريده “حزب الله” أن يكون. وهذه مسألة معقدة للغاية، خصوصاً إن طلاّب “الحياد الإيجابي” للبنان، قد أتهموا سابقاً بأنهم عملاء، وإنهزاميّون، ومتآمرون…

الرابعة: يعرف برّاك أنه يطالب العهد بما لا قدرة له على تحقيقه. يطالبه بحصر السلاح ضمن مهل زمنيّة، وليس من وسيلة لدى الحكومة سوى الحوار، والحوار هذا، لم يؤد لغاية الساعة إلى إقناع “حزب الله” الذي له مقاربته الخاصة لمسار التطورات في الجنوب، والبقاع، وعلى طول السلسلة الشرقيّة، وفي سوريا، وفي إيران أيضاً بعد حرب ال12 يوما، وما خلّفته من تداعيات خطيرة لم تنته فصولاً بعد.

أما الأفكار الأميركيّة، والردّ عليها، والردّ على الردّ، تبدو وكأنها معلّقات في الهواء. والحال ليست كذلك. هناك أساسات يبنى عليها في الدوائر المقفلة، ولم تتوافر لها بعد الظروف المساعدة، للخروج من الشرنقة.
المسار الدبلوماسي لم يحقق لغاية الساعة الخرق المطلوب، وإن كان يشكّل الخيار الوحيد المتاح، والذي يصرّ عليه العهد، لأن المسار الآخر يعني نحر لبنان من الوريد إلى الوريد.

اللجوء إلى القوّة لحصر السلاح، يعني حرباً أهليّة. ويعني وضع المؤسسات الأمنية والعسكريّة أمام مفترق، فإما الثكنات، أو التفكّك. وهذا أمر يعرفه برّاك. وتعرفه إدارته، وجميع الدول التي يهمّها أمر لبنان الواحد الموحّد.
يمكن لبرّاك أن يساعد على حصر السلاح، من خلال واشنطن، بإرغامها “إسرائيل” على وقف إعتداءاتها، وانسحابها من الأراضي اللبنانيّة، لكنه يقول، وبالفم الملآن، إن إدارته لا تستطيع أن ترغم “إسرائيل”!

ما أعلنه غير مقنع، لأنه غير صحيح. ذلك أن الولايات المتحدة وحدها القادرة أن تملي كما تريد، وساعة تريد، كونها تشكّل الرئة التي تزوّد الكيان الغاصب بما يحتاج من أوكسجين، للبقاء والإستمرار.

وفي زمن التحولات الكبرى التي تشهدها دول وكيانات في المنطقة، بعد الحرب الإسرائيلليّة ـ الأميركيّة ضدّ إيران، وتكرار المشاهد المؤسفة في الداخل السوري، يبدو دور برّاك – الملم بتاريخ لبنان الحديث – أبعد من حصريّة السلاح. كان شاهداً على الأحداث عندما وضعت الإدارة الأميركيّة سابقاً لبنان تحت الوصاية السوريّة. الآن ينتقل من موقع الشاهد إلى موقع الضابط التنفيذي لوضع لبنان أمام خيارين:
• تطبيع، وبموافقة جميع المكونات. وهذا ما يبدو مستحيلاً.
• وصاية جديدة، ربما تكون دوليّة هذه المرّة، سواء عن طريق تغيير مهام “اليونفيل”، أو عن طريق قوات متعددة الجنسيات!

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img