| غاصب المختار |
استدركت القيادات اللبنانية، السياسية والروحية والأمنية، ولو متأخرة قليلاً، انعكاسات الأحداث الدموية الطائفية في مناطق السويداء ودرعا بالجنوب السوري، بعدما اكتفت في بدايتها بمعالجة ذيول أحداثَ تعدٍّ متفرقة وقطع طرقات هنا وهناك. وكان الأولى بالقيادات الروحية السنّية والدرزية، بشكل خاص، المبادرة فور بدء المعارك بين بعض فصائل دروز السويداء وعشائر العرب المسلحين، إلى عقد لقاءات في مناطق التوتر، حيث الاختلاط بين الطرفين، وبخاصة في البقاع وبعض مناطق الجبل، لا سيما بعد صدور دعوات من هنا وهناك للمشاركة في القتال كلٌّ إلى جانب طائفته، ولو أنها دعوات فردية غير واسعة صادرة عن بعض المتطرفين المتعصبين، لكنها قد تلقى صدى لدى بعض الموتورين وضعفاء النفوس والمهيئين للإنخراط في الفتنة نتيجة التعبئة الطائفية والمذهبية على مدى سنوات طوال من الخلافات اللبنانية الداخلية.
وعلى الرغم من الاستدراك المتأخر عدة أيام بالاتصال الذي جرى بين مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وبين شيخ عقل الموحدين الدروز الدكتور سامي أبي المنى، فإن مالاصدرعن الاتصال من معلومات تؤكد على منع الفتنة، ساهم في تبريد الأجواء، وظهر ذلك في اللقاء الذي عقد السبت، في دار إفتاء البقاع، بين وفد من “الحزب التقدمي الاشتراكي” ومشايخ راشيا مع وفد من العشائر العربية، وتم خلاله الاتفاق على رفض الفتنة والعمل المشترك لمنع اي توترات.
لكن تبقى العبرة في المتابعة على الأرض، عبر لجان قادرة على لجم أي حادث فردي مخافة أن يتطور ويتوسع في المكان والزمان.
لكن بالتوازي، يفترض أن تشتمل المتابعة الميدانية على رصد المجموعات المتطرفة من هذا الطرف أو ذاك، وهذه مهمة مخابرات الجيش والأمن العام وأمن الدولة وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، فلا زال الاحتقان قائماً لدى هؤلاء المتطرفين نتيجة الارتكابات الشنيعة التي حصلت خلال المعارك من قبل الطرفين في سوريا. عدا ظهور مواقف من بعض الشخصيات اللبنانية الاسلامية تعلن على الملأ دعمها للرئيس السوري أحمد الشرع في كل إجراءاته، وتدعو لنصرته ظالماً أو مظلوماً، مع أن بعض القوى الدرزية والمستقلة السورية وجّهت له تهمة مشاركة قواته في الارتكابات التي حصلت خلال دخولها إلى السويداء بحجة وقف الاشتباكات، لكنها وقفت طرفاً ضد طرف، ما دفع إلى المطالبة بسحبها فوراً، وهذا ما حصل، ولو تحت ضربات طيران الاحتلال الاسرائيلي الذي استغل الاتهامات ودخل على خط تأجيج الفتنة من جهة، واستهداف القوات النظامية السورية لإضعاف قوتها وتدميرها نهائياً، لمنع خطرها مستقبلاً على احتلاله مناطق واسعة جنوب سوريا.














