| غاصب المختار |
لم يعد من مجال للشك أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وعبر موفدها آموس هوكشتاين، تواكب وتدعم القرار الإسرائيلي بالتفاوض مع لبنان تحت ضغط النار والمجازر والتدمير، ومحاولات احتلال ولو قرية صغيرة عند الحد الجنوبي لتثبيت إنجاز ما عجزت عنه طيلة سنة ونيّف.
ولعل الأميركي والإسرائيلي أدركا أن الضغط على الرئيس نبيه بري بصورة خاصة “ما بيمشيش معه”، فأعاد الحديث عن مسودة اتفاق جديد يمكن أن تلبي بإعتقاده بعض مطالب لبنان حول وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701. لكن المسودة الجديدة، وإن كانت تلبي بعض المتطلبات اللبنانية، إلّا انها تقترح شروطاً ومقترحات لم يمشِ بها لبنان بانتظار تبلور رد “حزب الله” النهائي.
وبما أن رد الحزب السياسي لم ولن يعرف قبل يومين أو ثلاثة، فإنّ طبيعة المعركة والمواجهات اليومية في قرى الجنوب الأمامية بين قوى المقاومة وقوات الاحتلال، تشير إلى أن الضغط بالنار ما زال قائماً، وأن الرد سيكون محكوماً بما يحققه الميدان العسكري لا الغارات العشوائية المعادية التي تُدمّر الحجر ولكن لم تدمر عزيمة البشر في لبنان. وهو الميدان الذي يصيب العدو بخسائر يومية تجعله عاجزاً عن فرض شروطه طالما أن القتل العشوائي لم يحقق مراده، وبخاصة القصف الجوي العنيف على الضاحية ومؤخراً على منطقة الغبيري ـ الشياح حيث معقل حركة “أمل” وجمهورها.
وبحسب معلومات عضو كتلة التنمية والتحرير رئيس لجنة الشؤون الخارجية النيابية النائب فادي علامة، فإن ما تسرب من ورقة هوكشتاين يشير بالتفصيل إلى ما هو المطلوب من لبنان، بينما لم يُشر بالتفصيل إلى ما هو المطلوب من الكيان الإسرائيلي، سوى طلب التزامه بوقف الخروقات للقرار 1701، مع إعطائه الحق بالقيام بعمل عسكري ضد لبنان في حال ارتأى من جانبه أن هناك ما يهدد أمنه، وهذا مطلب فضفاض في تفسيراته ولا يقبل به لبنان.
وقال علامة لموقع “الجريدة”: “معلوماتي أن هناك ورقة، أو مسودة جدية هذه المرة لوقف الحرب، ولكن العبرة بالتنفيذ والخواتيم كما قال الرئيس بري. لكني شخصياً لا أثق بالإسرائيلي وما يمكن أن يلتزم به بعد التجارب الكثيرة التي حصلت في غزة لوقف إطلاق النار وأفشلها نتنياهو.
أضاف: “هناك تفاصيل دقيقة في الورقة ما زالت قيد البحث عند الرئيس بري، منها مثلاً ما يتعلق بتركيبة اللجنة التي ستشرف على وقف إطلاق النار ومراقبة تنفيذه، فلم يعرف بعد هل ستضم مراقبين من فرنسا وأميركا فقط أو من دول أخرى كما قيل. وهناك مطلب الاحتلال بحرية الحركة العسكرية لاحقاً، وهناك مطالب للبنان بضمانات، لا سيما بتقييد حرية حركة الكيان الإسرائيلي العسكرية، وهي حركة تنتهك سيادة لبنان، وكل أمر مشابه ينتهك السيادة مرفوض بالتأكيد، وهو ما يعرفه المفاوض الأميركي. فهل يُلزم به إسرائيل”.
لذلك، يرى النائب علامة أن المهم ما يخطر ببال نتنياهو وتوجهاته المبطنة، وهل ستكون المرحلة الفاصلة عن تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مرحلة لاستمرار الضغط بالنار، بعدما أعطى، هو والرئيس بايدن خلال لقائهما المطول يوم الأربعاء، دفعاً لهوكشتاين لمواصلة مهمته بوقف الحرب، من تحديد سقف سياسي واضح ومهلة زمنية لهذه المهمة؟
كل هذه المطالب الإسرائيلية المرفوضة ما زالت هيّنة عند مطلب الاحتلال تفريغ مناطق الجنوب الحدودية من أبنائها، مدنيين ومقاومين، عبر مطلب إقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان بعمق بين 2 و5 كيلومتر، من دون تراجع جيش الاحتلال مسافة مماثلة. وبرأي بعض المتابعين، فإن هذا المطلب، إذا اصرت عليه “إسرائيل” قد ينسف كل الاتفاق.
فهل يعي الأميركي خطر ما تطلبه “إسرائيل”؟ وهل يمشي معها بهذا المطلب؟ وهل يحقق هذا الأمر لإدارة ترامب الجديدة ما تسعى إليه من تصفير الحروب في الشرق الأوسط؟